“غزل وشيء من مطر” في ندوة ثقافية بحيفا
أقام منتدى الحوار الثقافي بحيفا يوم?ِ الخميس الماضي بصالة? مركز الت?راث “عسفيا الكرمل” ندوة ثقافية? وسط نخبة?ُ م?ن الحضور المثقف? حول “غزل?َ وشيء?َ م?ن مطر” للكاتب جودت عيد? والذي انساب?ِ رواء?ْ غزل?ه? إلى القلوب? ألحان?ٍا بليلة?ٍ بالمطر!
وقد استهل? الش?اعر?ْ رشدي الماضي كلمتة?ُ بالقول: ” في هذا الز?من الذي أصبحت? فيه? الكلمة?ْ مستهد?ِفة?ٍ ومطار?ِدة?ٍ? ولمعرفة المبدعين بمدى ارتباط? الكلمة? بأعماق الإنسان? عم?قوا حوار?ِهم? كي يولد?ِ فعلا?ٍ الإنسان?ْ الذي يحمل?ْ صليب?ِه?ْ? ويلقي?ِ الآخرون?ِ حجارة?ِ الر?جم م?ن أيديهم”.
ولأن? جودت عيد مبدع?َ والكلمة?ْ أداة?َ طي?عة?َ بيد?ه? ووراء?ِها وطن?َ له? لذا عرف?ِ أن?ه?ْ لا يستطيع?ْ إلا? أن يتكل?م? فترك?ِ صوت?ِه?ْ ينساب?ْ إيقاع?ٍا? خفقات?ْه?ْ هادئة?َ أصيلة?َ نابضة?َ بكل?? زخم? الج?ِمال? م?ن رحم هذا الإبداع? كانت? ولادة?ْ كتاب?ه? مع تباشير المطر. “رأيت?ْني أغتني م?ن معين?ه?? وأجتاز?ْ مع نور? حروف?ه? الل?يلي?ن مع?ٍا? ليل?ِ المعنى وليل?ِ وطن الكلمات”? حق?ا أراد?ِ الكلمة?ِ وستموت?ْ بنفس?ه? إلى ملكوت?ها. ترك تجربت?ِه?ْ الغني?ة?ِ المفعمة?ِ بالعمق? والأصالة? البكر? والخالية? م?ن?ِ الت?رجمة? الح?ِرفي?ة? للأفكار? ترك?ِها تنبثق تعابير?ِ مضيئة?ٍ تصنع?ْ الوعي?ِ البديل?ِ? وت?ْسق?ط?ْ الحجاب?ِ عن جوهر الوجود? كلمات?ْه?ْ ستظل??ْ أيقونة?ٍ تزدان?ْ بها موائد?ْنا الث?قافي?ة.
من جانبه تحد?ث?ِ د.فهد أبو خضرة عن تجاوز المألوف? في “غزل?َ وشيء?َ م?ن مطر” حيث قال:
كثيرة?َ هي المواضع?ْ ال?تي يتجاوز?ْ فيها المؤل?ف?ْ? ما هو مألوف?َ في الكتابات? الأدبي?ة? عند?ِ غير الحداثي?ين?ِ شكلا?ٍ ومضمون?ٍا? وتختلف?ْ ماهي?ة?ْ هذا الت?جاوز? م?ن موضع?ُ إلى آخر? بحيث نجد?ْها ت?ْشك?ل?ْ في الن?هاية? شبكة?ٍ واسعة?ٍ م?ن?ِ الفروع المتماثلة? والمتباينة? وتجاوز?ْ المألوف هو أسلوب?َ حداثي??َ معروف? ظهر?ِ في الأدب? العربي?? الحديث? منذ أكثر?ِ م?ن خمسين عام?ٍا? ورغم?ِ أن? الحداثي?ين?ِ وما بعد?ِ الحداثي?ين?ِ قد استعملوه?ْ في كتابات?هم في مواضع?ِ عديدة? فإن?ه?ْ لم يصبح? مألوف?ٍا عند?ِ الجمهور? وما زال?ِ ي?ْثير?ْ ردود?ِ فعل?ُ مختلفة?ُ تقبل?ْه?ْ وترفض?ْه?ْ? ويمكن?ْ للد?ارس المدق?ق أن يجد?ِ أمثلة?ٍ ليست? قليلة?ٍ لهذا الت?جاوز? في الأدب? العربي? القديم? خاص?ة?ٍ عند أبي تم?ام والمتنب?ي والم?عر?ي والحريري? وم?ِن نهج?ِ نهج?ِهم? إلا? أن?ه?ْ عند?ِ هؤلاء أيض?ٍا اعتبر?ِ أسلوب?ٍا غير?ِ مألوف? وظل? ي?ْثير?ْ ردود?ِ فعل?ُ مختلفة?ُ عصور?ٍا طويلة. أقف?ْ عند?ِ نماذج?ِ م?ْحدودة?ُ م?ن هذا الت?جاوز:
الت?جاوز الش?كلي?: بالر?غم م?ن أن? المؤل?ف?ِ قد كتب?ِ على غلاف الكتاب “نصوص نثري?ة”? فإن? القارئ?ِ يتساءل?ْ في أكثر?ِ م?ن موضع? هل يقرأ?ْ ش?عر?ٍا أم نثر?ٍا أم شعر?ٍا منثورا? أقول إن? هذه الن?صوص?ِ لا تنحصر?ْ في مجال? الن?ثر? والمزج?ْ بين?ِ الش?عر والن?ثر في كتاب?ُ واحد?ُ هو تجاوز?َ للمألوف? بلا شك?? ويكفي أن أتطر?ق?ِ إلى ما لا جدال?ِ فيه? م?ن?ِ الن?احية? الش?كلي?ة? فشكل?ْ الكتابة? في ص 6/7 مثلا?ٍ يعتمد?ْ الس?طر?ِ الجاري?ِ حت?ى تمام?ه? على طريقة? الن?ثر المتعارف? عليها? بينما في ص 8/12 يعتمد?ْ الس?طر?ِ غير?ِ الجاري? على طريقة? شعر الت?فعيلة? والش?عر المنثور? وهذان الش?كلان كلاهما يتكر?ران في مواضع?ِ عديدة?ُ م?ن?ِ الكتاب? ويلتقيان أحيان?ٍا في نص??ُ واحد?ُ? مم?ا يؤك?د?ْ أن? الم?ِخرج?ِ المذكور?ِ أعلاه?ْ مقصود?َ وم?ْؤك?د?َ مر?ة?ٍ بعد?ِ مر?ة.
الجم?ع?ْ بين?ِ حقول?ُ دلالي?ة?ُ متباينة?ُ تحت?ِ ح?ْكم?ُ واحد: وذلك بواسطة? العطف? نحو قوله ص 6: نمارس?ْ الح?ْب??ِ فيها والش?وق?ِ والعطر? ونسرق?ْ بعض?ٍا م?ن قرنفل?ُ وغزل.
العطر?ْ في الجملة? الأولى يتبع?ْ لحقل?ُ دلالي??ُ مختلف?ُ تمام?ٍا عن الح?ْب?? والش?وق? ومع ذلك?ِ ع?ْط?ف?ِ عليهما? والغزل?ْ في الجملة الثانية? يتبع?ْ لحقل?ُ دلالي??ُ مختلف?ُ تمام?ٍا عن حقل? القرنفل?? ومع ذلك ع?ْطف?ِ عليهما. وقوله ص 13:
حبيبتي تتنف?س?ْ البرقوق?ِ وقبلاتي? فالبرقوق?ْ والقبلات?ْ ينتميان? لحقلي?ن دلالي?ي?ن مختلفي?ن وليس?ِ م?ن?ِ الس?هل فه?م?ْ الجامع بينهما. وقوله ص 19:
أنق?ذ كلماتي والبيلسان? فالكلمات?ْ الث?لاث?ْ تتبع?ْ لثلاثة? حقول?ُ دلالي?ة?ُ مختلفة?ُ ومتباعدة? وهذا الأمر?ْ يتكر?ر?ْ في مواضع?ِ كثيرة? وي?ْشك?ل?ْ م?ِعل?ِم?ٍا بارز?ٍا مثلا?ٍ: ص 20 سطر 3/ 4/ 11 وص 29 سطر 10 وص 57 الس?طري?ن الأخيري?ن? وهذا الجم?ع?ْ يؤد?ي إلى انقلاب?ُ فجائي??ُ وحاد??ُ في الس?ياق? مم?ا يشد??ْ الانتباه?ِ ويجعل?ْ القارئ?ِ يتوق?ف?ْ لحظة لي?ْعيد?ِ القراءة ويتأك?د? وكثير?ٍا ما يثير الد?هشة? وإثارة?ْ الد?هشة? في أدب ما بعد الحداثة أمر?َ إيجابي??َ وهام??َ? م?ن المحتمل أن يكون?ِ تجاوز?ْ المألوف?? بصورة?ُ عام?ة? محاولة?ٍ لكشف? ما لم ي?ْكش?ِف? بعد? ولقول ما لم ي?ْقل?? ولتجن?ب