تدخل «الإخوان» في شؤون المؤتمر.. إلى أين?
لاشك أن العلاقة بين المؤتمر الشعبي العام وبين التجمع اليمني للإصلاح قد بدأت شبيهة بعلاقة الأبوة والبنوة حين كان الاصلاح جزءا?ٍ من المؤتمر ثم تحولت الى علاقات تحالفية موجهة ضد أقصى اليمين وأقصى اليسار? شجعت على بناء كتلة قوية وقادرة على مواكبة المتغيرات الديمقراطية التي جاءت بها الوحدة اليمنية بصورة أكدت أن رؤية الحزب الاشتراكي التحالفية لم تكن مبنية على حسابات وتقييمات علمية دقيقة من خلال النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت في الـ27 من ابريل 1993م بصورة دفعت الاشتراكي وحلفاءه الى ردود فعل صاخبة وغاضبة وصلت الى حد التفكير بالعودة الى ما قبل الوحدة وما قبل الديمقراطية بعد محاولات داخلية وخارجية أسفرت عن التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق التي و?ْلدت ميتة.
أقول ذلك وأقصد به أن أزمة الثقة المبكرة قد دفعت الطرف الأضعف الى استدراكات ومعالجات انفعالية عسكرية وأمنية متسرعة وغير مدروسة أسفرت عن إضافة الهزيمة العسكرية الى الهزيمة الانتخابية السياسية.. اعتقد المنتصر أنها ستؤدي على المدى القريب والبعيد الى تأييد الوحدة في مواجهة أي أخطار أو تحديات انفصالية وغير ديمقراطية بعودة واقع ما قبل الوحدة وما قبل الديمقراطية في ظل الشطرين والدولتين.
وفي حين خرج الحزب الاشتراكي من السلطة الى المعارضة يكابد مرارة الشعور بالحسرة والهزيمة المركبة ظل الطرف المنتصر يعاني من غرور النصر يخفي خلفه شعورا?ٍ بالمرارة ناتجا?ٍ عن اختلال في تقاسم السلطة نظرا?ٍ لاعتقاد المؤتمر أنه الأقوى والأحق في فرض سيطرته على السلطة في وقت كان فيه الإصلاح قد شعر هو الآخر بأن نصيبه في السلطة أقل مما كان يريده لسببين? الأول: أنه كان المحرض على ضرورة التخلص من الحزب الاشتراكي بالوسائل السلمية وغير السلمية? والثاني: باعتباره الحليف والوريث الوحيد للحزب الاشتراكي? لكنه تقبل المشاركة على مضض وعلى أمل أن حصته ستكون أكبر مما يتوقعه شريكه في أول دورة انتخابية برلمانية بعد أن حقق الكثير من المكاسب الدستورية والقانونية الى جانب المكاسب السياسية.
ولم يكن بحكم قربه من رئيس الجمهورية وثقته به يعتقد أنه سيكرر نفس ما حدث للاشتراكي في الخروج من السلطة الى المعارضة بعد الانتخابات البرلمانية الثانية.
الا أن ما لم يكن يدور في حساباته تحت ضغط الثقة الزائدة بالنفس أن يحدث له نفس ما حدث للحزب الاشتراكي من هزيمة انتخابية حصل فيها المؤتمر على الأغلبية المريحة? فحاول تقويضها عبثا?ٍ في الانتخابات البرلمانية الثالثة التي حصل فيها منافسه على أغلبية ساحقة حاول التخفيف من صدمتها العنيفة عن طريق الانتخابات الرئاسية التنافسية وما حصد فيها من هزيمة غير متوقعة دفعته الى التهديد باللجوء للشارع لولا مصادفة ذلك ما اجتاح الوطن العربي من عاصفة هوجاء نتج عنها خروج الرئيس زين العابدين بن علي من السلطة تحت المظاهرات الجماهيرية لاجئا?ٍ الى المملكة العربية السعودية وسقوط الرئيس حسني مبارك بنفس الاسلوب ما تلى ذلك من جرجرته الى المحاكم والسجون بصورة غير أخلاقية وأعقب ذلك مقتل الزعيم معمر القذافي تحت ضربات قوات الحلف الأطلسي وفي حين فضل الرئيس السوري بشار الأسد الاستمرار في المقاومة وما نتج عنها من حرب أهلية طاحنة مازالت مستمرة حتى الآن? فضل الرئيس علي عبدالله صالح التضحية بالسلطة مقابل الحفاظ على المؤتمر الشعبي العام حتى لا يكون مصيره كمصير غيره من الأحزاب العربية التي كانت حاكمة في تونس وفي مصر وفي ليبيا? وظهر الاخوان المسلمون هم القوة المحركة بحكم ما لديها من ارتباطات دولية شابها الكثير من الشكوك والشبهات كان الزعيم علي عبدالله صالح أول من تحدث عن القوى الدولية الداعمة للاخوان المسلمين قد جعله يستخلف نائبه في الدولة ونائبه في الحزب لتحمل المسؤولية ونقل السلطة بطريقة سلمية وانتخابية مبكرة.
أعود فأقول إن حكم الخلافة الاسلامية لم يتحقق للاخوان المسلمين بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه بسيطرتهم على السلطة في أكثر من بلد عربي وهو الحلم الذي ناضلوا من أجله ما يقرب من قرن من الزمن الا أنهم سرعان ما سقطوا من السلطة بنفس السرعة.. مؤكدين بذلك أن ما يبنى على باطل فهو باطل لا حصاد له سوى الهزيمة.
وعودة من العام الى الخاص استطيع القول إن حلم الاخوان المسلمين بالخلاص من المؤتمر الشعبي العام في اليمن بعد تخلي الرئيس صالح عن رئاسة الجمهورية لم يتحقق لأن المؤتمر الشعبي العام برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح ونائبه الأول الأمين العام المشير عبدربه منصور هادي قد بقي صامدا?ٍ بوجه تلك التحديات من خلال التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الدولية كمرشح توافقي وحيد للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم الذين ضمنوا رئاسة نصف حكومة الوفاق الوطني? وما استخدموه من الأساليب والوسائل التكتيكية الهادفة لأخونة الدولة وتحقيق حلم الخلاص من القوة الانتخابية للمؤتمر ا