الخربة البابلية
“ من يبلل يديه بالدم? سيغسلهما بالدموع ” (مثل انجليزي)
ارتبكت قليلا?ٍ? صباح يوم أمس وضحاه? وأنا أرى بغداد تحترق . لكنني? ــ بعد التوكل على الله تعالى ــ سرعان ما أمسكت برأسي ووضعته على منضدة الكتابة? أمامي? وأخذت?ْ أتذكر
تذكرت ــ أولا?ٍ ــ أني هيأت (نفسي) لحضور احتفال بينالي الشارقة . لكنني عندما بسطت أمامي أرواح الأطفال والشباب والشيوخ الذين يقاومون القصف الأمريكي الهمجي? ويغلون غضبا?ٍ وغيضا?ٍ على من كان أس? البلاء الكارثي الذي ي?ْغرق وطننا? هدأت قليلا?ٍ? ثم هدأت شيئا?ٍ فشيئا?ٍ? حتى لاحت أمام ناظري? “لوحة” لن يرسمها “صانع” بشري أبدا?ٍ
السماء. حيث لا نهايته أو بدايته? كانت جزءا?ٍ من “لوحة” في صورتها البغدادية? اختلط فيها الدخان? بالتكبير? بالطيور? بالأطفال? بالأبرياء? بالمجرمين? بالألوان التي نعرف ولا نعرف? بالأنفس التي علمها عند ربي? وبكل بديع بدائع الخالق الجبار.
وقلت لنفسي: هذه لفتة من لفتاته إلينا في هذا التمرين على يوم القيامة? فلماذا لا نهرب اليه من عسف الجلادين? ولماذا لا نلجأ اليه من عصف القاذفات والمقذوفات الغربية? ولماذا لا نرتكن زاوية شرقية في أنفسنا? ونهتف: يا خيل الله اركبي?!
كأن الجواب استقام بين يدي?? بعدما مشى من بابل الى الشارقة : قبل نحو أربعين سنة ? قادني غريب المتروك الى جدار في خرائب بابل? وقال: انظر.
نظرت فرأيت?ْ تصوير امرأة شابة منكربة? تقذف بطفلها نحو الشمس? فيما الخراب حولها من الجهات كلها.
قال المتروك: هذا هو العراق ــ يا صاحبي ــ يعطيك صورة الماضي? وفضاء الحاضر? وصورة المستقبل? في جدارية صغيرة. ان هذه الشابة? وسط الخراب العظيم? لم تجد غير الله ربا?ٍ ومخلصا?ٍ? فلجأت اليه? ورفعت الى حضرته وجلاله طفلها الوحيد? كأنما هي تباهل قوى الشر العمياء أجمعين.
صباح أمس وضحاه? كانت تلك الشابة العراقية تغادر جدار الخربة البابلية? لتقاتل بطفلها “الغازي الأجنبي” و”الخصم الداخلي”? وحادي ربعها يقول: لقد اخترت الله? فإن قتلت?ْ فزت بالجنة? وان فزت بالنصر على أعدائي? فزت برضوان الله.
وهذا هو شأن غريب المتروك وزينب ـ الآن ـ في بقية ما تبقى من أهوار ميسان.
Juma_allami@yahoo.com