إلى جانب أولاد “سيارة” (جمال أنعم )
أكثر ما فجعنا وأثار ذهولنا واندهاشنا: عمانا العام? جهلنا الجماعي? غفلتنا الطويلة? معرفتنا المتأخرة هذه.
العبودية والعبيد في اليمن انكشاف إضافي مخجل ومشين يصم الجميع.
في بيتنا عبيد? هم هنا قريبون جدا?ٍ? ليسوا بعيدا?ٍ هم أكثر من أن يخفوا? هم هنا في مديريات معروفة تابعة للجمهورية اليمنية ولا يصح أن تكون نائية إلى هذا الحد.
هم هنا غير أن?ا لم نرهم? ربما لأننا كنا نطارد ما هو أهم? نبحث عن الحرية في أماكن أكثر احتياجا?ٍ.
صرت أخاف الاكتشافات داخل القلب? لأنها تعري تعايشي مع الأدواء وكموني داخلها أكثر مما تكشف عن خطورتها الكامنة.
أين نحن! في أي بلاد قديمة لم تغادر بعد أسواق الرق والنخاسة? في أي زمن تعيش اليمن! كم تراها قطعت في درب الحرية! كم تراها تحررت من أسر العبودية? وماذا يعني أن تجد اليوم من بين مواطنيها أرقاء مستعبدين لسادة هم عبيد جهالة وتخلف? ينتمون لكل ماهو مظلم ومخزي ومهين.
لاأدري كم هي الفجيعة في مجتمع تمارس فيه مستويات من العبودية والاسترقاق!!
كثافة الممارسات الإستلابية الخانقة للروح والمضطهدة للجسد تعكس نفسها سلبا?ٍ على مستوى الحس الجمعي بكل تأكيد.
العيش في قلب الإهانة لا يفتأ يهون من المهينات.
اكتشاف العبيد يضع اليمن كلها على المحك? يكشف عن هشاشة اشتغالات الحضور.
الأمر محرج للأحزاب وللمنظمات وللمواطنين جميعا?ٍ وأشد مايكون إحراجا?ٍ للسلطة التي ترتبط غالبا?ٍ بمصالح عديدة مع أولئك السادة المتأخرين هم أدوات قهر مرعية يؤدون مهام إخضاع تتجاوز ذواتهم إلى الذات السلطوية المهينة.
في الجعاشن قدمت السلطة نموذجا?ٍ فاضحا?ٍ في أسلوب تعاملها مع قضايا مواطنيها والشيخ قارض الشعر والشعير.
لن نرضى بأقل من خروج الرئيس في مهمة تحريرية إلى الزهرة ومديريات حجة .. أسلم? كعيدنة? وسواها من المناطق التي يمارس فيها الرق بأبشع صوره.
يجدر بالرئيس في عيده الثاني والثلاثين على كرسي الحكم أن يجرد آخر الحملات في العالم لتحرير العبيد من مواطنيه الذين خذلتهم الثورة والجمهورية وأهانهم النظام ولم يحمهم الدستور? ولم يرعهم القانون.
يجدر به أن ينتصر لهؤلاء الذين مابرحوا يناشدونه التدخل لإنقاذهم وإعادة الاعتبار إليهم.
أن يكون في اليمن عبد?َ واحد يعني عبودية الجميع? الأمر لا يحل بالمواعظ والنصائح ولا بالوساطات? إنها قضية دولة مطلوب منها بسط سيادة الدستور والقانون ورعاية مواطنيها وحمايتهم? ورفع الضيم عنهم? ووضع حد لكل من يحاول اضطهادهم وإذلالهم والمساس بحرياتهم وكرامتهم.
يحتاج هؤلاء المنسحقون إلى تدخل قوي ينظر إلى متطلبات خروجهم من بيئة القهر والانسحاق التي ولدوا وعاشوا داخلها مسترقين بلا حول ولا قوة, لا يمكن مطالبة هؤلاء بدور أكبر مما قاموا به,ظهورهم المستنجد الصارخ كاف, نريد دعاة الحرية هناك إلى جانبهم , نريد دعاة الحقوق والباحثين عن العدالة والمواطنة المتساوية إلى جانب “قناف ودرويش” نريدهم في مسيرة عتق أخيرة لأولاد “سيارة” الضائعين .
فخامة الرئيس “خالد” في كعيدنة لم يزل يرقبك من ثقب ضيق كروحه متطلعا لعتق?ُ فو?ت عليه عند زيارتك الأولى.
لدينا الكثير مما نواسيهم به, رق وفير متعدد الألوان والصور? لدينا عبوديات صالحة للعزاء: سياسية,اقتصادية ,اجتماعية , ثقافية,لكنا لا نريد مفاقمة شعورهم بخيبة الأمل ,لنؤجل الحديث عن العبودية كمتوالية يعاد إنتاجها في أشكال مختلفة? يتكرر فيها ديالكتيك السيد والعبد, في علاقات الإنسان بذاته والآخر? بمحيطه? بالمال? بالسلطة وكل أسباب القوة.
هؤلاء الذين يستعبدون الناس هم عبيد ضعفهم الخاص? ليسوا سادة أنفسهم أبدا? ولو كانوا أحرارا ماطلبوا اعتراف عبد بالخضوع لا اعتراف إلا من حر لحر.
شكرا?ٍ لـ”المرصد اليمني لحقوق الإنسان” لانتباهته المبكرة? وشكرا?ٍ للصحفي “عمر العمقي” على روحه الجسورة? ولصحيفة “المصدر” لانفتاحها على هذه القضية المؤلمة? وشكرا?ٍ لمنظمة “هود” الرائدة? ومعا?ٍ جميعا?ٍ من أجل يمن حر يعيش فيه الناس حرياتهم ويستخدمونها بحق? يمن الناس فيه أحرار متساوون في الحقوق والواجبات? لا سادة فيه ولا عبيد من أي نوع.