الكأس فارغ كله
تأملوا في يمننا التعيس والذي كان يوما يسمى السعيد ? فأجدادنا القدامى – من موقعهم الاستراتيجي حيث كانوا وسطاء في تجارة التوابل بين الهند و شبه الجزيرة العربية, ومن إنتاج “اللبان” – جعلوا من اليمن سعيدا? وبنوا حضارة راقية .
لم يتغير موقعنا الجغرافي ولا زال أكثر استراتيجية ? ولدينا ما هو أثمن من اللبان بكثير لكن اليمن فقد سعادته ? وعلى وشك فقدان وجوده.
المتأمل في الوضع الراهن لليمن يشعر بعمق وتشعب اشكالاته ?الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ? كل الاشياء الخطرة تتهددنا ? الانقسام على الشفير? الحرب خبز يومي? التطرف والارهاب واقع معاش وينتج بشكل يومي ? المجاعة تطرق بابنا ? الجهل والمرض والفقر خيمت في ربعنا ? الخوف لا يفارقنا ? أقلية جشعة تنهش ثرواتنا.
العقل اليمني هو الاخر لا نحسد عليه
عقل سهل الانقياد بسيط ينجر بسهولة ? انفعالي ? غير علمي (خرافي)? عصابي متشنج ? يتصرف بسلبية ? يعجز عن ادراك الاسباب الحقيقية للمشاكل? واذا ما ادركها لا يتصرف بما يساعد على استئصالها بل يساعد في ترسيخها?
الأحزاب والتنظيمات اليمنية غير سوية غارقة في ذاتيتها ? منفصلة عن قواعدها الشعبية وعن هموم ناسها ? الساسة اشبه بالمهرجين.
ارضنا الأفقر عالميا بالماء وتعلقها نبتة القات القاتلة اجتماعيا واقتصاديا وحتى سياسيا حيث يتخذ الكثير من الساسة قراراتهم تحت تأثيرها المخدر ?مناطق كثيرة كان الماء فيها يجري على سطح الارض قبل اقل من عقدين من الزمن واليوم لا ينوجد فيها الا على عمق يتجاوز المائة مترا? واذا ما استمرت هذه النبتة تستنزف الماء فخلال فترة قصيرة من الزمن سنشهد هجرات داخلية مهولة? بعد زمن قصير سنتكثف في جغرافيات ضيقة –غنية بالماء- ونهجر أراض وسيعة كانت يوما تنبض بالحياة ?
الجسد اليمني عليل تعلقه اكثر الأمراض خطورة وفتكا لأن أدويتنا في كثير منها مهربة ? ومنتجنا الزراعي مسموم ومغشوش ? فواكه وخضروات وقات ترش بمبيدات مهربة ومنتهية الصلاحية وبأضعاف الكميات المنصوح بها ? ومزارع مهووس بالجشع وضمير ميت يقطف الثمار قبل ان تنحل المركبات السامة ? ولا وجود لهيئة حكومية تهتم بفحص المنتج الزراعي قبل بيعه ? وحتى الولعة اليمنية (الشمة) المسحوق الكيميائي الذي يتعاطاه غالبية اليمنيين اثبتت البحوث والدراسات انه سبب رئيسي لأمراض السرطان .
عقل بلا معقولية وارض بلا ماء وساسة مهرجون ? ووعاظ قتلة ? اجساد عليلة و………..الخ
غضب السماء قد يكون الممكن الوحيد لإخراج اليمن الأرض والإنسان من أزماته وإعضالاته الم?ْست?ِغلقة .
فكثيرا ما ت?ْعالج الأقوام الشاذة عن السوية بكوارث طبيعية ? فالقرآن الكريم يحدثنا عن كثير من الأقوام حلت بهم كوارث طبيعية عندما عجز أنبياءهم عن ردهم الى السوية ?
فالأنبياء عندما يعجزون عن تقويم اعوجاج قومهم يجأرون بالدعاء الى الله ليفني ويطمس وجودهم ?لا رغبة من الأنبياء في الانتقام عندما يتوسلون السماء تدمير قومهم ? لكنهم يدركون ضرورة استمرار الحياة السليمة والقويمة ? واذا ما اصر المجتمع البشري على غوايته وضلاله كان الحل الوحيد امام الأنبياء توسل السماء لتطهير الارض وتهيئتها لخلف صالح.
وهكذا يحدثنا القرآن عن أقوام غرقوا ? وعن آخرين تعرضوا لريح فيها عذاب أليم ت?ْدمر كل شيء ? وقوم أخذتهم الرجفة …الخ.
هذه الكوارث لا تحل بدار قوم الا اذا استغلق على الحل وتعصى على الهداية وأصر على الشذوذ والغواية ?
وإعضالاتنا من هذا النوع المستعصي ? الذي يحتاج الى تدخل مباشر من السماء اعضالاتنا أكبر من ان تحل بمؤتمرات وحوارات ? اشكالاتنا اكبر من ان تحل بزعامات كاريزمية وقادة شعبويين ? لو تهبنا السماء نبيا لوقف عاجزا امام اشكالاتنا ولبسط كفيه يستعجل العذاب? ولقال: ربي لا تذر على الارض من اليمانية فردا انك ان تذرهم ي?ْو??ِرثوا احقادهم وضغائنهم وجنونهم وهرجهم ومرجهم لأخلافهم الى يوم القيامة .وصدق نبينا الافتراضي ?
لا وجود لنبي تستجاب دعوته ? لكن لنحاول استجداء السماء ? نرفع اكفنا جميعا وندعو الله ان يهيأ ارضنا لخلف صالح ي?ْحسن وراثتها .
يخيل لي أن كارثة طبيعية مدمرة تحل بنا أقرب الحلول الممكنة للخلاص من وضعيتنا الميؤوسة ومن صراعاتنا اللامتناهية وجحيمنا الأبدي ? وأحقادنا الكثيفة والم?ْتناقلة عبر الأجيال ?مثلا زلزال عشر درجات على مقياس ريختر ?في التوقيت المناسب ?حيث يكون الناس بأكثريتهم تحت أسقف بيوتهم .عندها لا قبيلة ولا احزاب ?لا مذاهب ولا طبقات ولا انساب لا جيش ميليشياوي ولا زعامات ولا هم يحزنون وسيبعث الله من تحت الركام من يحسن الوراثة والخلافة.