الدعم والدعممة
بصراحة أزداد يقينا?ٍ كل يوم بأن مصطلح الدعممة هو أكبر مأساة نعيشها? كل حياتنا ممسوسة بهذا المصطلح? وكأنه لعنة شيطانية ملازمة لنا كيمنين? شبح?َ مخيف يتجول هنا وهناك بتبجح? فالسطوة له!
المشكلة أن هذه اللعنة تزداد نموا?ٍ وتجب??ْرا?ٍ أكثر فأكثر? ومعاناتنا منها قديمة? وما كان صراعنا حول ما ينبغي له أن يكون? لا ما يحدث فعليا?ٍ في واقعنا المعاش? إلا شكلا?ٍ من أشكال تلك المعاناة.
تطور الحال ليصبح مجرد محاولة فهم ما يحدث من حولنا? هو الشكل الجديد للمعاناة.
نحن الآن في مرحلة جديدة? لها قواعدها الخاصة? فهناك حكومة وتحديات مرحلية جسيمة? وهناك قوى عابثة? وتدخلات خارجية? ومبادرة خليجية? وأخيرا?ٍ هناك قرار مجلس الأمن? وكل هذه النماذج بقدر ما هي قوة ضغط? هي كذلك قوة دفع نحو الأفضل لليمن? هذا ما أفهمه على الأقل!
فعندما أفكر مثلا?ٍ في أن هذه الحكومة ولدت أساسا?ٍ لتنقلنا من مستوى الصراع والاقتتال على السلطة? إلى مستوى تحقيق توازن نوعي? لتقف الدولة اليمنية على قدميها بمنهج جديد? وأن القوى التي كانت تسعى للسلطة? وقد نالتها فعليا?ٍ? من المفترض أن تقدم أفضل ما لديها? على الأقل? حتى تقنعنا بأنها كانت على حق في سعيها ذاك? وفي نفس الوقت? ستتوسع قاعدتها الجماهيرية التي ستدعمها في ما بعد..
لا زلت أسرد ما أفهمه: لنقل إن التحديات الواقفة أمام الدولة? كبيرة جدا?ٍ? اقتصاديا?ٍ وأمنيا?ٍ? وهذا أمر واقع فعلا?ٍ? لكن في المقابل هناك استقرار سياسي إلى حد??ُ ما? وهذا يتمثل في ما أفضت إليه المبادرة الخليجية والرعاية الأممية? وهو محاصصة السلطة في الحكومة التوافقية.
وإذن? هنا التكتلات السياسية جميعها أصبحت في طرف واحد? وبدون معارضة!
وبالنسبة لمن يقول إن مراكز القوى هي أكبر تحد??ُ تواجهه الحكومة? لا أفهم حقا?ٍ ما هي مراكز القوى هذه? ومن تكون?
فعندما أرى أن كل قوى الفعل السياسي قد تشاركت فعليا?ٍ في الحكومة التوافقية? إذن فكل مراكز القوى قد انضوت تحت لواء السلطة المتقاسمة! فما المبرر لتقف أمام تحدي نفسها?
وإذا افترضت أن مراكز القوى هذه? خارج السلطة? فما الذي يجعلها بهذه القوة? أو بمعنى أدق ما هو شكل أو كيفية هذه القوة? ولماذا تعجز الدولة عن ردعها? بما أنها معرقلة لها? وتعوق الحكومة عن أداء مهامها? بالأخص في ظل وجود دعم أممي أعلن أنه لن يسمح بالعرقلة? وسيفرض ج?ْملة من العقوبات على المعرقلين أيا?ٍ كانوا?
هذا ما أفهمه? وما يفهمه عامة الشعب.
لكن? في المقابل? ما لا تعرفه الحكومة? أو تعرفه وتغض البصر عنه (بالدعممة)? هو أن الشعب يزداد يقينا?ٍ كل يوم? بأن المعرقل الحقيقي هو الحكومة ذاتها? برداءة أدائها المشين? الذي يستفز كل صبره? ويستنفد كل المبررات التي يواسي بها نفسه? فهو في النهاية لا يريد للاقتتال أن يعود!
بلغ أداء الحكومة أقصى حد??ُ من السوء? والرئيس التوافقي? لا ينبس بحرف? كصنم فرعوني يقف على قمة السلطة? خارج الزمان? ويكتفي بوظيفته كحاكم لدولة الصمت التي أسسها..
وعلى أرض الواقع? الصمت لغة لها مدلولاتها? هكذا نفهمها:
– أن تصمت الدولة عن المخربين والقتلة? وألا تتحرك أمام ما يحدث للمعسكرات والثكنات? ولا تقوم بأية خطوة استراتيجية? كالاستنفار العام ورفع مستوى الجاهزية? وألا تحاس?ب كل القادة العسكريين الذين تسببوا بهذا الحجم الهائل من الخسائر? بتقصيرهم وأدائهم الفاشل كمسؤولين…
هذا الصمت هو مشاركة فعلية منها في الج?ْرم? ودم كل شهيد وقع? هي المسؤول الأول عنه.
– وعندما تلتزم الصمت إزاء الأحكام القضائية الهزلية التي صدرت في حق مفجري جريمة السبعين? وهي أحكام?َ لم تراع? دينا?ٍ ولا م?لة ولا ضميرا?ٍ? أبخست الدماء التي أريقت? واستهانت بمشاعر أهالي وذوي الشهداء? واحتقرت العدالة التي ننتظرها لنشعر بالأمان!
هذا الصمت هو دعم واضح وجريء لآلة القتل? واغتيال?َ مجحف لآمال العامة من الناس? وهو ما تجسد عمليا?ٍ في حادثة الع?ْرضي البشعة!
– أن تصمت الدولة عن ملفات الفساد في الكهرباء والنفط والضرائب والجمارك? وغيرها من مرافق الحكومة? وتمرر بكل إسفاف ميزانية وزير المالية? التي لا تتوافق مع قواعد المنطق الاقتصادي بأي شكل.. وألا تلتفت لكل الملفات والتقارير المقدمة من المختصين والصحفيين? الذين كدوا في كشفهم عن حقائق الفساد? واجتهدوا في طرحهم حلولا?ٍ هي الأقرب للمنطق الاقتصادي? وللواقع بإمكانياته المتاحة? كالصحفي المتميز محمد عبده العبسي? الذي قدم أكثر من حل لمشاكل النفط والكهرباء? وفساد السياسة المالية? ولم تلتفت إليه ولا إلى غيره مطلقا?ٍ!
هذا الصمت هو تعمد ممنهج يقضي بالموت السريري عليها? وعلى شعبها.
– أن تصمت? وتصمت? وتستمر في الصمت? بهذا الغموض? وبهذا الاستهتار? إزاء الاقتتال الدائر بين الجماعات الدينية والقبلية المسلحة? وأن تحتكم مؤخرا?ٍ لمجلس الأمن? وتسعى جاهدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن بالوصاية? ومع ذلك لا تتحرك ولو قيد أنملة نحو ت