يوتوبيا المساكين (الحلقـة الثانية)
((يوتوبيا)) تـعني : اللآمـكان . او المكان الخيالي المثالي وهي كلمة استخدمها كثير من الحكماء والفلاسفه كوصف لتصوراتهم عن العالم الذي يحلمون به ? أو العالم الذي يرون انه ينبغى ان يكون لأنه – في نظرهم – العالم المثالي الذي يجب على المجتمع البشري أن يواصل كماله ورقيه لكي يصل إليه وعلى مر التاريخ ظهرت الكثير من تلك التصورات أهمها جمهورية افلاطون ثم كتاب أرسطو “السياسة” وكتاب الفارابي “أراء أهل المدينه الفاضله” وكتاب “مدينـة الله ” للقديس أوغسطين ثم كتاب ” الفردوس المفقود ” لجون ميلتون ثم مدينة الشمس لكلامبا نيللا ويوتوبيا توماس مور ..
وأهمية هذه المؤلفات ليست في أنها أعمالا أدبية فحسب بل لأنها حوت رؤى فلسفيه واجتماعية وسياسية واقتصادية خاصة بكاتبها تدور في فلك ما يجدر بالمجتمع المثالي أن يكونه وكذلك نظامه وحكومته وطريق حياته بالتفصيل? خلا ذلك رؤية الكاتب الفنية والأخلاقية والسياسية والنظام الاجتماعي والاقتصادي والعادات والتقاليد وسائر أنشطة الحياه الاجتماعية ..
رغم ذلك فقد تعذر على كل تلك اليوتيوبيات أن تتحقق بل وأستحال ذلك تماما?ٍ ..
في الحلقة الاولى ذكرنا حكاية الرجل السعيد سعيد مع المساكين وأنبثاق فكرة السكن المنتج المشروع الخيري التنموي العملاق ولعل أهم مايمكن ذكره والربط بينه وبين ماسبق هو أن سعيد استطاع بحول من الله وقوة بتحقيق ماعجز فلاسفة التاريخ عن تحقيقه “المدينه المثاليه ” أو “يوتويبا المساكين” ولعل أهم مايجعلني أن اط لق عليها هذا المسمى وربطها باليوتوبيا هو الشبه الكبير بين هذا المشروع الخيري السكن المنتج ويوتوبيا توماس مور التي ألفها عام 1516م بيـد ان الاعجازالحقيقي هو أن يوتوبيا سعيد تحققت ويوتوبيا مور استحال تحقيقها وبقيت مجرد أوراق ادهشت العالم ورغم ذلك فنحن نعرف الفرق الشاسع بين الفعل والكلام .. بين الاحتمالية والحتمية وهي الحالة التي صبغها سعيد ووصل اليها انتقالآ من الحاله الاولى بصبغه دينيه وايمانا بالله وبالذات وحب?ٍ للخير واصبح اللآمكان والعالم المثالي الخيالي حقيقه وواقع معاش .
وليس علينا الان سوى المقارنه لالشئ إلا لإثبات فعالية يوتوبيا المساكين التي لايراها البعض كما ينبغى ولأن المحاسن لاتتبدى الا بلغة الاضداد .. وقبل المقارنه نذكر شيئا?ٍ من سيرة الرجلين انصافا?ٍ لأحـدهما ولتصبح الرؤية أوضح وأشمل وأعمق….