يوم الصحافة اليمنية .. إحتفاء?َ أثير
يجرفك الهم العام , فلا تعود قادرا?ٍ على التشبث بغصن?ُ حميم?ُ داخل روحك , تأخذك الريح بعيدا?ٍ عنك , يشغلك اليباس عما يسكنك من مناطق معشبة , تؤجل قطاف لحظات ممتلئة غير أنك لا تعود , تكاثر المؤجل ويقصر الوقت عن التدارك , يمضي بك العمر وأنت ترنو بحنين?ُ وأسف?ُ ملازم?ُ إلى ما تركت , تشعر بالغربة كلما وجدت أنك تعمل خارجك , تكتب عن كل شي سواك .
يصحبني ندم?َ ثقيل?َ على ما فرطت في حق صحاب ?ُ كثر تركتهم يغيبون في الزحام وأنا أشيعهم بنظرات متساهلة , في حق أزمنة حبيبة , ما زالت ترمقني في عتب وأنا أو غل في الجفاء .
الحياة لحظات رحبة تسكننا ونسكنها للأبد , تتسع بقدر رحابة النظر والتعامل .
الرجل?ْ العام ما عاد يقدر على فرح طفل , ما عاد يقدر على لملمة روحه من كف الأحزان العاصفة , في إحتفال داخلي بهيج , ما عاد يقدر على أن يغلق الباب على العموميات التي تمتصه بشره ليحتفي بكل ما هو خاص وقريب ودافئ .
يا الله كم أشتاق إلى العودة , ما أكثر ما يدعوني إلى البيت , ثمة أفراح كثيرة تنتظر , ثمة بهجات تملئ القلب , ثمة حب يكفي للإحتفال , يكفي كي أحتضن العالم , يكفي لأن أطير بأجنحة من كلمات فرحه , تأخذنا الإهتمامات الكبيرة غالبا?ٍ إلى حد? التورط وإلى حد أن نرتاب بكل إرتعاش خاص , وكل دفق ذاتي يبحث عن مساحة للظهور , يبحث عن حق للحضور ضمن الإهتمامات الكثيرة المكتوبة .
أنا اليوم داخل البيت , في دعوة خاصة جدا?ٍ , وفي إحتفال?ُ يستحق أن أشتعل بكلي فيه وأشعل آلاف الكلمات , انا اليوم داخل بيتي الكبير محتفلا?ٍ بيوم الصحافة اليمنية , مستعيدا?ٍ بداية الشغف , رفاق البواكير , أنا اليوم داخل وسطي الذي أحب محتفيا?ٍ بالأبهى والأجمل والأغلى والأنبل , يغمرني محيط?َ من بهاء .
آباء الكلمة هنا , لم يغادروا الروح , رفاق الكلمة هنا يأتون من جهة القلب , كل الكبار هنا , كبار هذا الوطن الكبير , كل الحالمين هنا , وطن?َ من كلمات حالمة لم تتنكر للحلم ولم تتنكب الطريق , كل الأقلام الحرة النبيلة التي تكتب صباحات اليمن هنا , مشرعة أسنتها في وجه الظلام .
كم تحتاج كي تكتب هؤلاء الذين يكتبونك صبح مساء , هؤلاء الذين ورطوك في حب تعبهم النبيل , يحضر الصحفيون لقوة ما يمثلونه في الساحة ولقوة الغياب الذي ينازعونه البقاء , هم الحرية الحاضرة , هم الحرية التي تغالب القهر ومواريث التخلف , نشعر بتقصير كبير تجاه ساحتنا لا نكتب عنها بما تستحق , والصحفي عادة?ٍ ما يغرق في الشأن العام حد نسيان الذات , لا يملك الصحفي غرور السياسي ولا جرأته في الحديث عن إنجازات الذات , الصحفي اليمني من أكثر صحفيي العالم تواضعا?ٍ في كل شئ , متقشفون في التعبير عن أنفسهم , سيرهم متقشفة جدا?ٍ , رغم أحترافهم السير على الجمر , ومعانقتهم الحرائق .
في الساحة الصحفية دخلاء يجب فضحهم , وكما أنكر عليهم أنكر النظرة إلى الصحفيين اليمنيين من خلال نموذج شائه هنا أو هناك , ثمة من لا يريد أن يرى الصحفيين إلا من خلال تلك المسوخ , أشعر بالحنق إزاء أولئك اللذين يعمدون لإختزال الوسط الصحفي كله في صورة بائسة ومبتذلة لمبتز?ُ لا يعدم سذجا?ٍ يخضعون للإبتزاز بأكثر مما يواجهونه .
أذكر عبارة ذهبية لمحمد التابعي وهو من الرواد الأوائل المؤسسين للصحافة المصرية قال ” أن البعض كان تهمه الشهرة , والبعض يهمه المنصب , وآخرون المال , غير أني عشت مهتما?ٍ بالإسم النظيف ” وهو ما كانه التابعي فعلا ?ٍ .
في ساحتنا صحفيون كبار , حافظوا على نظافة أقلامهم وأسمائهم , تعج ساحتنا بأسماء نعتز بها , أسماء لامعة مصقولة سامية تواصل حضورها بمكابدة ومشقة , وإستقامة لا ينالها تعب?َ أو إعياء , بقلبي رموز مضيئة تمثل العافية في هذا البلد , لم يكتب الصحفي اليمني تاريخه ولم يعلن عن إنجازاته , قدره أن يغيب في الألم الكبير الذي يحمله , قدره أن يغيب في هذا البحر من المشكلات والتحديات التي يجد نفسه في مواجهتها كرائد تغيير وكزورق أحلام بيضاء مسافرة .
ما الذي ينفسونه على الصحفيين اليمنيين ? لم?ِ يرم?ِ بسوء وهو في مرمى الحياة والأرزاء يكتب مشمرا?ٍ عن روحة معبرا?ٍ عن شقاء الصامتين , ذاهبا?ٍ أبدا?ٍ صوب الحقيقة كاشفا?ٍ العتمة , منتصرا?ٍ للنور للحرية للعدل والمساواة , لوطن تكتبه الأقلام والأحلام لا الرصاص .
الساحة الصحفية لا تخلو من الأخطاء ولأن نصبر على أخطاء الحرية خير?َ من أن نصبر على أخطاء الإستبداد , الصحافة اليمنية ناشئة كثير?َ منها تقوم على طموحات أصحابها وأرواحهم المستبسلة , ما زال المال الخاص أيضا?ٍ جبانا?ٍ في تعامله مع الصحافة والصحفيين , ما زال يدفع للصوص ويحتمي منهم بهم , لم يفكر بعد على نحو جاد في شراكة حقيقية تدعم مأسسة الصحافة على نحو غير مشروط وبما يضمن تعزيز إستقلاليتها وأداءها المهني الحر الذي يكفل لها ممارسة دورها كسلطة رابعة حقيقية .
الصحفي اليمني أكثر موهبة وأقل حظا?ٍ , يؤدي مهنته بحب وشغف ضمن شروط قاسية وظروف مجحفة غير عادلة ,وضمن بيئة مهددة لاستقلاليته على