عبدالواسع هائل سعيد أنعم: القات آفة اليمن الكبرى والمبيدات سبب رئيس لانتشار السرطان
صدق أولا تصدق? ما يقارب نصف مليار ريال أنفقت في علاجات خلال السنوات الخمس الماضية? أضف إليها أضعافا أنفقت رسميا وبأشكال شتى سعيا للوقوف في وجه المرض? أما أولو الشأن فقد أثقل الأمر كاهلهم? فبعضهم شح ذات اليد? وآخرون نفد منهم الزاد? وغيرهم أكل المرض الأخضر واليابس? فباعوا ما فوقهم وما تحتهم واستدانوا مثله. ك?ِل??ِ الأطباء?ْ? وبلغ المعنيون النصب? وتاه المرضى وذووهم في دروب البحث عن دواء لدائهم? وهو ما يبدو بعيد المنال? خاصة عندما يستفحل المرض تحت عتمة الجهل واللامبالاة وتصبح الضحايا في حالات حرجة.
سحب من الهموم السرطانية? تجثم على صدور الآلاف ممن أغمتهم ظلمته من المرضى وأهاليهم والمختصين والمعنيين والمهتمين? وبرغم كل الجهود للوقوف في وجه المرض? لا يزال ينتشر بشكل كبير? ليشكل تحديا صعبا لكل الجهود الرسمية والأهلية التي تبذل في سبيل مواجهته.
"السياسية" التقت رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان? الحاج عبد الواسع هائل سعيد? يعرفه الجميع بوقاره وتفاؤله الدائم? غير أن نبرة صوته هذه المرة تبدو مختلفة? لا أدري هل عجز عن إخفاء هموم مكافحة السرطان وهو الذي تبناها قضية وطنية حاضرة معه في كل المحافل!
قال بصوت هادئ: "الرقم مهول? فنحن نسجل حوالي 22 ألف حالة إصابة سنويا? وأعتقد أن هذا الرقم أقل بكثير من الحقيقة? إذا ما أدركنا أن كثيرا من الريفيين يموتون بعيدا عن أروقة المستشفيات ورصد الإحصاءات? ولا أحد يستطيع تحديد العدد أو حجم المشكلة وأماكن الانتشار? غير أنه يمكنني القول أن نسبة الإصابة في اليمن أضعاف ما هو عليه في أي دولة عربية".
هناك أمر مهم أرقني كثيرا? وهو ما دفعني للبحث عن إجابة له بين ثنايا مؤسسة السرطان? فهي مؤسسة خيرية يتيمة أعلنت السرطان عدوها اللدود? ورفعت من مكافحته شعارها الدائم.
بعد سنوات من الجهود الجبارة والملايين المنفقة? لماذا يبقى السرطان يمتص حياة آلاف اليمنيين على مرأى ومسمع? ليذهب الجمل بما حمل? وتضيع جهود المكافحة في مهب الريح?
رد الحاج عبد الواسع: "القات هو آفة اليمن الكبرى"? ولعله قصد المبيدات الزراعية? فقد أوضح: "الطامة الكبرى التي تقف وراء الزيادة الكبيرة في عدد المصابين بالسرطان? هي المبيدات الزراعية السامة التي استحدثت مؤخرا وتم تداولها بشكل واسع في اليمن وخاصة في مزارع القات? حتى أن معظم المنتجات الزراعية صارت تشكل تهديدا مباشرا على صحة الناس? بسبب المبيدات الخطيرة التي تشربتها? وهذا يشكل عبأ كبيرا على جهود المكافحة".
عدنا سنوات إلى الوراء? حين قام رئيس الجمهورية في عام 2003 بتدشين المؤسسة الخيرية لدعم مراكز مرضى السرطان? تحقيقا لرغبات بعض رجال الأعمال والأعيان في ذلك. فسألت الحاج: "ما الذي زج بكم في هذا الهم? وهل حسبتم حساب هذه المرحلة عندما تم تغيير اسم المؤسسة إلى اسمها الحالي?".
صمت الحاج عبد الواسع برهة ثم قال: "شعرنا بخطورة المرض المستفحل الذي تضاعف كثيرا? وقتل الآلاف الناس? فليس كل الناس يستطيعون العلاج في الداخل? وقلة هم من يستطيعون العلاج في الخارج? ليبقى البسطاء والفقراء والمساكين ضحايا يلتهمهم المرض".
ثم تحدث بارتياح عن قصة المخاض الطويل الذي تولدت عنه المؤسسة? ومئات الملايين التي جمعت كتبرعات في أول حملة? وأنها كانت النواة التي نبت عنها المؤسسة. لكنه تنهد بحزن وقال: "بعد عامين ورغم كل تلك التبرعات أدركنا أن الدعم لا يكفي فقررنا أن نركز على مكافحة السرطان? وبالتالي غيرنا الاسم إلى المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان? وصار دعم مرضى السرطان جزءا من نشاط المؤسسة? من خلال العلاج محليا وخارجيا بما تسمح موارد المؤسسة? ودعم المرضى بالعلاج المجاني للفقراء والمساكين? وبيع الأدوية بأسعار مخفضة للقادرين على ذلك".
– "دور المؤسسة يقتصر على عدة أنشطة? بدأت بحملات التوعية بخطورة المرض? ثم الدعم ببعض قيمة العلاج أو صرفه بالمجان لمن لا يقدرون على الدفع? حيث أن أدوية السرطان مكلفة جدا قد تصل بعضها إلى خمسمائة ألف ريال للجرعة الواحدة. أيضا هناك من يتطلب سفره للخارج عندما لا تتوفر الإمكانيات المحلية".
ورغم أن المؤسسة أنفقت أكثر من 450 مليون ري