ليكن صياما?ٍ عن الدماء
معظم? إن لم تكن كل الأديان السماوية والوضعية تتخذ لها رموزا?ٍ مكانية وزمانية تنال أفضليات على غيرها? ولديننا الإسلامي الحنيف بقاع جعلها الأشرف بين سائر بقاع الأرض? وله أوقات فضلى بينها شهر رمضان الكريم الذي يحل على اليمنيين هذا العام ومنهم من يحمل البندقية في وجه أخيه وتسيل دماؤهم بدون مبرر إلا قصور الأفهام وتنامي الأحقاد ووفرة البارود.
لرمضان مكانة خاصة عند المسلمين بكافة مذاهبهم وفرقهم? أتت من نصوص دينية? قرآنية وحديثية? أوردت فضائل هذا الشهر? بوصفه الشهر الذي أنزل الله فيه كتاب المسلمين المقدس? القرآن الكريم? على النبي العربي محمد عليه الصلاة وأزكى التسليم? وفيه ليلة القدر المعادلة في أجر أعمال الطاعات لألف شهر? كما نص القرآن المجيد.
واختص رمضان بجعله زمنا?ٍ لأداء طاعة شملت كل الأمم ذات الأديان السماوية –على اختلاف الكيفيات- هي فريضة الصوم أحد أركان الدين الإسلامي الحنيف بأبعادها الروحية والاجتماعية? وبفضائله والطاعات المرتبطة به كسنة التراويح –إن جماعات أو فرادا- أو الملحقة به كفريضة زكاة الفطر.
وشكل رمضان أحد أهم المنعطفات في حياة المسلمين? ومسار الرسالة الإسلامية الخالدة? بوقوع أول مواجهة بين المسلمين بقيادة النبي الأكرم وبين كفار قريش? انتصر فيها الأولون في لحظة مفصلية نقلت الحياة الإسلامية من مرحلة الضعف إلى أول درجات القوة والانطلاق.
وفي رمضان ي?ْسن المزيد من أعمال الخير والتشديد على تجنب المخالفات الدينية? واعتاد المسلمون بناء?ٍ على التوجيهات القرآنية والأثر النبوي على جعل الشهر الكريم مناسبة لمزيد من التكافل والتراحم بين المسلمين? والإكثار من تلاوة وتدبر القرآن بما يحويه من قيم إنسانية عمادها العدل والرحمة والحوار وتكريم النفس البشرية وتزكيتها وترويضها على تمثل القيم القرآنية لاسيما تلك الخاصة بمبادئ وموجهات التعاطي مع النفس ومع المجتمع الإنساني بمكوناته الأساسية الثلاثة –وفق التصنيف القرآني- مسلمون وكتابيون وذووا ديانات وضعية من وثنيين وغيرهم.
ما يؤسف له إننا كمسلمين في اليمن وغيرها فرطنا في مبادئ قرآنية ودينية أساسية خصوصا?ٍ المتعلقة بموجهات التعامل مع المكونات الثلاثة بما فيها المكون الإسلامي.
وبدلا?ٍ من التعاطي وفق المبادئ القرآنية الإنسانية من عدالة ورحمة وحوار? تفلتنا حتى من ضوابط التعامل داخل المجتمع الإسلامي القائمة على مبدأ الأخوة وحرمة دم المسلم وعرضه وماله. ووقعنا في خلط مفاهيمي لمبادئ الولاء والبراء? والجهاد.
وما نتمناه بحلول الشهر الفضيل أن يتبنى كل المعتقدين بحق حمل راية الإسلام مراجعات فكرية تريحنا من سفك دماء مسلمة وإضعاف وتدمير بلد إسلامي شعبه مازال يصنف على أنه من أكثر البلدان الإسلامية تمسكا?ٍ ومحافظة على دينه? تشريعات وسلوكيات.
وبالمناسبة نقول للأخوة الحوثيين إن نيرانكم تريق دماء?ٍ معصومة? وأنكم تقتلون مسلمين تحت لافتة التكبير ولعن اليهود وشعار الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل? ولم نجد من بين ضحايكم قتيلا?ٍ أمريكيا?ٍ أو إسرائيليا?ٍ.
وللأخوة في القاعدة نسأل كم قتلى جهادكم من “الكفرة” وما نسبتهم لضحاياكم الناطقين بشهادتي الإسلام? وما الاقتصادات الغربية “الكافرة” التي دمرتموها بمقابل بلدان إسلامية حطمتم قدراتها وزدتموها بجهادكم خضوعا?ٍ لأعدائكم.
وللأخوة الإصلاحيين نقول إن تبرؤكم من التورط في الحروب الحوثية لا يعفيكم من دماء مراقة ومن مسؤولية لجم مشائخ ووجهاء قبليين معروفين بانتمائهم إليكم? بل وذوي مناصب قيادية في تجمعكم.
وللأخوة السلفيين? فرقوا بين غلاة الشيعة بخرافاتهم الاعتقادية وتسهيلاتهم الجنسية وأنفسهم المريضة وألسنتهم البذيئة بحق الصحابة وأمهات المؤمنين? وبين الحوثيين كفرقة زيدية ليس في أدبياتها حتى المنسوبة لحسين أو عبدالملك الحوثي لعنا?ٍ لصحابي أو لأي من أمهات المؤمنين.
على الأقل دعوا رمضان استراحة لكم من الدماء.
*عن صحيفة الناس