منذ أكثر من نصف قرن.. مسنة ومعاق يعيشان بحظيرة حيوانات في رفح
تعيش بقايا عائلة فلسطينية في أحد أزقة مخيم رفح جنوب قطاع غزة عيشة لا تختلف في شكلها عن حال الحيوانات? التي ربما تكون مرفهة أكثر منها.
وتقضي المسنة عايشة الرياطي (82 عام?ٍا) وشقيقها المعاق أحمد (80 عام?ٍا) أوقاتهما على قارعة الطريق? منذ نحو 60 عام?ٍا? بلا واق من حر الصيف ولا مكان يأويهم بفصل الشتاء.
ويفتقر هؤلاء لطعام آدمي يسد رمقهم? أو ماء صحي يروي عطشهم ? وكذا منزل يسترهم كباقي البشر.!
وترابط الرياطي بجانب كومة كبيرة من الخبز الجاف?بثيابها البالية والمقطعة? وكل من يمر بجانبها يستنشق رائحة كريهة تنبئ أنها لم تستحم منذ زمن بعيد.
وتعيش الرياطي وشقيقها المعاق غير المتزوج? داخل مكان أشبه بحظيرة لتربية الدواجن والطيور? كل ركن من أركانه يسرد حكاية ذل ومعاناة استمرت لقرابة 60 عام?ٍا?
الرياطي تقضي وشقيقها المعاق أوقاتهما على قارعة الطريق (صفا)
دون م?ْعيل أو شفقة من إنسان.
فهنا دورة مياه لا تصلح للاستخدام الآدمي قط? وبجواره مكان لتربية الطيور أشبه بمكب النفايات? ومثلها لتربية الحيوانات? ولا يتوفر أية أداة من أدوات المنزل ولا طعام ولا ملبس يصلح للاستخدام.
ولعل عدم صلاحية المكان لعيش البشر يدفع الحاجة عايشة وشقيقها أحمد لقضاء وقتيهما في الجلوس بالشارع? لطحن الخبز الجاف الذي يقومون بجمعه للطيور والحيوانات من حاويات نفايات يجلسان بجوارها ومن مخلفات المنازل التي يعطف الناس عليهم بها.
تقول عايشة لـ”صفا”: إنني”هاجرت من ديارنا (السبع) عام 48 برفقة أهلي بعد أن هجروا قصر?ٍا منها? تاركين أموالهم وديارهم خلفهم? ليستقر بهم الحال بأرض خالية
الرياطي يعيشان في منزل أشبه بحظيرة دجاج
والحاجة عايشة الأخت السابعة لستة أشقاء وبنت ارتقى منهم ثلاثة شهداء على يد الاحتلال الإسرائيلي والإنجليزي? ليواروا الثرى ببلدهم التي هجروا منها وهم ( عوض الله 19 عام?ٍا? وحسن 20 عام?ٍا? وموسى 22 عام?ٍا).
كما توفي شقيقيها محمد (75 عام?ٍا) غير المتزوج بمرض خبيث? ولحق به محمود (20 عام?ٍا)بنفس المرض وهو أخرس? ليبقى لها أخت ذهبت ولم تعد للأردن منذ 60 عام?ٍ ? ليكتب لعايشة البقاء للاعتناء بشقيقها المعاق أحمد? بعد أن توفيت والدتهما ووالدهما قبل حوالي 30 عام?ٍا.
وبعدما وضعت يدها على الأرض وبكت بحرقة? واصلت حديثها: ” أنا ترملت منذ قرابة 60 عام?ٍا وكان لدي طفل بالشهر السادس? فقمت بتربيته إلى أن كبر وتزوج? وأعتقل من قبل إسرائيل بتهمة العمل كعميل لصالح المقاومة الفلسطينية”.
وتشير إلى أن نجلها الوحيد أبعد إلى الأردن منذ 50 عام?ٍا? ولم يسمح له بالعودة لقطاع غزة? ولحقت به زوجته وأنجب منها? وزو??ِج أولاده دون أن تراه منذ ذلك الحين لعدم استطاعتها السفر له وكذلك بالنسبة له.
ولم تقف معاناة الحاجة عائشة عند هذا الحد بل ازدادت ألم?ٍا وقسوة وذلا?ٍ? في أعقاب إخراجهم من مكان س?ْكانهم بالعراء على يد البلدية? وذلك لبناء مشروع لصالح البلدية بالمكان الذي كانوا يتواجدون بداخله.
وتقول عايشة: ” عشت أنا وأهلي على مخلفات الحيوانات? حيث كانوا يأتون بجلة الجمل ويقومون بوضعها بالشمس لأيام حتى تجف? ويقومون بإخراج القمح والشعير من
عايشة تطالب بتوفير العلاج ورؤية نجلها قبل أن تتوفى (صفا)
داخلها ويستخدمونه كطعام لهم? وبقية الجلة كحطب لطهي الطعام? فضلا?ٍ عن الخبز الجاف الذي يضعوه بالمياه الساخنة حتى يذوب ومن ثم يأكلونه”.
وتلفت إلى أنها ر?ْغم ذلك واصلت حياتها وعاشتها بحلوها ومرها هي وشقيقها الم?ْعاق الذي تعتني به تيتما حتى اليوم? وتقوم بتوفير الطعام له والماء وتغسل جسده وتنظفه? إلى أن حل المرض به وعجزت عن خدمته.
فهي تعاني من ضعف بالنظر? وأصبحت لا ترى إلا بعين واحدة والأخرى بحاجة لعملية? إلى جانب إصابتها بمرض القلب? وبجلطة في فمها وبساقها ويدها اليمنى? حتى أصبحت تسير على عكازات.!
ولا تجد الحاجة عايشة التي أنهك الكبر والمرض جسدها من يوفر لها العلاج اللازم? أو من يأخذ بيدها للعيادة الصحية? الأمر الذي يدفعها لذهاب وحدها بما يتوفر معها من مال يتصدق به الناس عليها? في حين تقضي معظم وقتها بالجلوس بالشارع.
وتكتفي الحاجة الرياطي بالمطالبة بتوفير العلاج اللازم لها ? والعمل على مساعدتها لتتمكن من رؤية نجلها قبل أن تتوفى.
صفا