كيف تدحرج موقف آل سعود نحو الحرب في اليمن?
كثيرة هي الملفات التي احتلت صدارة المشهد الإقليمي على مدى العامين الماضيين? سوريا ومصر والعراق وغزة والنووي الإيراني والصدام الخليجي ــ الخليجي… وحده الملف اليمني كان يستعر تحت الرماد. كان اليمن حاضرا?ٍ في كل استحقاق للسعودية ضلع فيه? من المصالحة مع قطر? الى صراعها مع إيران? وكان عنصرا?ٍ رئيسيا?ٍ في علاقتها بالقاهرة. كذلك حضر اليمن في مناقشة السعودية مطلب الادارة الاميركية استيعاب «الإخوان المسلمين» في إطار مشروعها لإعادة تمكينهم من المنطقة.
خسر النظام السعودي جميع أوراق القوة في اليمن. نافس قطر بقوة? ورفض أي نفوذ للإخوان المسلمين الذين ما إن تلق?وا? ومعهم آل الأحمر? صفعة كبرى على أيدي جماعة «أنصار الله»? حتى سارعت الرياض? ومعها الضغط الأميركي? لإعادة الدوحة إلى بيت الطاعة. ومن ثم عملت المملكة? وبمباركة أميركية? على تشكيل جبهة داخلية أرادتها سدا?ٍ منيعا?ٍ أمام تمد?د «أنصار الله» من دون أن تنجح. كان هؤلاء يكسبون كل يوم المزيد من الساحات? إلى أن دخلوا صنعاء. بعدها دخل الجميع في مفاوضات تجم?دت لحظة رحيل الملك عبدالله? فنفذ الملك الجديد سلمان انقلابه واستقال عبد ربه منصور هادي في اليوم نفسه? فعادت الأمور إلى النقطة الصفر? وبدأ التفكير في العدوان.
العامل القطري
تقول مصادر خليجية متابعة لملف اليمن إن «قطر حاولت? خلال ما عرف بالربيع العربي? أن ترث دور السعودية في اليمن بالكامل. الجميع? بمن فيهم القبائل والإخوان وآل الأحمر? انخرطوا في الصراع إلى جانب قطر بحيث لم يبق للسعودية في اليمن من حليف إلا علي عبدالله صالح». وتضيف أنه «حينما تمكن أنصار الله من القضاء على نفوذ الإخوان وآل الآحمر? اعتبر ذلك مكسبا?ٍ للسعودية في اليمن? لأنه مثل ضربة قاصمة لنفوذ قطر. بعدها فقط تحرك مشروع المصالحة القطرية السعودية».
مصادر يمنية تشير إلى أنه «من اللافت أنه قبيل سقوط دماج والخمري ومنطقة كتاف وحاشد (في شباط 2014? وهي مناطق نفوذ الإخوان وآل الأحمر) بيد أنصار الله? وصل مندوب سعودي وجال على جميع مشايخ القبائل والوجهاء المرتبطين ماليا?ٍ بالرياض? موحيا?ٍ لهم بأن الرياض لا ترغب في دعم هذه المجاميع في مواجهتها مع الحوثيين».
طلب السعوديون من صالح تعهدا?ٍ بألا يسه?ل للحوثيين أي أمور
جاء ذلك في أعقاب إعلان هادي مشروعه لتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم? والذي يحرم الحوثيين من منفذ على البحر كما يحرمهم من أي تأثير في المناطق الغنية بالنفط في محافظة الجوف? وذلك بدعم داخلي قوي من حزب «الإصلاح» (الإخوان) وتسليم من آل الأحمر? ورعاية خارجية قطرية بالأساس وغض? طرف سعودي.
حصل ذلك في إطار لعبة داخلية: عجز مؤتمر الحوار عن حسم قضية التقسيم? ففو?ضوا إلى لجنة? كانت صورية برئاسة هادي? حل?ها? فخرج الأخير بهذا التصور. حزب «الإصلاح» كان أكثر المتحم?سين له. رأى أنه يحشر «أنصار الله» وحزب «المؤتمر» بزعامة صالح في إقليم واحد? أطلق عليه اسم أزال? بحيث لا يمارسون أي تأثير خارجه? بخلاف حالة «الإصلاح»? المنتشر في كل المحافظات تقريبا?ٍ. وبما أنه الحزب الأكثر تنظيما?ٍ? رأى أنه سيكون القوة الأولى في كل الأقاليم.
وتضيف المصادر الخليجية أن «واشنطن كانت تضغط على السعودية من أجل مصالحتها مع «الإخوان» ومع راعيهم القطري? لكن هذه المصالحة كانت تصطدم دائما بعقدتين: إخوان اليمن ومصر عبد الفتاح السيسي». من هنا? تتابع المصادر? أبلغت الرياض الوسيط الكويتي بينها وبين الدوحة أن على قطر «التخلي عن ورقة اليمن وتعيد تسليمها للمملكة? وأن تسير خلف السعودية في المصالحة مع القاهرة» التي زارها رئيس الديوان الملكي السعودي آنذاك خالد التويجري والشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني مبعوثا?ٍ لأمير قطر في 21 كانون الأول 2014.
لم يكن اليمن مصدر صداع سعودي من الزاوية القطرية فقط? بل أيضا?ٍ من الزاوية الإيرانية. هذا ما ظهر جليا?ٍ خلال لقاء وزير الخارجية الإيراني آنذاك علي أكبر صالحي مع نظيره سعود الفيصل في جدة? في أيار من عام 2013. وقتها كان الفيصل مستمعا?ٍ إلى شرح مستفيض حول أحوال المنطقة? ولم يتلفظ باسم أي بلد سوى اليمن. قال لضيفه الإيراني «إلى أين أنتم ذاهبون? ماذا تريدون أن تفعلوا? نشعر أن المنطقة مضطربة. أمن الخليج الذي تتحدثون عنه بحاجة إلى خطوات أكثر حذرا?ٍ».
جبهة داخلية ضد الحوثيين
في اليوم الذي سقطت فيه عمران? سارع عبد ربه منصور هادي إلى زيارة السعودية. كانت الأجواء مشحونة بالغضب? وعب?ر السعوديون للضيف اليمني? بوضوح? عن حنقهم. كان رد?ه بسيطا?ٍ: أنا مكشوف الظهر وليس لدي من يناصرني. سألوه: أين علي عبدالله صالح? أجاب: جالس في البيت لا يؤتي حركة. حصل نقاش عميق حول ما يجري في اليمن? كانت خلاصته أن مصالحة صالح مع «الإخوان» وآل الأحمر باتت واجبة.
المصادر الخليجية تؤكد أن السعوديين في ذلك الوقت? وعلى وجه التحديد الملك عبدالله ومحمد بن نايف? كانوا يعتقدون أن ا