“الجبولي” نضال من أجل الثورة ونضال من أجل استرتاد الحقوق
(دحرنا الامامه والاستعمار في غضون سنوات معدودة وأبحث عن حقوقي منذ عقدين من الزمن.. قاتلت في ثورة سبتمبر وأكتوبر وينتهي بي المطاف بأن أجد رقمي العسكري قد بيع بـ40 ألف ريال(.. هكذا بدء الحاج/ محمد عبدالله شمسان الجبولي أحدي مناضلي ثورة سبتمبر وأكتوبر حديثه معنا. رغم انه مناضل إلا أن الحقوق ظلت طريقها إليه? ولم يعد له شي سوا ذاكرته القوية التي مازالت تحكي أدق التفاصيل عن مسيرته النضالية والتي بدئها مناضلا في سبيل الثورة وربما سينتهي به الحال وهو يناضل في سبيل أاسترداد حقوقه.
محمد الجبولي البالغ من العمر 70 عاما يقيم في غرفة ضيقة بمديرية الصافية بإيجار شهري يبلغ 2000 ريال يقوم بدفعها من عمله كـ “مليس”. وقد قام الجبولي بإلصاق كل أوراق معاملاته في جدران غرفته لان ذلك بحسب قوله: يزيد من عزمه وإصراره في البحث عن حقوقه.
يستيقظ من الصباح الباكر وهو يحمل بين يديه كيس من الأوراق التي يعود تاريخ بعضها إلى عهد الثورة ليبدءا مشواره المعهود طارقا?ٍ أبواب الصحف لعرض قضيته لعلة يجد أي تجاوب من الجهات المعنية.. وغالبا?ٍ ما يتعرض لمن يستوقفه جملة من الأوراق التي تثبت كل ما يقوله عن تاريخه النضالي بما فيها الصور القديمة التي تؤكد حكايته وقصت نضاله.
لدية أوامر من أربعه وزراء دفاع وتوجيهات من أكثر من قائد عسكري إلا ان جميعها لم تنجح في تسوية وضعة وإعادة الاعتبار اليه.
يحكي الرجل حكايته التي يقول فيها بأنه في عام 62م التحق بمقاتلي الثورة وانضم إلي السرية46 حرس جمهوري بقيادة العميد عبد الكريم السكري وعبد الرحمن قرحش بينما كان محمد صالح البحيري وعلي عباس قادة مواقع. حينها أصيب بطلقة في رجله أثناء مواجهات في قرية شهير بكحلان في العام 1963م ويثبت ذلك تقاريره التي يحملها برفقته دوما.
خاض مع زملائه معارك الجبهة الشمالية في حجة وعام 63م أصيب بجرح في فخذه خلال معركة كحلان الشرف أسعف على أثرها إلي مستشفي ألحديده حيث عولج هناك. وكانت القيادة حينها قد حافظت علي حقه في ذلك الوقت ومنحته معونة يومية (ريال إلا ربع) فرنسي وبعد خروجه من المستشفي عاد إلي وحدته العسكرية ليفاجأ بان القيادة ترفض عودته والمبرر انه لم يعد ينفع للخدمة العسكرية بسبب أصابته.. حينها حاول أن يثني قيادته عن القرار لكن دون جدوا ليحزم أمتعته ويتوجه نحو الجنوب الذي كان حينها منتفضا في وجه الاحتلال وهناك التحق بنقابة العمال برئاسة عبد الكريم مكي ليعمل معهم كمعلم بناء في النهار وفي الليل مشاركا في العمليات القتالية ضد الاحتلال البريطاني.
وبعد الاستقلال في 67م تم اختياره ضمن نخبة من الجنود اليمنيين الذين تم اختيارهم كسرية سيتم إرسالهم إلي سيناء لدعم الجيش المصري. وبعد قدومهم إلي صنعاء للاستعداد للسفر تغيرت مجريات الحرب في مصر وأمر الرئيس عبدالله السلال بصرف 5 ريال (فرنسي) لكل فرد في السرية وأعادتهم إلي الجنوب.
وانتصرت الثورتان وعاد الرجل إلي صنعاء ألا أن الأبواب ضلت موصده أمامه? حينها قرر السفر وغادر البلاد مغتربا حتى العام 1988م وبعد أزمة الخليج عام1990م اصدر إعلان لكل من لديه ما يثبت اشتراكه في الدفاع عن الثورة أن يقدمها لكي يحصل علي الرعاية والاستحقاقات الأزمة ومن يومها وحتى اليوم وهو يتنقل في أروقة المكاتب المعنية بحثا?ٍ عن حقه ولكن دون جدوى.
يمتلك الرجل وثائق راتب كان يستلمه عبر الرقم العسكري (373691) غير أن ذلك الرقم اختفى وظهر فجأة باسم شخص آخر يستلم به رواتبه حتى الآن باسم علي فضل ناصر.. ويؤكد ان صفقة الراتب تمت بمبلغ 40 ألف ريال دفعها المستفيد للمعنيين فيما تم منحه رقم أخر (373703) ولكنه مازال يبحث عن اعتماده.
يحكي عن معاناة ومرارة وتعب المعملات طول هذه السنين ويقول: صودر ملفي عدة مرات مما اضطرني إلي أخراج الوثائق من جديد وكل ذلك يكلفه مبالغ كبيرة. ويضيف: أحاول الوصول إلي الرئيس لكن ذلك ليس ممكن لأنه يحتاج الي وساطة كبيرة.
ومنذ عقدين من الزمن يحمل العجوز محمد عبدالله شمسان الجبولي ملفه أمام الدوائر العسكرية في العاصمة صنعاء ولم يفقد الأمل في الوصول إلى نتيجة.
الجبولي حاول مرارا?ٍ وضع حل لقصته من خلال اتخاذه أساليب عدة للتعبير عن وضعه حيث اضطر ذات يوم لأن يلتقط صورة في الاستديو على أنه ظنا?ٍ منه بان ذلك سيجعل المعنيين عن قضيته يستعطفون حالته.
ينهي كلامه معنا بعد شرح طويل لقصته متسائلا عن قيمت الثورة هل قامت لتنهب الحقوق وتسلب المستحقات?
ويطالب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بوضع حل لقضيته كونه صاحب حق ويأمل مكافأته في نهاية عمره بدلا من أن يظل على أبواب الدوائر العسكرية باحثا عن رقم.