ثقة الكاتب.. بين الن?قد والهجوم
يقول الر?وائي? الليبي إبراهيم الكوني على صفحات رائعته الر?وائي?ة (من أنت?ِ أي?ها الملاك?): ” لا أريد أن أطعمك أوهام?ٍا كما يفعل الكثيرون في مهنتنا هذه? ولكن? اليقين أن? فرصة التوفيق في قضي?تك لن تزيد على الخمسين في المائة مهما استنجدت بالمنطق? ومهما استجرت بما ت?ْسميه الحقيقة العارية. أم?ا نسبة الإخفاق فلن تقل? عن الخمسين في المائة أيض?ٍا? أي أن? الفرصة م?ْتساوية? كما ترى? مثلها مثل ك?ْل? م?ْغامرة!” . والكتابة هي الأخرى قضي?ة ك?ْبرى? وم?ْغامرة?َ هائلة?َ لا شك? فيها? ولا يسع?ْنا أن نتوق?ع توفيق?ٍا نقدي?ا أو جماهيري?ا يتفو?ق على نسبة الخمسين بالمائة لأي? إصدار?ُ نخوض م?ْغامرة نشره مهما بذلنا أقصى ما بوسعنا لأجل إبرازه في أحسن مضمون?ُ وأجمل صورة? لأن? تباي?ْن الأفكار? والث?قافات? والآيديولوجي?ات? والمبادئ? والط?بائع? فضلا?ٍ عن اختلاف الأمزجة بين ناقد?ُ وآخر? وقارئ وآخر يجعل من ات?فاقهم جميع?ٍا على جودة عمل?ُ أو رداءته نتيجة?ٍ م?ْستحيلة. ولو نق?بنا في تاريخ الأدب لما أظن?نا نجد إصدار?ٍا واحد?ٍا لم ي?ْقابل باستهانة?ُ أو هجوم مهما كث?ْر عدد الم?ْصف?قين له إيمان?ٍا بجودته. بل إن? بعض البشر قد واتته الج?ْرأة على نقد الك?ْتب الس?ماوي?ة وم?ْهاجمتها مضمون?ٍا وأسلوب?ا? الأمر الذي يجعل تلقي نص? ك?ْتب بيد البشر لهجوم?ُ بشري? قضي?ة من قضايا أرشيف الم?ْسل?مات. وأهم? من ي?ْدلون بآرائهم عن إصدار الكاتب ثلاثة نماذج من البشر:
أو?لا?ٍ: الن?ق?اد الم?ْتخص?صون:
الن?قاد الم?ْتخص?صون? يمتلكون ثقافة?ٍ شمولي?ة?ٍ عام?ة? وثقافة?ٍ أدبي?ة?ٍ خاص?ة? ومهارات?ُ نقدي?ة?ُ تؤه?لهم للتغلغل بين حروف الن?ص وفواصله? وتحليله بموضوعي?ة?ُ لا ي?ْجانبها الكثير من الع?ْمق والص?واب. وهؤلاء عددهم قليل?َ جد?ْا في وطننا العربي?? وأقل? منهم أولئك الذين يهتم?ون بنقد نص? أدبي? لوجه الأدب وحده دون اعتبارات?ُ شخصي?ة?ُ أو م?ْجاملات?ُ رافدة?ُ لعلاقاتهم العام?ة. آراء هذا الن?وع من حاملي رسالة الن?قد ت?ْقابل باهتمام?ُ واحترام?ُ شديدين من ق?ب?ٍلي ككاتبة? وأعتبر أن? ك?ْل? كلمة?ُ يكت?ْبها أحد?ْهم هي بمثابة نصيحة?ُ تستحق? من قلمي أذن?ٍا م?ْصغية? وم?ْطيعة في أكثر الأحيان. لكن في الجانب ذاته ه?ْناك ن?ْق?اد يحتاج أسلوبهم الن?قدي? إلى نقد?ُ أدبي? من جانب?ُ م?ْعاكس?ُ يقو?مه وي?ْسد?د طريقه? لأن?هم – على خبرتهم الن?قدي?ة- يجهلون الط?ريقة اللفظي?ة الص?حيحة في تقديم الن?صيحة البن?اءة للن?ص وكاتبه دون تفريط?ُ في الإشارة إلى إيجابي?اته? وإفراط?ُ في م?ْهاجمة الس?لبي?ات بطريقة?ُ قادرة?ُ على تعقيد نفسي?ة الكاتب? وتدمير ثقته بنفسه? وتنفيره من الاستمرار في الكتابة. والت?عقيد والت?دمير والت?نفير موهبة?َ ك?َبرى لا ي?ْدركها إلا الر?اسخين في الت?جريح الم?ْبط?ن? الذين يستطيعون بخمس كلمات?ُ هدم ثقة?ُ يصع?ْب هدمها بخمسين ألف?ِ صفحة ك?ْتبت بيد?ُ غير م?ْتمر?سة?ُ في الهدم حت?ى وإن كان عن ح?ْسن ني?ة. يحكي الكاتب (يوسف معاطي) أن? الن?اقد الفذ? (رجاء الن?ق?اش) رحمه الله قد قال له مر?ة?ٍ: ” إذا ات?هم ناقد مؤل?ف?ٍا بأن?ه لا يعرف الكتابة? فه?ْناك احتمالان لا ثالث له?ْما: إم?ا أن تكون تعرف الكتابة وهو يظلمك? فلا تهتم. وإم?ا أن تكون فعلا?ٍ لا تعرف الكتابة? وهذه ليس لها حل”.. ثم? ي?ْكمل (يوسف معاطي) م?ْعق?ب?ٍا بقوله: ” إنت كتبت خلاص.. ح تعمل إيه يعني?!”(1). فالن?قد يجد?ْر به أن يكون م?ْسد?د?ٍا? وم?ْقو?م?ٍا? وم?ْشج?ع?ٍا لصعود البدايات بن?ْضج? لا إسقاطها سواء?ٍ كان ذلك عن ح?ْسن أو سوء ني?ة? وح?ْسن الن?ي?ة مهما كان كبير?ٍا لا يشفع أبد?ٍا للإيذاء? لأن نتيجة الإيذاء المعنوي? تبقى (واقع?ٍا) سواء?ٍ كان ذاك الإيذاء م?ْتعم?د?ٍا أم غير م?ْتعم?د? والقتل الخطأ يتساوى مع القتل العمد في إفقادهما الإنسان حياته وعجز أي? من مقترفيهما عن رد?ها إليه بعد فواتها.
وه?ْناك ن?ْق?اد آخرون يستهويهم قصف معنوي?ات الكاتب عن سابق تصميم? وتصو?ر? وسوء ني?ة? وضحالة تهذيب? وقصور?ُ فاضح?ُ في الث?قافة والش?عور. هؤلاء ه?ْم الذين وصفتهم الكاتبة (أحلام م?ْستغانمي) بأشخاص (ي?ْمارسون الن?قد تعويض?ٍا عن أشياء أخرى) ? وهؤلاء لا يستحق?ون أكثر من الت?جاه?ْل الذي حر?ضت عليه على لسان بطل روايتها بقوله: ” سيقول ن?ْق?اد ي?ْمارسون الن?قد تعويض?ٍا عن أشياء أخرى? إن? هذا الكتاب ليس رواية? وإن?ما هذيان رجل?ُ لا علم له بمقاييس الأدب. أؤك?د لهم م?ْسبق?ٍا جهلي? واحتقاري لمقاييسهم. فلا مقياس عندي سوى مقياس الألم? ولا طموح لي سوى أن أدهشك? أنت?? وأن أبكيك? أنت?? لحظة تنتهين من قراءة هذا الكتاب”.. فالش?عور هو أساس الأدب? ومقياسه الأو?ل? ثم? تليه مقاييس الن?قد الفني?ة وما ي?ْحر?ض عليه من تقنيات أدبي?ة?ُ م?ْستمر?ة في التغي?ر والتطو?ر.
وفي الن?هاية? لا ينبغي على الكاتب أن يحمل الن?قد كل?ه على محمل الجد? دون غربلة?ُ? لأن? ذلك خليق?َ بقتل كل? حماسه الأدبي?? وأكثر شهي?ته للك