حكومة التكنوقراط القادمة.. شروطها .. الشخصيات المرشحة لرئاستها
حكومة التكنوقراط مصطلح سياسي يقصد به: الحكومة التي يتولى فيها التقنيون من غير السياسين شغل المناصب العليا في الحكومة (وزراء ورئيس وزراء) كل حسب اختصاصه? وغالبا ما تعتبر حكومة التكنوقراط حكومة تصريف أعمال أو حكومة مؤقته ريثما يتفق السياسيون على تكوين حكومة جديدة بعد إقرار الدستور أو بعد إجراء الانتخابات السياسية العامة.
وقد كثر الجدل في الأسابيع الثلاثة الماضية عن الحاجة إليها وعن ضرورتها القصوى لإنقاذ البلاد من أزمته السياسية والاقتصادية الراهنة? وفي حال أقرت جميع الأطراف مسألة الذهاب إلى حكومة تكنوقراط? فسيبدأ النقاش حول الكيفية التي ينبغي أن يتم بها اختيار حكومة التكنوقراط البديلة لحكومة التوافق والمحاصصة القائمة أو المنتهية ولايتها? والتي باتت في نظر الشعب بل وفي نظر فخامة الرئيس شخصيا كما تسربت الأخبار في هذا الجانب أنها أشبه بحكومة تسيير أعمال ريثما تتشكل حكومة جديدة على الأغلب أنها ستكون حكومة التكنوقراط? وعموما فإن أساس الجدل القائم حاليا أو المتوقع حول تشكيل تلك الحكومة سينصب حول التعامل مع الب?ْعد السياسي والتوصل إلى اختيار الشخصيات المستقلة سياسيا وذات المقدرة والكفائة الفنية والإدارية التي تقبل بها جميع الأطراف السياسية المعنية بإدارة شئون البلاد والممثلة لكافة المكونات السياسية الفاعلة.
وفي الواقع فإنه يصعب أن تتشكل حكومة خالية من الب?ْعد السياسي والمناطقي والفئوي تماما?ٍ? ولكن سيبقى هذا البعد تاليا لبعد آخر يقوم أساسا?ٍ على معيار الكفاء?ِة الفنية والمؤهلات العلمية في اختيار رئيس وأعضاء حكومة التكنوقراط? حيث يتفق الكثير من السياسيين والمعنيين بهذه المسألة أنه ينبغي أن يكون هذا الجانب هو المعيار الغالب أو هو المعيار الذي يفسر ويبرر ما لايقل عن 60- 70 % من أسباب اختيار هذه الشخصية أو تلك لعضوية الحكومة القادمة أو رئاستها بينما قد يكون لاعتبار الخبرة السابقة حوالي 20 % من أسباب الإختيار? وستبقى النسبة المتبقية وهي 10 – 20 % من أسباب الاختيار متروكة لكافة الاعتبارات الأخرى والتي منها رضى الفرقاء السياسيون ومراعاة أصحاب المصالح والنفوذ {من أبناء المجتمع ومن خارج المجتمع} الذين تهمهم هوية هذه الحكومة ومؤهلات وخلفيات رئيسها وأعضائها.
ونظرا?ٍ لحساسية المرحلة خاصة إذا أقرت الأطراف وتوافقت على الحاجة لحكومة تكنوقراط فإنه من المهم أن يتم سرعة حسم الخلاف في هذه المسألة? حتى لا تدخل البلاد في معمة أزمة غياب الحكومة التي ستزيد أوضاع البلاد تعقيدا وضعفا وإرباكا أكثر مما هي عليه اليوم? ومن العوامل المساعدة على سرعة الحسم أن تتوفق القيادة السياسية في اقتراح شخصية تتوافر لديها كل أو أغلب وأهم تلك الأبعاد التي تؤهلها لأن تجظى بالموافقة وتنال القبول من قبل معظم إن لم يكن كل مكونات وألوان الطيف السياسي القائم والذي أضيف إليه في الفترة الأخيرة مكون أنصار الله أو ما يسمى بالتيار الحوثي بسبب ما يعتبره البعض ثورة الحوثي? وهذا المكون كما يبدو أصبح حاضرا بقوة في معادلة التوافق المطلوب لتشكيل حكومة التكنوقراط? وذلك على الرغم من أنه يمثل كتيار حركة سياسية ناشئة جدا? لكنها فرضت نفسها بالقوة حينا وبالذكاء والدهاء والمكر السياسي حينا آخر? حيث استغلت مؤخرا?ٍ أزمة رفع أو دعم المشتقات النفطية والغضب الجماهيري الذي نجم عنها? واتخذت من ذلك الغضب أرضية سياسية مناسبة وفرت لها لحظة تأريخية يندر أن تتكرر? فقامت باستغلال هذا الغضب وعملت على إدارته بطريقة كفوءة وضاغطة على الدولة التي كانت مطمئنة أن أحدا لن يعارضها لأنها اتخذت قرارها برفع الدعم عن المشتقات النفطية بناء على توافق أحزاب الوفاق السياسي الموقعة على المبادرة الخليجية? ولم تأبه للأطراف الأخرى التيتصنف نفسها كتيارات معارضة تنتظر أبسط خطأ ترتكبه الدولة أو الحكومة لتطل عليها وعلى الشعب من تلك الزاوية? بيد أن تلك الزاوية هذه المرة بدت لأنصار الله وقائده السيد عبدالملك الحوثي أنها ليست زاوية حادة ولا قائمة ولا حتى منفرجة بل زاوية مستقيمة تسمح لها بأن تتحرك فيها بمقدار ائة وثمانين درجة في أي اتجاه? فمثل تلك القرارات كانت في محتواها وآثارها ظالمة للشعب? كما أن الطريقة التي اتبعتها للتمهيد لإصدار تلك القرارات خلال أكثر من أربعة أشهر قد عبرت أيضا عن هشاشة وضعف قدرات الحكومة التي اتخذتها? لم تأبه لا بمتوسطي الحال ولا بالبسطاء من الناس? وأن هذا القرار الظالم لم يعبر فقط عن خطأ الحكومة بل كان أيضا معبرا أكثر عن فسادها وفشلها بطريقة سافرة لا تحتاج إلى كبير جهد لإثبات عكس ذلك? وهو ما وفر الفرصة التي استغلها الحوثي بحسب البعض أحسن استغلال أو أسوأ إستغلال كما يراه البعض الآخر? لأنه ظهر أمام العالم وهو يوظفه لصالح الغالبية من الجماهير? وبذلك فقد نجح في فرض نفسه كقوة سياسية لا تعبر فقط عن حجمها الطبيعي في إطار منظمة أنصار الله التي يعرف الناس حجمها? ويعرفون نطاق التركز الكبير لتواجد أعضائها أو انتشارها