أكثر من 13% من ميزانية اليمن خلال الـ20 عاما?ٍ الماضية سجلت كخسائر حروب
قال أستاذ السكان والتنمية المساعد بجامعة صنعاء الدكتور عبد الملك احمد الضرعي أن الفساد المالي والإداري في اليمن يعتبر احد المحاور الرئيسية في خلق عدم الثقة بين الحكومة والمانحين الدوليين وإعاقة تدفق المساعدات الدولية. مؤكدا?ٍ أن الخروج من دائرة الأزمات السياسية والأمنية التي تعانيها اليمن تستدعي اتخاذ قرارات شجاعة من النظام السياسي تقوم على التأكيد على مبدأ الشراكة والمسئولية الوطنية في السلطة والقوة والثروة ? وتفعيل تلك الشراكة من خلال تجريم كل الأفعال والممارسات التي تسيء إلى ذلك المبدأ في حال ثبوتها قضائيا?ٍ,
وأشار الضرعي في محاضرته التي ألقاها بالمركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل ( منارات ) ورأسها الدكتور محمد الحاوري وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن المؤتمرات التي عقدها المجتمع الدولي والخاصة بالأمن والتنمية في اليمن وفي مقدمتها مؤتمرات ( لندن والرياض وبرلين وأبو ظبي ) خلال الفترة بين 2006و2010م قد عززت من الاهتمام الدولي باليمن إلا أنها لم تحقق الحد الأدنى من مطالب الحكومة اليمنية المتصلة بتمويل مشروعات الخطة الخمسية الربعة (2011-2015م) والتي قدرت بمبلغ (44) مليار دولار.
وأكد في محاضرته التي جاءت بعنوان ( الأمن والتنمية في الجمهورية اليمنية بين رهانات الفشل وإمكانات الحل ) أن الحكومة اليمنية لم تستلم من المبلغ التي وعدت بها الدول المانحة عام 2006م والذي وصل إلى (5.7) مليار دولار سوى (10%) ? نتيجة عدم الثقة بين الحكومة والمانحين والتي أصبحت إحدى المشكلات المعيقة لتدفق الدعم الخارجي.
ونفى الضرعي أن تكون اليمن قد وصلت إلى درجة الدولة الفاشلة كصفة أطلقتها المنظمات الدولية.. مؤكدا انه لا زالت هناك إمكانية لتدارك بعض الأخطاء التي شهدتها السنوات الماضية.
وذكر الضرعي أن التحديات الأمنية التي شهدتها اليمن خلال العقدين الماضيين أثرت بشكل مباشر في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من خلال الكلفة الاقتصادية والبشرية الباهظة لتوتر الأوضاع الأمنية والتي كان أولها حرب صيف1994م التي كلفت الاقتصاد الوطني حوالي (12) مليار دولار ?وأدت إلى تراجع النمو الاقتصادي إلى (-1.4) ومعدل تضخم (77%) وغيرها من الخسائر? أما في العقد الأول من القرن (21) فقد تعددت التحديات الأمنية ومنها حرب صعدة ?والتي قدرت العديد من التقارير خسائرها الأولية نتيجة الحرب السادسة فقط بحوالي (750مليون دولار)?يضاف إلى ذلك الضرر الكلي أو الجزئي لحوالي (4141)منزلا?ٍ ?و(64) مزرعة لإنتاج الفاكهة?و(24) مزرعة لإنتاج الدواجن? و(201) منشأة حكومية منها (116مدرسة)? و(36) منشأة صحية ? و(26) منشأة أخرى ومسجد? لذلك تقدر احتياجات إعادة الإعمار بحوالي (20) مليار ريال ? وهو ضعف المبلغ الذي خصص لإعادة الإعمار عقب الحرب الخامسة ? يلي كل ذلك الخسائر البشرية التي تقدر بآلاف ألقتلى والجرحى والمشردين والأرامل والأيتام. وأضاف: لقد أدت مثل هذه الأحداث إلى تنامي مؤشرات انعدام الأمن الغذائي لحوالي (2.7)مليون من سكان اليمن مطلع عام 2010م حسب تقديرات الأمم المتحدة ? والتي أشارت أيضا?ٍ إلى أن اليمن سيحتاج لحوالي(105) مليون دولار خلال عامي(2010-2011م) لتغطية العجز الغذائي لثلاثة ملايين شخص ? منهم حوالي ربع مليون من مهجري حرب صعدة. ونوه بالقول: إذا كانت تلك الصورة تمثل جانبا?ٍ من آثار حرب صعدة السادسة ? فإن بعض المؤشرات الإحصائية الأخرى تقدر خسائر الحروب الخمسة السابقة بحوالي (150) مليار ريال
وأوضح الدكتور الضرعي أن اليمن تعاني من مشكلات أخرى كلفت الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة ?مثل تبعات المشكلة الص??ْومالية التي وصلت كلفتها على الاقتصاد اليمني إلى حوالي (700) مليون دولار موزعة على خسائر الاقتصاد الوطني والصيادين والتأمين وتجهيزات الأمن الساحلي ? يضاف إليها أعباء حماية المياه الإقليمية من أعمال القرصنة واستضافة حوالي (700)ألف لاجئ
واستعرض عدة حلول ومقترحات تتطلب من واضعي السياسة والمجتمع المدني مناقشتها بما يساعد على تجاوز المخاطر الحالية التي تمر بها اليمن. مؤكدا?ٍ أن تجاهل مناقشتها قد يوصلنا إلى مرحلة الفشل فعلا, والتي تتمحور حول إجراءات تنفيذية مؤسسية ومعالجات من منظور تخطيطي, مشددا?ٍ في الوقت ذاته على ضرورة اتخاذ الإجراءات البيئية التي تعزز من استدامة الموارد الطبيعية واستغلال ثروات البيئة البحرية المتنوعة في مواردها الاقتصادية وكذا ما تمتلكه اليمن من كميات كبيرة من الثروات المعدنية ومصادر الطاقة وما تتمتع به من تنوع تضاريسي ومناخي, وموارد سياحية متعددة المظاهر, يمكن من خلالها الاستغلال الأمثل لها من اجل معالجة بعض المشكلات الناجمة عن التحديات البيئية الراهنة.
ودعا الضرعي إلى إعداد إستراتيجية لمواجهة الفساد خاصة وأنه يشكل حربا?ٍ صامتة لا تقل خطرا?ٍ عن الحروب التقليدية? وتعزيز الإجراءات المناهضة للفساد من خلال ثلاثة محاور, مواجهة الفاسدي