2014 عام انهيار (الهيكل الإخواني)
فاصل زمني طويل يبلغ 8 عقود? فصل بين تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر وبين وصولها إلى الحكم? في مسقط رأسها. ولكن كل? هذه السنوات من التخطيط والعمل وجمع المال والدعم والعيش في المنافي? ذهبت سدى في أقل من سنة أثبت فيها الإخوان فشل سياستهم. بل إنهم خلال هذه السن?ة تراجعوا إلى الوراء أكثر وبعد أن كانوا جماعة محظورة أصبحوا جماعة إرهابية.
من 2011 إلى 2014? هي الفترة التي احتاجها الإخوان المسلمون لينسفوا فيها أكثر من 85 سنة من التخطيط والمحاولات تحقيق حلم مؤسسها حسن البنا بدولة الخلافة الإخوانية أو ما يعرف بين تلامذته بـ”أستاذية العالم”? وهذه الدولة يكون مركزها مصر? مسقط رأس الجماعة? وأحد الأعمدة الأساسية في منظومة الدول العربية.
عمل الإخوان على تحقيق هذه الخط?ة على مدار أكثر من ثمانية عقود? وأنشأوا خلاها شبكات عالمية وتغلغلوا? في صمت? في الكثير من المجتمعات? وفي أكثر من سبعين بلدا حول العالم? ويكون في كل بلد مراقب عام? ويرأس الجماعة على المستوى العالمي المرشد العام الذي يتم انتخابه من مجلس شورى الجماعة على أن يكون من مصر.
لكن? ولأن الإخوان جماعة لا تؤمن بالوطنية ولا بالقومية العربية? ولا مانع لدى قادتها من التعاون مع الجهات الخارجية لاختراق الوطن العربي وتحقيق حلمها بالوصول إلى “أستاذية العالم”? سرعان ما سقطت? بعد سنة واحدة من حكمها في مصر? وأيضا مشاركتها الحكومة في تونس? ورغم?ِ سقوط الجماعة الذي توالى في بقية دول العالم? وفي كل مكان امتدت فيه شبكتها? الحلم الإخواني? ليؤك?د الخبراء والمحللون أن سنة 2014 هي سنة انهيار الإسلام السياسي? (بالمفهوم الذي رو?جت له جماعة الإخوان المسلمين).
ولم يكن من السهل على جماعة الإخوان المسلمين? بعد الوصول إلى السلطة? التي طمحت إليها منذ انطلقت في سنة 1928? أن تتنازل بسهولة عن هذا الأمل. والماضي الدموي للجماعة وتاريخها الحافل بالاغتيالات وعمليات التصفيات? طغى على ادعائها بحمل الدعوة الإسلامية الوسطية الذي استخدمته ستارا للتخفي من أجل التمكن والوصول إلى السلطة? لذلك سرعان ما حر?كت تنظيماتها السرية? لمحاولة الانتقام من الشعب الذي رفضها لأنها وعدت وأخلفت.
أمام هذا الواقع? لم يكن هناك من بد? سوى استباق الخطر? وتضييق الخناق على قيادات الجماعة ورؤوسها? وكان من الطبيعي أن تبادر مصر? بإعلانها “تنظيما إرهابيا”? لأن? مصر من أكثر الدول العربية التي عانت من تاريخ الإخوان الدموي? منذ اغتيال المستشار القاضي خازندار? ورئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي? وتفجير قنابل في جميع أقسام الشرطة في القاهرة (1946)? مرورا بمحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الإسكندرية عام 1954? واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات? وصولا إلى الفوضى التي سقطت فيها مصر منذ وصولها إلى الحكم? ثم? أعمال العنف التي عاشتها بعد إسقاط مرسي.
عام تضييق الخناق على الإخوان
مصر: استقبلت الجماعة عام 2014 بإعلانها من جانب السلطات? إرهابية? في 25 ديسمبر 2013? بعد أن اتهمتها بالمسؤولية عن تفجير مديرية أمن محافظة الدقهلية (دلتا نيل مصر- شمال)? وقد أعلن تنظيم “أنصار بيت المقدس” المتشدد? الذي يقول مراقبون إنه الذراع العسكري للجماعة? مسؤوليته عن التفجير الدموي.
على مدار العام? شهدت مصر أكبر موجة محاكمات لقيادات وأفراد من الجماعة? طالت المرشد العام محمد بديع? قبل أن تصدر أحكاما بالإعدام على المئات منهم? فضلا عن مئات الأحكام القابلة للطعن? بالسجن لفترات متفاوته وصل بعضها إلى 25 عاما. وهو ما تد?عي الجماعة أنه إقحام للقضاء في “خصومة سياسية”? بينما تراه السلطات المصرية والكثير من الشعب المصري تنفيذا للعدالة.
في 9 أغسطس الماضي? أصدرت محكمة مصرية حكما نهائيا بحل حزب الحرية والعدالة? الذراع السياسية لجماعة الإخوان? وتصفية أمواله? وتحويلها إلى الخزانة العامة للدولة. وتحفظت الحكومة المصرية? وفقا لمصدر قانوني إخواني? على 342 شركة و1107 جمعية أهلية? و174 مدرسة? تابعة للإخوان? بالإضافة إلى التحفظ على أموال 1441 من قيادات الصف الأول والثاني والثالث بالجماعة? خلال الثمانية أشهر الأولى من 2014″.
تونس: لم يكن سقوط حركة النهضة (محسوبة على الإخوان وتنفي دائما أن تكون جزءا من الجماعة)? مفاجئا في تونس? بقدر مفاجأة صعودها خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر أكتوبر 2011. لكن? مع مرور الأشهر الأولى من سنة 2012? بدأ الصدام بين الحركة الإسلامية والأغلبية العظمى من الشعب التونسي? الذي نشأ وتطو?ر وفق مواصفات خاصة تتعارض مع ما حاولت حركة النهضة فرضه بالقوة عليهم.
وبحلول سنة 2013? شهدت البلاد قم?ة الأزمة بين حكومة الترويكا التي تقودها حركة النهضة وبين عامة الشعب التونسي? لينتهي الوضع بأن تخلت “الترويكا” عن الحكم تحت وطأة ضغوط سياسية ونقابية مارستها المعارضة والنقابات العمالية? وتم تشكيل حكومة غير حزبية? بقيادة مهدي جمعة? يوم 26 يناير