وثائق واسرار عن إمبراطورية «الأخوان» المالية في بريطانيا وسويسرا
لم يكن تتبع ثروات «الإخوان المسلمين» خارج مصر- دولة المقر وموطن التنظيم- بالأمر اليسير. فالتنظيم يتبع خطوات بالغة التعقيد والتشابك لإخفاء علاقته بأي من مصادر تمويله المجهولة محليا?ٍ ودوليا?ٍ. ولأنها جماعة و?ْلدت «سرية» واستمرت «محظورة»? فقد احترفت العمل تحت وطأة المطاردة? فابتكر قادتها أساليب خاصة لإخفاء الأموال وتدويرها عبر واجهات براقة لا غبار عليها وأشخاص ربما لا يعرفهم أحد? لتبقى الجماعة في مأمن من السلطات المصرية التي ظلت تطاردهم وتصادر أموالهم المشكوك فيها طيلة ثمانين عاما?ٍ. وقد كان تنظيم الإخوان أكثر خبرة من رجال نظام مبارك? فيما يتعلق بالتعامل مع الجمعيات والشركات التي تدير من خلالها أموالها حول العالم? فيما يعرف باسم «جزر النعيم الضريبي»? وشركات الـ«أوف شور».
واليوم مع تصاعد عنف الإخوان في مصر ومحاولاتهم المستمرة لإجهاض خارطة الطريق? تحاول «الاتحاد» تسليط الضوء مجددا?ٍ على المصادر التي تستمد منها الجماعة قدرتها على الحياة والبقاء? بعرض بيانات ومعلومات تفصيلية? سبق نشر بعضها ? بخصوص شبكة الجماعة المالية في أوروبا? عبر تحقيق استقصائي استغرق إعداده 3 أشهر.
كان من البديهي أن تكون أولى محطات تتبع تمويل تنظيم الإخوان المسلمين في الخارج? لأن التمويل الداخلي القائم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء البالغ عددهم 500 ألف عضو? وفق ثروت الخرباوي القيادي السابق بالتنظيم? لا يكفي طبعا?ٍ لتمويل مشروعاتهم السياسية والإنفاق على انتخابات الرئاسة ومختلف أوجه الدعاية? لذا كان لزاما?ٍ التوصل إلى المنبع الرئيسي.
بداية الخيط
كان سعيد رمضان? زوج ابنة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان? بداية الخيط? حيث خرج من مصر عام 1958 متجها?ٍ إلى جنيف? واستقر هناك وأنجب عددا?ٍ من الأولاد? منهم طارق وهاني مؤسسا المركز الإسلامي في المدينة السويسرية الشهيرة? لتتشع?ب دوائر «الإخوان» في أوروبا مع إنشاء جمعيات خيرية وشركات غطاء لجمع الأموال من الخارج وإدخالها إلى مصر عن طريق عدد من الوسائل يكشف عنها التحقيق لاحقا?ٍ. 23 جمعية خيرية وشركات أسسها أعضاء تنظيم الإخوان في بريطانيا وسويسرا برئاسة قيادات إخوانية? تدير أصولا تتجاوز قيمتها 100 مليون جنيه استرليني? وفقا للمستندات.
وفي العاصمة البريطانية وحدها أسس “الإخوان” 13 جمعية? استطاع فريق التحقيق التوصل إليها.
ويتحكم في هذه الجمعيات? 3 من قيادات الجماعة? على رأسهم عصام الحداد المساعد السابق للرئيس المعزول محمد مرسي? وإبراهيم الزيات وإبراهيم منير. وتشير الوثائق إلى أن يوسف ندا? رجل الأعمال المصري الحاصل على الجنسية الإيطالية الذي كان يشغل منصب المفوض لجماعة الإخوان في الخارج? قد أسس «بنك التقوى» في جزر «البهاما»? إضافة إلى شركتي «ندا إنترناشيونال للخرسانة» و«التقوى للإدارة»? وتمت تصفيتهما في فبراير 2004. بدأت السلطات الأميركية في وضع اسم مؤسسات «يوسف ندا» و«علي غالب همت»? أحد أهم شركائه? تحت الحراسة عام 2000? مما دفع بالشريكين (ندا وهمت) إلى تغيير اسم الشركة من «التقوى للإدارة» إلى «ندا للإدارة» «NADA MANAGEMENT ORGANIZATION SA in liquidazione». وعملت الشركة في مجال الاستشارات والخدمات الائتمانية وتنفيذ المشروعات وإدارة الممتلكات والوساطة العقارية.
تشير الدراسة? التي أعدها المركز الاستراتيجي والتقييم الدولي في الولايات المتحدة إلى أن يوسف ندا قام بخرق حظر السفر المفروض عليه من قب?ِل الأمم المتحدة عام 2002 وسافر من محل إقامته في إيطاليا إلى سويسرا? وقام بتغيير أسماء العديد من شركاته وتقدم بطلبات لتصفية شركاته الجديدة? وعي?ن نفسه مسؤولا?ٍ عن التصفية? وهو ما تؤكده مستندات سويسرية حصل عليها فريق التحقيق بالنسبة لعدد من الشركات التي تحمل اسم «التقوى».
لم تحمل الأوراق جديدا?ٍ في هذا الشأن? حيث صودرت أموال ندا «الشركة والبنك» بعد اتهامه بالتورط في أحداث 11 سبتمبر? إلا أن الأوراق راحت تكشف عن بعد أكثر أهمية? وهو خريطة تشابك العلاقات بين المؤسسين والخيوط الأولى وراء تمويل التنظيم? وحملت أوراق تأسيس شركات يوسف ندا أسماء عدة لأشخاص ينتمي بعضهم لتنظيم الإخوان في دول مختلفة? كما أن بعضهم أسس جمعيات عديدة تقوم على جمع التبرعات والاشتراكات من الأعضاء للإنفاق تحت بنود ظاهرية تتمثل في «تعميق الوعي الإسلامي والرغبة في مساعدة الآخرين? وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية للأعضاء? وتمكين الأعضاء من الوفاء بواجباتهم تجاه أسرهم وأنفسهم».
في تصريحات صحفية لجريدة «الوفد» المصرية في أكتوبر 2011? كان محمد مهدي عاكف? المرشد السابق للجماعة? يتباهى بأن تنظيم الإخوان المسلمين منتشر في 72 دولة حول العالم? وأن لديهم العديد من التنظيمات في كل هذه الدول حتى الولايات المتحدة نفسها? حيث توجد الجمعية الإسلامية الأميركية «Mas». تصريحات المرشد السابق تؤكد أن الإخوان في الدول الأجنبية اعتمدوا في تنظيمهم على جمعيات إسلامية? أ