قصاصات
كانت مثل أي سيدة أو ليدي لها خصوصياتها ? في هذا العالم ?تستذكر الماضي الجميل الرائع مابين اللهو اللعب وما بين السعي والكد والتعب ?ومثل أي فرد له تاريخ يحاول سرده بطريقة أو بأخرى لأناس أعزاء عليه ?هم ليسوا من دمها لكن تربطه بهم علاقات متميزة قائمة على الصدق والصداقة والحب في الله دون مصالح ? زرعوا فيها الكثير من القيم الجميلة ? ودخلت قلوبهم قبل بيوتهم ?وعايشت حياتهم ??عرفت خفايا كثيرة من أمورهم الخاصة والعامة عاداتهم وتقاليدهم .
في كل صباح تحرص سنابل على الإقتراب من أهلها الإفتراضيين أكثر ?وإن كان بعضهم لا يعتبرها كذلك وظلت رغم هذا تتقبلهم ?تبتسم ?أحيانا?ٍ تنحني إحتراما?ٍ لمن يعبرون عن إعجابهم بنشاطها وعملها ?وظلت تتعمق بهم أكثر ?أصبحوا جزء من برنامجها اليومي دون أهلها من عشيرتها خارج الحدود ?أكتشفت أن بعضهم مثل المئات من الأيقونات السحرية والاسطورية التي تتفاخر بها كل أمة بما توارثته من أجدادها من كنوز بشرية وقيم وخلق رفيع ? في ظهيرة متلعثمة ?غيرت مسارها الذي تسلكه يوميا?ٍ إلى بيتها بعد إنتهاء عملها المكتبي الملزمة به ?لتسير في إتجاه آخر معاكس .
وفي ذلك اليوم الحار الذي يميل إلى مدار السرطان بكل إنحياز?خرجت عن جدول أعمالها ??أرادت أن تعاند الحرارة وتتصدى لأشعة الشمس ?وتفرغ شيئا?ٍ من يومها المثقل ?نظرت للسماء وتأملت سطوع الشمس وأيقنت أن هذا اليوم بالنسبة لها ?يوم آخر نوع خاص ?شيء ما في أعماقها يريد معاكستها وفرض ظلاله الضبابية على جبهتها العالية?كانت تجلس وراء مقود السيارة ووصلت إلى البحر الذي يلف المدينة من جهتها الشرقية سارت نحو كورنيش مدينتها الإفتراضية المفضلة التي تقنع نفسها أنها تشعر في كنفها بالأمان ??ألقت التحية على البحر وسلمت عليه فهو سلطان يفرض نفسه على الجميع ?لكنه غير متواضع فقد تجاهلها فكثيرين يرتادونه ?ومن هي كي يقف موجه الهائج للرد عليها ?تأملته بعمق وشرود ليس له آخر ?كان البحر حدقا?ٍ ينظر إليها بعمق وثقة أيضا?ٍ كأنه يسألها مابك اليوم أيتها المتمردة ? وكانت سنابل ترقبه تتصدى لنظراته لها مندهشة من منظره الساحر?الذي يقف بعنفوانه ثائرا?ٍ ?مائجا?ٍ مثل قلبها الذي لا يتوقف عن الخفقان ولو للحظة ??ومابين البحر وتآملاتها به ? وجدت نفسها تتعمق في داخلها المبعثر ?وعادت ذاكرتها إلى الماضي كما كل البشر ??بدأت تراقب مشهدا?ٍ شريطا?ٍ من حياتها في مرحلة الطفولة المتأخرة ? وبدأت تعرض عليها ايام دراستها وهي طفلة عفوية مشاغبة ?ما بين عشقها للعب مع الكبار وملاحظة الزوار العابرين والتحرش بالكثيرين كي تلفت إنتباههم إليها عبر شارع جبل المريخ الرئيسي ?الذي سمي بذلك نظرا?ٍ لإرتفاعه فوق قمم مدينة عم?ٍان عاصمة الاردنيين من كافة المنابت والأصول كما كان يناديهم فارس الفرسان وسيد الرجال والد ها الروحي الذي توفاه الله ?? ووالدها بالنسب والدم رحمهما الله ??رأت جارتهم أم أحمد تناديها وشاهدت صديقتها إيمان التي كانت تلهب قلوب أولاد الجيران بجمالها وشعرها الطويل الغجري المتمرد فوق ظهرها ?رأت أمها رحمها الله التي كانت أمهر الطهاة في حي الفردوس للذة الطعام الذي تقدمه لكل من وصل بيتها وحتى من إشتم رائحته عن بعد ? في حي الفردوس الذي ما زال نابضا?ٍ بالحياة للآن وأطلق عليه الإسم “الفردوس ” لأنه كان عابقا?ٍ بشذى الأزهار على كافة أنواعها وألوانها وعطورها ?كان يتميز بسحر التآلف والمودة والمحبة التي نفتقدها في أيامنا هذه صوت الموسيقى وإيقاع مهباش الراعي أبو أحمد البدوي الذي يسيطر على الجبل فهو حارسه قبل أن تكثر به البيوت الآهلة بالسكان ?عادت لتسمع صوت تغريد الطيور العذبة التي تنبعث من عش خفي قمة الشجرة الكبيرة الوافرة الظلال ?? وشجر السنديان الذي كانت تسكنه العصافير المغردة? وتحيط به أشجار الصنوبر ?تتوسطه شجرة سنديانة يزيد عمرها عن خمسين عاما?ٍ والتي زرعتها السيدة أم حنا رحمها الله جارة بيت سنابل من بنات عيسى ??كانت سنابل تعشق كل هذا وكانت هي قائدة بين عشرة من الصبيان ?أحبت لعبة عسكر وحرامية ?ولعبة السبع طابات ?كانت تقلد روبن هود في شجاعته ومساعدته الفقراء ?بقيت سنابل تحدق في الأفق ما بين البحر وموجه الهائج وشرودها المسترسل في ذاكرتها ?تذكرت أولاد الجيران وليد وغالب المشاغبين الذين كانوا يفسدون أوقات اللعب عليها مع اصدقائها وصيقاتها سمية وسهيلة ? وتذكرت أخاها عمر وعثمان وعلي وبكر لقد حرص والدها على تسميتهم بأسماء الخلفاء الراشدين أرادهم رحمه الله أن يكونوا رجالا?ٍ من نوع خاص يتحملون مسؤولية أمة وليس فقط أسرة صغيرة تائهة عائمة متناثرة ??رأت أم أحمد مرضعتها رحمها الله حتى حين كبرت ,اصبحت تمشي وتجري مثل فرس البحرأو النهر وهويختال بين الانواع الاخرى من الأحياء في مجرى نهر يتدفق بعطاء بلا حدود ?تذكرت كأس الحليب الذي كانت ام أحمد ترغمها على تناوله مثل مآذنات المدارس في الأونروا في مخيمات عمان وفلسطين إبان ال