كم يخصص العرب لمشاريع البحث العلمي?
في الوقت الذي أصبحت فيه قضية البحث العلمي والإبتكار التكنولوجي? قضية أمن قومي? يرتبط بوجودها الدول والمجتمعات? نجد أن الدول العربية لا تولى الإهتمام الكافي لها? في حين أن مختلف دول الغرب? وكذا إسرائيل تخصص أكثر من 4.7 بالمئة من ناتجها القومي الإجمالي للبحث والتطوير? مقابل فقط 0.02 بالمئة من الناتج المحلي للدول العربية موجهة للبحث والتطوير.
وثمة غياب مشروع قومي عروبي للبحث العلمي والابتكار التكنولوجي يجتمع حوله العرب? بعد أن اثبتت مرحلة الشعارات البراقة المجوفة عدم جدواها وانهاك قوى المجتمعات العربية? وأن القوة التكنولوجية هي التي تعتمد عليها بقية مكونات القوة الشاملة? اقتصاديا وعسكريا ومجتمعيا وكذا سياسيا.
ويؤكد الدكتور عبد اللـه عبد العزيز النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا في حديث تلفزيوني على أن مخصصات الحكومات العربية المالية الموجهة للبحث العلمي والابتكار التكنولوجيا لا تزال ضعيفة وفقيرة للغاية? و”هو الأمر الذي يفرض أهمية العطايا والصدقات لدفع البحث العلمي والابتكار التكنولوجي? في ظل ضعف شركات القطاع الخاص في دعم البحث العلمي? خاصة وأنها الوحدات? التي تتوفر لديها درجة من درجات الوفرة المالية”.
ويضيف “يعود هذا إلى عدم ثقة شركات القطاع الخاص في أهمية ودور البحث العلمي لخدمة قطاعات الاستثمار والصناعة العربية”. مشيرا إلى أن الدول العربية تخصص من ناتجها المحلي فقط 0.02 بالمئة للبحث العلمي والابتكار التكنولوجي? في حين أن هذه النسبة في متوسطها تصل إلى 2.5 بالمئة في الدول الغربية.
ويرى النجار أن ضعف ثقة صانع القرار ومتخذه على مستوى المؤسسات السياسية وشركات القطاع الخاص? يعود في جزء كبير منه إلى فئات الباحثين الذين لم ينجحوا حتى الآن في تقديم أبحاث علمية ذات جدوى مجتمعية واستثمارية “إذ أن الأبحاث العربية على الرغم من أهميتها? إلا أن هذه الأهمية أكاديمية لأغراض الترقية البيروقراطية? ولكنها لا تلبي احتياجات المجتمع الاقتصادية. يضاف إلى هذا أن جزء كبير من المخصصات المالية? لا تذهب إلى التراكم الاستثماري العلمي? ولكنها توجه إلى بناء المنشآت مثل المدارس? والمرتبات? وبالتالي فالتمويل لا يذهب كلية للمكان المناسب”.
ويضيف “يكفي أن نشير إلى أن الدراسات الدولية تؤكد أن نصيب المواطن العربي من ميزانية البحث والابتكار العلمي والتكنولوجي سنويا لا تتجاوز 2 إلى 3 دولار للفرد? في حين أنها تصل إلى 680 دولارا في الولايات المتحدة? و601 دولارات في اليابان? و410 دولارات في ألمانيا? والفارق واضح لا يحتاج إلى تفسير. كما أن أكثر من 98 بالمئة من ميزانية البحث العلمي والابتكار التكنولوجي في الدول العربية تقدمه الحكومات. في حين أن أكثر من 80 بالمئة من هذه الميزانية يقدمها القطاع الخاص في الدول الغربية. وفقدان ثقة القطاع الخاص العربي نابع من اعتماد على سياسة استيراد “شركات تسليم المفتاح”? التي يستوردها كلية جاهزة من الغرب”.
ويؤكد الدكتور فاروق الباز مدير مركز أبحاث الفضاء والاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأميركية أن الأكاديميين والباحثين في الدول العربية يتحملون فقدان ثقة القطاع الخاص فيهم? مشددا على أن مجتمعاتنا العربية لا يوجد فيها الاهتمام الكافي بالعلم والمعرفة? ومن ثم لا يوجد اهتمام بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي. والمشكلة ليست فقط في توفير التمويل للبحث العلمي وتحسين وضعيته. ويؤكد أنه وجد خلال سفرياته العديدة للدول العربية أن حالة البحث العلمي العربي متردية.
ويضيف “لتحقيق النجاح للمجتمعات العربية? فإننا في حاجة إلى مشروع عروبي قومي? يحدد أولويات البحث العلمي على مستوى الجماهير العربية وصانعي القرار (….) حاليا يوجد حوالي 24 مجالا علميا وتكنولوجيا مهم على مستوى العالم? ويمكن للدول العربية أن تخصص العقد القادم للتركيز على 3 مجالات محددة? ولتكن: الطاقة الشمسية وتحلية المياه والمياه الجوفية? والموضوع الثالث يجب أن يهتم بالارتقاء بالتعليم ومستوى العلم والمعرفة لدى المواطنين العرب? خاصة وأن المشكلة الأساسية في الدول العربية أن المواطن العربي لا يقرأ بالمرة أو يقرأ قليلا? ومن ثم فهو لا يهتم بالعلم والمعرفة”.
ويقول الدكتور حاتم السمان مدير واقتصادي أول في “مركز الفكر” التابع لشركة “بوز آند كومباني” في الشرق الأوسط أن التعليم يعتبر من المجالات الحيوية والمهمة التي يجب أن يتم تدعيمها? خاصة وأن ما يقدمه التعليم العربي لا يزال منفصلا عن احتياجات الاقتصاديات العربية وسوق العمل.
ويضف “تبلغ ميزانيات التعليم في المتوسط بالدول الخليجية حوالي 24 بالمئة من المخصصات العامة. ورغم كل هذا فإن حتى الخريجين الذين يبحثون عن فرص عمل حقيقية? لا يجدونها حتى في القطاع الحكومي الذي يعاني من البطالة المقنعة. ويزيد من حدة المشكلة أن القطاع الخاص قاعدته ضيقة ولا تستوعب إلا أعدادا قليلة من العمالة. مع الأخذ في الاعتبار أن الصورة ليست قاتمة? وأن هناك نماذج نا