تقرير دولي: ثلث السكان في اليمن يعانون من الجوع
حذر تقرير جديد من أن ندرة المياه والنمو السكاني السريع بالإضافة إلى الصراعات الداخلية تعتبر من العوامل الرئيسية التي تتسبب في “انعدام يثير القلق للأمن الغذائي” على الصعيدين الوطني والمحلي.
وأضاف التقرير أن عدد المتأثرين بانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية يزيد خمس مرات عن مثيله في المناطق الحضرية.
وفي السياق نفسه? أشار التقرير الصادر عن المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء: “اذا لم يتم إتخاذ أي إجراء? من المتوقع أن يبقى الأمن الغذائي في مستوياته المتدنية للغاية حتى عام 2020? و سيظل اليمن عرضة للصدمات الخارجية والكوارث”.
وكشف التقرير أنه على مستوى المنازل لا يملك 32.1 بالمائة (7.5 مليون من أصل 23 مليون نسمة في البلاد) ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاتهم? وبهذا يصنف اليمن ضمن الـ10 دول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم.
ووفقا لجهاز الإحصاء المركزي التابع للحكومة? واجه اليمن انخفاضا?ٍ مطردا?ٍ فى انتاج الحبوب منذ عام 2007 نتيجة للصراعات الداخلية وتضاؤل الموارد المائية بالإضافة إلى زيادة زراعة نبات ‘القات’ وهو مخدر خفيف المفعول يمضغه الكثير من اليمنيين? و يحتاج للكثير من المياه لزراعته.
ومن جهته أفاد يحيى الحباري? وهوعضو في مجلس الشورى أن 70 بالمائة من الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن تستخدم لزراعة ‘القات’? في الوقت الذي تتعدى فيه واردات القمح في البلد 2.5 مليون طن سنويا?ٍ.
وألقي يحي باللوم على حركات الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية بأنها السبب وراء تدهور الأمن الغذائي. وقال ” يتحجج المزارعون بنقص المياه وقلة نزول الأمطار للامتناع عن الزراعة والهجرة إلى المدن بحثا?ٍ عن فرص عمل أخرى…..وهذا يزيد من اعتماد اليمن على الحبوب المستوردة من الخارج”.
الفجوة بين الريف والحضر
يعتبر انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لدى الأطفال في المناطق الريفية أسوأ بكثير مما هو الحال في المدن التي يسكنها ما لا يزيد عن 29 بالمائة من السكان.
ووفقا للتقرير? يعاني 37.3 بالمائة من سكان الريف من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بـ 17.7 بالمائة من السكان في المناطق الحضرية. علاوة على ذلك بلغت نسبة التقزم 62.1 بالمائة من الاطفال في المناطق الريفية مقارنة مع 45.4 بالمائة من الاطفال في المناطق الحضرية.
ويشير التقرير إلى سببين رئيسيين لهذا الفارق الكبير بين المنطقتين هما ندرة المياه وقلة هطول الأمطار خلال السنوات القليلة الماضية? الأمر الذي أثر بشكل كبير على الزراعة وتربية المواشي? وهما المصدران الرئيسان لكسب المعيشة لدى سكان المناطق الريفية.
وطبقا?ٍ لتقرير التنمية البشرية في الوطن العربي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2009? تعتبر اليمن أحد أكثر دول العالم جفافا?ٍ? حيث يصل معدل استهلاك الفرد فيها للمياه لحوالي 125 مترا?ٍ مكعبا?ٍ في السنة? في حين يقدر المتوسط العالمي لاستهلاك المياه بـ 7500 متر مكعب.
وفي الوقت الذي تنخفض فيه الدخول في المناطق الريفية يشهد تعداد السكان زيادة مضطردة وسريعة? إذ تبلغ “نسبة الخصوبة أعلى معدلاتها في المناطق الريفية حيث تنجب النساء الريفيات طفلين في المتوسط أكثر من نظيراتهن في المناطق الحضرية. فالمرأة الريفية في اليمن تنجب حوالي سبعة اطفال (6.7) في المتوسط? في حين لا يزيد معدل الخصوبة الكلي في المناطق الحضرية عن 4.5”.
وأسند التقرير أسباب ارتفاع معدلات الخصوبة في المناطق الريفية إلى محدودية فرص الحصول على التعليم. فما يقرب من 70 بالمائة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 سنة وأكثر لا يذهبون إلى المدارس أو لم يكملوا دراستهم الابتدائية? بالمقارنة مع 45 بالمائة فقط من السكان في المناطق الحضرية.
وبالنسبة لأحمد محمد الشغداري? وهو مزارع يبلغ من العمر 44 عاما?ٍ من منطقة أنس في محافظة ذمار التي تقع 100 كم جنوب العاصمة صنعاء? لم تفده الأمطار الأخيرة لأنها جاءت بعد فوات الأوان لإنقاذ مزرعة البطاطس الخاصة به.
وقال أحمد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) :”لا يتوفر لدينا الطعام ولا المال في المنزل? وهذا هو سبب لجوئي إلى العمل باليومية في صنعاء لتوفير احتياجات أطفالي الستة? ولم أجن من أسبوعي الأول في صنعاء سوى 1,500 ريال [7 دولارات]? ولاأزال في حاجة لـ 1,500 ريال أخرى لأرسل لأطفالي نصف كيس من القمح [25كيلوغرامات] “.
وأضاف أن الخبز والشاي قد أصبحا الغذاء المعتاد لعائلته وللكثيرين في المنطقة.
ويرجع علي الخولاني? مدير أحد المراكز الصحية في منطقة أنس? المسؤولية في ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال في القري لهذا النظام الغذائي? قائلا?ٍ ” تستطيع الأسر الفقيرة أن تستبدل الشاي للأطفال ببدائل أقل تكلفة وذات قيمة غذائية عالية? مثل الفواكه والخضار…كما أن شرب الماء أفضل من الناحية الصحية وأقل من حيث التكلفة? لكن غياب الوعي حول ذلك لايزال يمثل مشكلة.”
(ايرين)