الشراكة في السلطة كضرورة لتجنيب اليمن سيناريو سوري آخر
من يعرف بديهيات التفاوض والحوار يمكنه أن يجزم أن الحوار الدائر في الموفمبيك لا يمكن أن يصل الى نتيجة الا إذا كانت تكريسا?ٍ للواقع الذي فرضه أنصار الله مؤخرا?ٍ وأصبحوا بموجبه سلطة الأمر الواقع في شمال اليمن.
وسيكون دور الأحزاب حينئذ شرعنة الوضع القائم واضفاء الشرعية عليه? وأنا هنا لا أسعى أن تبقى سلطة أنصار الله غير معترف بها داخليا?ٍ من بعض المناطق ولا ان ت?ْعزل أو تقاطع من بعض دول الخليج? لكني في نفس الوقت لا اريد أن يخرج لنا موفمبيك بتسوية هزيلة تعكس عجز قادة الأحزاب وضعفهم واستسلامهم? ثم سرعان ما يلفظها الواقع وتنقلب عليها جماهير تلك الأحزاب قبل غيرها ولا تلبي الحد الأدنى من مخاوف دول الجوار العربي.
اليمن بحاجة أكثر من أي وقت مضى الى شراكة وطنية حقيقية بين مختلف القوى والتيارات السياسية? بما يمنع أي تيار من أن يجير الدولة ومؤسساتها وسياستها لمصلحته ومصلحة تحالفاته الإقليمية والدولية? وبالتالي تجنيب اليمن مخاطر صراع المحاور المحتدم في سوريا والعراق.
لا يمكننا انكار أن لأغلب القوى والجماعات والأحزاب السياسية اليمنية علاقات وامتدادات إقليمية ودولية? تتفاوت ما بين التبعية والولاء الى الشراكة في توجهات سياسية محددة? وتو?ِل?ي أنصار الله للسلطة بمفردهم سيدفع بدول في الخليج وأخرى غربية الى التعامل مع صنعاء على اعتبارها دمشق أخرى تم صناعتها في اليمن? وبالتالي سيتم التعامل مع اليمن كدولة معادية أو تابعة للمحور الإيراني? وهذا تحديدا?ٍ ما سيجعل اليمن مسرحا?ٍ لمعركة إقليمية قادمة بتمويل خليجي غربي ودماء يمنية? فلا يمكن أن تقبل الرياض وأبو ظبي ودول أخرى بوجود أسد جديد جنوب السعودية بما يضع الرياض وحلفائها العرب بين فكي كماشة “أسد الشام وأسد اليمن”.
ومن هنا فمن صالح اليمن أن ت?ْحك?ِم بشراكة بين مختلف التيارات في اليمن وبالأخص التي لها ارتباطات وعلاقات إقليمية بما يجعل كل دول المنطقة –بما فيها ايران- تشعر أن لها من يمثل مصالحها في السلطة في اليمن وبالتالي تقل تدخلاتها الضارة والعدائية الى الحد الأدنى.
ميزان القوة اليوم مختل وبشكل واضح لصالح أنصار الله? ولا يمكن أن تكون هناك شراكة حقيقية الا بتعديل هذا الميزان? وأنا لست مع العمل على تعديل ميزان القوة المسلحة فذلك مكلف جدا?ٍ على اليمن وخطر على دول المنطقة إذا ما فتح صراع مسلح قد لا تكون الأراضي اليمنية هي مسرحه الوحيد? فقد يمتد شمالا?ٍ إذا ما دخلت السعودية على الخط بشكل واضح ومباشر كما حدث في حرب صعدة السادسة? ولكن يمكن تعديل الميزان بنقل المعركة الى نوع آخر من القوة? اقصد بها “قوة السياسة وتحريك الجماهير” وعمل سياسي ضاغط حتى تعود الأوضاع الى مسارها الصحيح? ولا يمكن أن يتمكن حزب لوحدة أن يعمل على تعديل ذلك الميزان عبر قوته السياسية والشعبية? ومن هنا فلا مناص من تشكيل تحالف من مختلف التيارات والأحزاب السياسية? هذا التحالف لا ينبغي أن يكون موجها?ٍ ضد أنصار الله كتيار بل ضد خطوتهم الانقلابية الأخيرة.
بغير هذا التحالف الذي تحدثت عنه تفصيلا?ٍ في مقال الأمس الذي كان بعنوان ” لن يوقف تداعيات انقلاب أنصار الله الا تحالف وطني واسع” لا يمكن تعديل ميزان القوة? وسيتمكن أنصار الله من فرض خيارهم واستقطاب اشخاص من بعض الأحزاب للعمل معهم -ضدا?ٍ على رغبة أحزابهم- بما يضفي على سلطتهم البعد الوطني ويخفف من بعدها المناطقي الطائفي –بحسب رؤية خصوم الحركة- ولو شكليا?ٍ? وهذا معناه ادخال اليمن في المجهول عبر مزيد من الصراعات والحروب والأزمات الاقتصادية الناتجة عن تعامل دول الإقليم وبعض الدول الغربية مع نظام صنعاء على اعتباره حاملة طائرات إيرانية ترسو على مضيق باب المندب وبجوار أهم حقول النفط في السعودية.
“نقلا?ٍ عن صحيفة الأولى”
albkyty@gmail.com