بطالة الشباب في اليمن – قنبلة موقوتة
تفجرت الأوضاع في جنوب اليمن مرة أخرى الأسبوع الماضي في شرارة جديدة للتمرد ضد الحكومة في البلاد. وقد سلطت التقارير الإخبارية الدولية الأضواء على حصار الحكومة لمعقل يزعم بأنه لتنظيم القاعدة حدث على خلفية أعمال عنف مستمرة ومناهضة للحكومة في جميع أنحاء الجنوب.
ويدعو المحللون المحليون والمراقبون الدوليون إلى التوصل إلى تسوية سياسية بين الحكومة التي يهيمن عليها الشمال من جهة والجنوبيين الغاضبين من جهة أخرى. ولكن مشاكل اليمن الهيكلية والاقتصادية والديموغرافية قد تتجاوز قدرات الحكومة? كما يقول المحللون? فالأزمتين التوأمين? أي البطالة والنمو السكاني? تهددان بتضاؤل الأمل في أن يتجه اليمن نحو مستقبل أكثر سلاما?ٍ.
في مبنى مكتبي بالعاصمة صنعاء? يجلس 20 شابا?ٍ يمنيا?ٍ في دائرة لمناقشة مستقبلهم? جميعهم في العشرينات من العمر وحاصلون على شهادات جامعية. ولكن على الرغم من حماسهم وإنجازاتهم التعليمية? إلا أن معظمهم عاطلون عن العمل. وبينما يحدث هؤلاء المتخرجون من برنامج التدريب المهني? الذي تديره مؤسسة اليمن للتدريب بهدف التوظيف? بتفاؤل عن آمالهم في العثور على عمل مجزي شخصيا?ٍ وماليا?ٍ? ولكن الإحباط كان أيضا?ٍ باد?ُ عليهم لعدم تحقيقهم أي نجاح في هذا الإطار حتى الآن.
وأحد هؤلاء طالب حاصل على درجة في الهندسة المدنية تقدم بطلبات للحصول على وظيفة في جميع الشركات الهندسية في العاصمة تقريبا?ٍ? ولكنه لم يتمكن من العثور حتى على فرصة للتدريب. وبعد أن واجهوا الرفض المتكرر? يصف الطلاب أنفسهم بأنهم "مدمرون" "ومتشائمون" "ومصابون بخيبة أمل".
وأوضح معين الأرياني? رئيس مؤسسة اليمن للتدريب بهدف التوظيف? أنه في الوقت الذي يسبب فيه معدل البطالة في اليمن الصدمة والذهول – إذ يبلغ 35 بالمائة- إلا أن الواقع أشد قسوة على الشباب? حيث قال: ""تشير تقديراتنا إلى أن معدل البطالة بين الشباب الذين نتعامل معهم? والذين تتراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة? تصل إلى نحو 50 بالمائة".
وقد تلقى خريجو مؤسسة اليمن للتدريب بهدف التوظيف تدريبا?ٍ متخصصا?ٍ في اللغة الإنجليزية ومهارات الكمبيوتر التي عادة ما يفتقر إليها خريجو الجامعات? وسيعثر العديد منهم على وظيفة في غضون بضعة أشهر من انتهاء البرنامج? وهو ما لا يحظى به سوى عدد قليل جدا?ٍ من اليمنيين.
وعلى مسافة قصيرة من مقر المؤسسة? ينتظر أكثر من 100 شاب في ثياب العمل عند تقاطع مزدحم على أمل أن يأتي مقاولون لاختيارهم للعمل في مشاريع البناء في جميع أنحاء العاصمة.
وقال نوف? وهو خريج مدرسة ثانوية يبلغ من العمر 27 عاما?ٍ: "أنتظر هنا كل يوم… سأعمل مع أي شخص يأتي هنا. إنهم يدفعون 2,000 ريال يمني في اليوم (حوالي 9 دولارات)? ولكنني لا أجد عمل سوى ليوم واحد أو يومين في الأسبوع".
والعديد من هؤلاء حاصلون على شهادة الدراسة ثانوية وعدد قليل منهم يحمل شهادات جامعية كذلك. وإذا كان اليمنيون الحاصلون على مستوى جيد نسبيا?ٍ من التعليم يعانون من أجل العثور على مجرد بضعة أيام من العمل منخفض الأجر في الأسبوع? فكيف سيكون مستقبل الاقتصاد?
وتعتبر آفاق التوظيف بالنسبة للشباب في اليمن محدودة جدا?ٍ إذ يعاني البلد من "طفرة في عدد الشباب"? وهي ظاهرة ديموغرافية موجودة في الكثير من البلدان النامية عند اتجاهها نحو خفض معدلات الخصوبة ووفيات الأطفال. ولكن عادة ما تنخفض معدلات الوفيات أولا?ٍ? ولذلك فإن الجمع المؤقت بين انخفاض معدلات الوفيات وارتفاع معدل الخصوبة يؤدي إلى التضخم السكاني.
ويترجم ارتفاع معدل الخصوبة في اليمن? بمتوسط قدره 4.5 طفل لكل امرأة إلى أحد أعلى معدلات النمو السكاني في العالم? أي حوالي 3 بالمائة. وتتراوح أعمار نحو ربع سكان اليمن بين 10 و19 سنة? مما يوحي بأن أزمة بطالة الشباب قد تزداد سوءا?ٍ على المدى المتوسط. وبما أن 46 بالمائة من السكان دون سن 16 سنة? فإن الصورة على المدى الطويل على نفس الدرجة من القتامة.
وقال الأرياني أنه "بحلول عام 2020 سيتعين خلق مليوني وظيفة فقط للحفاظ على معدلات البطالة عند مستويات يمكن السيطرة عليها" مضيفا?ٍ أن "الطفرة في عدد الشباب"? جنبا?ٍ إلى جنب مع زيادة البطالة? قد تزعزع الاستقرار في البلاد? "فالشباب الذي يفتقد إلى الأمل قد يصبح شديد التقلب".
وفي السنوات الأخيرة? أصبحت نظرية "الطفرة في عدد الشباب" العدسة الأكثر شيوعا?ٍ التي يدرس علماء الاجتماع من خلالها الصراع. وفي تقرير لمجلس العلاقات الخارجية? كتب ليونيل بينر أن البلدان التي تعاني من طفرة في عدد الشباب "غالبا?ٍ ما تتفشى فيها البطالة في النهاية وتنتش