انفصام ونرجسية..?!!
نعبد الله بطريقتنا لا كما أمرنا سبحانه وتعالى , ونحب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بطريقتنا لا كما أمرنا , ونتحدث عن سنته بطريقتنا ولا نتحلى بأخلاقياته عليه الصلاة والسلام , نتحدث عن الوطن بطريقتنا وبما يتسق مع مصالحنا , ونتحدث عن الشعب ونعني انفسنا والمقربين منا وعصبيتنا القبلية والمناطقية , نتحدث عن الحرية ونعني بها حريتنا بصورة فردية بعيدا عن الحرية الجماعية والكلية , نتحدث عن الحب ونقصد به حبنا لأنفسنا وليس حب الاخر , أوصانا رسولنا وديننا بحق الجوار ونحن نتقاتل داخل البيت الواحدة والأسرة الواحدة , ولد يقتل أبيه وأخ يستبيح دم أخيه وأخر يسفك دم أمه ..!!
نعيش حالة انفصام ونرجسية على المستوى الفردي والجماعي وكأنها ثقافة مكتسبة رضعناها مع حليب امهاتنا ..!!
الشواهد الدالة على هذا كثيرة في الوسط المجتمعي والوطني والقومي والإسلامي بصورة كلية المشهد الدرامي الذي يعنون حياتنا كعرب ومسلمين يدعوا للسخرية من حالة الانحطاط التي نعيشها وهي حالة مجبولة بكل قيم الكذب السافر والغش والنفاق والنصب وليس ثمة ما يدل في سلوكنا على كوننا ندين بدين الإسلام أو من اتباع النبي العظيم عليه الصلاة والسلام الذي وصفه ربنا بقوله ” إنك لعلى خلق عظيم ” .. في مسارنا لكل عالم دين دينه وديدنه , ولكل فقيه سنته ومرجعيته , وطنيا لكل رمز وطنيته ومشروعه الذي وجد مفصلا لتحقيق مصالح هذا الرمز أو ذاك بمعزل عن الوطن بنطاقة الكلي او الرؤية المجتمعية الشاملة , فالمتحدث عن الوحدة يؤمن بالوحدة التي تحقق له ولحاشيته وللمقربين منه مصالحهم وغير هذا لا وحدة ولا يجب أن تكون , ومن يحدثك عن الحرية يراها في نطاق حريته هو بمعزل عن حرية الأخر التي لا تعنيه , ظواهر انفصامية طاغية في سلوكنا ومسارنا ومواقفنا ليس لها نهاية ولا يمكن ان تكون قاعدة لبناء مجتمعات راقية ..
مجلة ” شيلي أبدو” كانت مجلة مغمورة لا توزع أكثر من 10 ألف نسخة بفضل غبائنا صارت توزع 5 مليون نسخة ..? لأننا ضاعفنا من توزيعها بسبب غبائنا لان الانتصار الحقيقي لرسولنا ليس بالمسيرات والمظاهرات والقتل بل في الاقتداء بسنة هذا الرسول العظيم والتحلي بأخلاقه واقتفاء المسار السلوكي والاخلاقي الذي عنون به حياته ..
نحن للأسف نقوم بكل ما يناقض قيم الدين والعرف والوطنية والاخلاقيات ثم ندعي جزافا إننا من اتباع الرسول الكريم وجنود أوفياء لسيرته ومسيرته وللتعاليم السماوية التي جاءا بها من رب العالمين وهو ادعاء زائف لا ينطبق مع حقيقة مشاعرنا البعيدة كل البعد عن قيم الرسول الكريم وتعاليم رب العالمين , حتى وأن تسابقنا للمساجد وتنافسنا على الصفوف الأولى فكل هذه الظواهر لا تعبر الا عن حالة انفصام نعيشها بين ما نتحدث به ونمارسه , حالة انفصام مسكونة بالكثير من النوازع النرجسية القاتلة التي نعاني منها وبها يشهد الواقع الذي نحن فيه ونعيشه بما فيه من تناقضات مجتمعية كارثية ومدمرة لكل القيم والاخلاقيات المتعددة والمفترض ان نتحلى بها ولكن للأسف ندعيها ونتحدث بها دون أن نعمل بها لأننا باختصار لا نؤمن بها بقدر ما نؤمن بقيمنا الخاصة التي تتجسد في تداعيات واقعنا وما نعاني فيه من ظروف لا تعبر عن إسلامية هذا الواقع ولا تدينه ولا انتمائه لرسول البشرية المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام ..
لذا لا اعتقد أن الرسول الكريم بحاجة لنصرتنا ولا لخطاباتنا العصماء بل هو بحاجة لمن يتبع سنته ويقتفي اثره السلوكي والاخلاقي ..نعم هذا ما يحتاجه الرسول الكريم أن نصدق في اتباع سنته ولا نكذب عليه وعلى انفسنا بالانتماء له ونحن أبعد ما نكون عن مدرسته السلوكية العظيمة وعن قيم وتعاليم الدين الذي جاءا به من عند رب العالمين ..!!
نحن باختصار غير صادقين بانتمائنا للدين الإسلامي , ولا صادقين بالانتماء للرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام , ولا صادقين بالانتماء للوطن , ولا صادقين بالانتماء للشعب والامة , لكن أصدق ما فينا أننا نكذب على انفسنا وعلى كل من حولنا بانتمائنا لكل هؤلاء وهو انتماء زائف لان الغالب أن انتمائنا ينحصر لمصالحنا فقط , ولا جل تحق مصالحنا نوظف كل هذه القيم الدينية والوطنية سعيا للانتصار لمشاريعنا الخاصة على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة ..?
لهذا نعيش وعلى مختلف الصعد الفردية والاجتماعية والوطنية والقومية والإسلامية هذه الحياة المريرة الملطخة بالدم والدموع والقهر والجوع والخوف وكل هذه العوامل هي حصيلة اعتقادنا وما نقوم به وهي حصيلة تتناقض مع قوله تعالى ” العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ” ..!!
ameritaha@gmail.com