الكر??ِار واليمن.. علاقة الدين والشجاعة
لا يدرك الكثير عمق العلاقة التي تربط ما بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام واليمنيين بدء?ٍ من السنة الثامنة للهجرة والمستمرة حتى اليوم , والجهل بالتاريخ يجعل البعض يربطون هذه العلاقة بدخول الإمام الهادي عليه السلام اليمن نهاية القرن الهجري الثالث ( 280 ه ) تلبية للداعي اليماني له بتصحيح معالم الدين التي اندرست أو كادت في البلاد وكذا وقف الصراعات الطاحنة بين أبناء اليمن .
والحقيقة أن العلاقة قائمة مذ دخل أمير المؤمنين اليمن مبعوثا?ٍ وسفيرا?ٍ للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله مرتين الأولى في السنة الثامنة والثانية في العاشرة فاليمانيون يرون فيه بشير الخير الذي أخرجهم من ظلمات الإلحاد إلى نور الهداية ووحد??ِ صفوفهم وأصلح حالهم وبقيت هذه العلاقة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله حتى استشهاد أمير المؤمنين حتى أن ابن عباس رضي الله عنه نصح الإمام الحسين يوم خروجه العراق بأن يذهب اليمن ولا يعو??ل على أهل العراق قائلا?ٍ : يا ابن أخي إذا كان لا بد من خروجك فعليك باليمن فإن بها شيعة لأبيك .
الإسلام في اليمن:
أهل اليمن من أسرع الناس إيمانا واعتناقا لدين الإسلام ففي السنة الثامنة من الهجرة النبوية أرسل النبي الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام مبعوثا له إلى أهل اليمن فتوافد الناس زمرا?ٍ زمرا?ٍ إليه معلنين دخولهم في الإسلام فبعث إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) تقريره المتضمن الب?ْشرى باعتناق أهل اليمن الإسلام وما إن وصل رسول الإمام علي إلى رسول الله حاملا تقريره وفتح النبي رسالة الب?ْشرى حتى خر ساجدا لله رب العالمين حامدا وشاكرا هذه النعمة وما إن رفع رأسه من سجوده إلا وقال: “السلام على همدان السلام على همدان – مرتين أو ثلاثا – نعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد وفيهم أبدال وفيهم أوتاد”
انتشرت الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية وبدأت الوفود تصل إلى النبي من كل بقاع الجزيرة يجددون العهد ويعلنون الولاء وكان وفد اليمن من الوفود القادمة الذين أولاهم النبي اهتماما خاصا وقلدهم وسام الإيمان والحكمة ” أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية ” وبعد ذلك نزلت الآية الكريمة : {ي?ِا أ?ِي?ْ?ه?ِا ال?ِ?ذ?ين?ِ آم?ِن?ْوا? م?ِن ي?ِر?ت?ِد?ِ? م?نك?ْم? ع?ِن د?ين?ه? ف?ِس?ِو?ف?ِ ي?ِأ?ت?ي الل?ه?ْ ب?ق?ِو?م?ُ ي?ْح?ب?ْ?ه?ْم? و?ِي?ْح?ب?ْ?ون?ِه?ْ أ?ِذ?ل?ِ?ة?ُ ع?ِل?ِى ال?م?ْؤ?م?ن?ين?ِ أ?ِع?ز?ِ?ة?ُ ع?ِل?ِى ال?ك?ِاف?ر?ين?ِ ي?ْج?ِاه?د?ْون?ِ ف?ي س?ِب?يل? الل?ه? و?ِلا?ِ ي?ِخ?ِاف?ْون?ِ ل?ِو?م?ِة?ِ لا?ِئ?م} المائدة54
جمعة رجب :
في شهر رجب دخل أهل اليمن الإسلام وتحديدا في أول جمعة منه لذا فقد اتخذ اليمنيون الجمعة الأولى من شهر رجب عيدا دينيا يعبرون فيه عن حمدهم وشكرهم لله تعالى الذي امتن عليهم بنعمة الدين العظيم. فيه يفرحون ويبتهجون ويمرحون ويظهرون فرحهم وسرورهم وغبطتهم بهذا العيد الذي لا يضاهيه عيد? يلبسون جديد الثياب ويوسعون فيه على الأهل والأولاد ويصلون فيه الأرحام ويتزاورون فيما بينهم ويتبادلون الهدايا وتختضب فيه النساء والفتيات بالحناء ولا زال حتى اليوم وإن بدرجة أقل مما كانت عليه نتيجة الظروف المعيشية الخانقة مضافا إلى ذلك حرب شعواء لطمس هذا المعلم البارز في حياة اليمنيين بدون أي مبرر وكذا التجاهل المتعمد من قبل الجهات الرسمية والإعلامية وعدم إيلاء ذلك أي ذكر في المناهج الدراسية التي يفترض بها تضمين هذه المناسبة وغض طرف وزارة الأوقاف عن إحيائها لتبقى حية في قلوب الناس عبر الاحتفالات والمهرجانات والندوات كيوم مشرق في تاريخ اليمن.
كل تلك الظروف أثرت سلبا على المناسبة وقيمتها وأهميتها وساهمت في خفوت بريقها.