العملاء بين التساقط والسقوط
لا شك أن التجسس والاستخبارات ركن مهم في العقيدة الصهيونية .. والكشف عنها لا يشكل مفاجأة .. ولكن المفاجأة تكمن في ازدهارها وتحولها إلى ظاهرة .. وبلوغ الساقطين فيها حدودا?ٍ غير مسبوقة..
فمنذ انطلاق الحملة اللبنانية على شبكات التجسس في نيسان (ابريل) 2009 وحتى تاريخه أحصت السلطات اللبنانية أكثر من 100 حالة تجسس لحساب العدو ..وأوقفت أكثر من 150 شخصا?ٍ.. منهم من يعود تاريخ عمالته إلى أربعة عشر مضت ( شربل قزي ) ومنهم إلى ثلاثة عقود – منذ مطلع الثمانينات وحتى لحظة القبض عليه!!
وأما في غزة فقد ضرب العملاء أكثر من مقتل .. مما اضطر وزارة الداخلية إلى إطلاق “الحملة الوطنية لمواجهة التخابر ” بدأت بفتح باب “التوبة” للعملاء والمتعاونين مع الاحتلال لمدة شهرين من ( 8/5- 10/7/2010 ).. وبعد انتهاء مهلة التوبة ..تم قبل أيام (23/9/2010 ) الكشف عن جانب من شبكات التجسس ونماذج من اعترافاتهم التي أكدت ولوغهم بجرائم التعامل مع العدو والتجسس لصالحه وتقديم معلومات أمنية سرية تمس بالأمن القومي والشخصي والاجتماعي والأخلاقي..
لقد كشف هذا التساقط عن أمر محزن هو تحول “العمالة” إلى ظاهرة من سماتها المؤسفة أنها عابرة للجنسين.. وعابرة للمستويات العمرية .. وعابرة للطوائف والأديان والجغرافيا.. وعابرة للطبقات والمهن والوظائف .. فالعديد من العملاء شغلوا مواقع متقدمة ومناصب حساسة تخولهم الوصول إلى معلومات حساسة في الجيش والأمن العام [“دائرة التجسس في الجيش اللبناني” وفرع المعلومات ] ومنهم من وصل رتبا?ٍ رفيعة في الجيش والأمن (مقدم وعقيد وعميد ولواء) .. (ولا ندري إن كانت ستكشف لنا الأيام عن فريق أو مشير أو رئيس دولة).. ومنهم من كان في موقع “رئيس البث و الإذاعة في “شركة ألفا” (إحدى الشركات الحكومية الاثنتين اللتين تقدمان خدمة الهواتف الخلوية).. و احتل بعضهم مواقع سياسية متقدمة في الدوائر الضيقة المحيطة بالقيادات السياسية.. مما يثير مخاوف موضوعية من احتمالية توفير مفتاح للكشف عن مكان وجود زعامات مهمة ممن هم على رأس أولويات أهداف العدو !!
لقد كشفت اعترافات العملاء حتى تاريخه عن جملة من المفارقات الغرائبية منها:
• سرعة الانهيار والاعتراف وتقديم معلومات وصفها المتحدث باسم داخلية غزة ( بكنز المعلومات الثمين).. !!
• أحد العملاء الكبار اعترف بأن عمالته ممتدة ومتصلة منذ مطلع الثمانينات ? وحتى ساعة القبض.. إلا أنه ادعى “عدم تقديمه أي معلومات جدية للاسرائيليين”.. كما زعم “محاولته تضليلهم “. !!
• موقوفة أخرى بتهمة التخابر زعمت أنها “سبق لها أن قامت مع زوجها بعملية محاولة خطف إسرائيليين لمبادلتهم بأسرى? لصالح إحدى المنظمات الفلسطينية .!!
• عميل آخر عمل مسؤولا في أحد التنظيمات الحزبية قبل أن يستقيل قبل اشهر قليلة من الكشف عنه. !!
• أحدهم ضابط وجد في “سجله ” حكم وجاهي أصدرته المحكمة العسكرية الدائمة بتاريخ (11/11/ 2004 ) يقضي بسجنه عشرة أيام واستبدالها بـ 100 ألف ليرة غرامة “لإقدامه على إهمال الوظيفة ومخالفة التعليمات العسكرية”!!
• عميل كبير تولى قيادة (“فرع مكافحة الإرهاب والتجسس” في الجيش اللبناني) .. ولسنوات طويلة
ولكن بالرغم من العديد من المفارقات فإن ما يجمع بين هؤلاء العملاء على اختلاف مواقعهم وشرائحهم أن جميعهم قدموا خدمات جليلة للعدو.. في عدة مجالات منها: جمع المعلومات الأمنية عن أشخاص ومواقع و تجهيز معلومات لبنك الأهداف الصهيوني ? وتنفيذ مهام إجرامية بتوجيهات مباشرة من مخابرات العدو ? ومحاولات عديدة لاختراق فصائل المقاومة.. وجمع معلومات تفصيلية عن مسؤوليها .. ( كما لخصها الناطق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة)!!
إن ما فره العملاء من كنز معلوماتي مكن العدو من استهداف عشرات القيادات ومئات البيوت .. وآلاف الضحايا من الأطفال والنساء الأبرياء .. ناهيك عما قام به بعضهم من تجنيد عملاء آخرين وإسقاطهم حتى وصل بهم السقوط الأخلاقي إلى اختراق عائلاتهم وتجنيد شقيقاتهم..
ونستدل على هذا السقوط الأخلاقي ببعض ما جاء في بيان “عملاء الموساد” ( بيان رابطة العاملين في الفرع الأمني الإسرائيلي – الجواسيس الصادر بتاريخ 20/9/2010 ) …فالبيان يسمي فصائل المقاومة والعمل الوطني الفلسطيني بـ” التخريبية ” ويدينها بالخيانة العظمى .. ومن ثم المطالبة [ بـ “طرد ” فصائل العمل الوطني .. لأنهم سبب الفوضى في الساحة الفلسطينية. ويذهب بعيدا?ٍ في الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي باعتباره [” نعيما ” و” فردوسا ” من الجنة .. وأن “الحكومة الإسرائيلية” هي الوحيدة التي تؤمن لنا الحياة والمعيشة الكريمة “] .. وأمهل البيان “الحكومة الفلسطينية” حتى 30 / 9 / 2010 لإطلاق سراحهم … وإلا ” فإننا سوف نقوم بإيلامكم بضرباتنا والتي سيتم تركيزها على مؤسساتكم كما إننا سوف نعتبر كل من ينتمي للفصائل التخريبية هدفا لنا سيتم ملاحقتة وقتلة بتهمة قتل زملائنا بدون وجه حق.. كما إننا لن نتأخر عن