بهدوء لفخامة الرئيس ولأنصار الله و للجميع
منذ العام 2011م تتعاطى المكونات السياسية في البلد مع العملية السياسية الجارية فيه منذ ذلك التاريخ وهي بين من لا يعي او من يتجاهل او من لا يركز – عمليا – ما هي طبيعة هذه العملية السياسية الخاصة التي لا تأتي في مساق العمل السياسي الطبيعي الذي يتم في حالة استقرار مختلف أوعية الدولة ووضح كامل لحدود العمل السياسي ووجود للآليات المنهجية للحسم في اي خلاف بين المكونات السياسية .
يتمحور العمل السياسي ابتداء حول شغل الأوعية المختلفة للدولة وما يتطلبه ذلك من الحصول على شرعية للوجود في اي منها من الرئاسية الى التشريعية الى التنفيذية والحصول على حق التصرف بسلطة تلك الأوعية مع تحمل مسئولية التصرف بموجب تلك السلطة , وفي الوضع الطبيعي تأخذ العملية السياسية شكل التنافس ألبرامجي او بالمواقف تجاه الشئون العامة ويكون لهذا التنافس مداه فإما ان تتمكن المكونات السياسية من حسم اتفاقي فيه الشأن او يتم اللجوء الى الآليات المعتمدة للحسم كالآليات الديمقراطية المعروفة التي تحسم في اي خلاف او اي تنافس تبعا لتصويت او انتخاب او قرار طرف مخول بقرار الحسم .
عندما تكون مؤسسات الدولة مستقرة وحدود العمل السياسي واضحة والآليات المنهجية للحسم السياسي قائمة ومؤهلة لا يكون للعمل السياسي اثأر سلبية على البلد والمجتمع مهما بلغت حدة الخلاف او مستوى التنافس , بينما يكون العمل السياسي في وضع لا يتوفر فيه ذلك مصطحبا لقدر كبير من السلبية و يزيد من حجم التعقيدات ولا يفضي الى حل لاي مشكلات سياسية وبالتبعية تضطرب أوضاع البلد وتسوء حياة المجتمع في مختلف جوانبها نتيجة لت?نافس السياسي الغير محكوم والغير منهجي و الغير مسئول , ويتحول الى نوع من العبث والتخبط الغير مفضي الى نتيجة والغير قاصد لهدف .
تراوح البلد منذ العام 2011م في وضع استثناني لا تقوم فيه الدولة بوضعها المنهجي ولا تقوم الأوعية المختلفة لها الرئاسية والنيابية والحكومية بالصورة كاملة الأهلية ولا تتوفر آليات الحسم السياسي والديمقراطي بالشكل المؤهل الذي يمكنها من القيام بدورها , وبالتالي واقعا البلد تمر بمرحلة استثنائية او كما يسميها السياسيون فترة انتقالية , والضابط الوحيد فيها هو الاتفاقات والرعاية الدولية والأممية لتلك العملية , وما قد يتوفر للمكونات السياسية من الحرص على الخروج بالبلد مما هو فيه ان صدقت ادعائها بذلك .
الأمر الذي لا يجب ان يغيب عن أنظار السياسيين في البلد والمتعاطين مع الشأن السياسي كذلك هو ان الهدف من هذه العملية المستمرة من ال 2011م و حتى اللحظة هو تهيئة الوضع في البلد لملئ أوعية الدولة المختلفة وفق آليات منهجية ومؤهلة للحسم السياسي وفي مقدمة هذه الآليات اللجنة العليا للانتخابات و السجل الانتخابي , وان تتوفر عدد من المواصفات التي تضمن استخدام من ستقع بيده السلطة بما يحقق المصلحة العامة وان تكون هناك مؤسسات قادرة على ان تحم?له مسئولية سوء استخدامه لتلك السلطة اذا أساء .
في ضوء المفهوم السابق يجب على جميع المكونات السياسية ان ترتب وتحدد مواقفها وخطواتها تجاه العملية السياسية الانتقالية الجارية في البلد وان تعمل ما تستطيعه كي تصل هذه العملية الى الهدف منها , و ان تبتعد هذه المكونات عن المضي في صراعات وخلافات تطرأ نتيجة بعض التفاصيل الناتجة عن تفاعلات الواقع الانتقالي الحاصل في البلد , و ان تقدم أقصى التنازلات الممكنة تجاه هذه التفاصيل بحيث لا تصبح سببا في حرف مسار العملية السياسية برمته ومنعها من تحقيق هدفها او تأخير زمن الوصول اليه او زيادة تعقيداته و رفع حجم التضحية التي يدفعها البلد والمجتمع في سبيل تحقيق ذلك الهدف .
مؤخرا طفت الى السطح العديد من هذه التفاصيل وباتت الإطراف السياسية تتعامل معها وكأنها صلب العملية السياسية و تشدد تجاهها بشكل مفرط وتربط مصير العملية السياسية برمتها بها , وكان هذا النوع من التعامل تجاه تلك التفاصيل هو الذي سيكون فيه حل مشكلة البلد واخرجه من الواقع الانتقالي الذي يراوح فيه مع ان الجميع يمكنه بشي من إمعان النظر ان يدرك ان الحسم في هذه التفاصيل لن يفيد في كثير , فمن شرعية مجلس النواب الى شرعية الرئيس هادي الى مكان الحوار الى غير ذلك من التفاصيل التي لا يترتب على التعامل معها كما سبق الا مزيد من إهدار الوقت ومزيد من حجم التضحية التي يقدمها البلد والمجتمع , بل ان التشدد تجاهها قد بات يهدد تمك?ن العملية السياسية الجارية من بلوغ الهدف الذي جاءت من اجله والذي تدور من حوله منذ العام 2011م .
يجب على المكونات السياسية في البلد بلا استثناء ان تتفهم وتعي ان الهدف هو ما يجب ان يتم العمل عليه لان فيه الخلاص من المناكفات السياسية الحاصلة , وان المناكفات الحاصلة لا تقدم ولا تأخر بل تزيد التعقيد و الصعوبات امام تحقيق الهدف , وان تقديم التنازلات تجاه قضايا المناكفات هذه والسماح باستمرار سير العملية السياسية هو الذي سيخرج البلد مما