كتابات

عن الفيس بوك والعالم الافتراضي

احتفل موقع الفيس بوك بعيده العاشر بعد نجاح ملفت وظاهرة هي من اهم صور العصر الحديث لا محالة

لن اتحدث عن الفيس الموقع الاجتماعي البسيط الذي جاء في البدء من اجل تواصل طلاب بالجامعه لينتهي الى اكبر موقع تواصل في العالم ! ويصبح مصممه اكبر متبرع للاعمال الخيرية هذا العام بمبلغ مليار دولار !

سأتحدث عن ظاهرة الفيس بوك بعالمنا العربي الذي جعل الكثير من شبابنا بل ومناضلينا يجعل الفيس اخر امنياته وكل حياته !

بل هناك من الطرائف ما لا تحصى ليس اخرها ان يطلب شخص مهر ابنته عدد من نقرات الاعجاب على صفحة الفيس بوك !!

لقد نجح الاعلام السياسي بأن يروج لقصة اهمية الفيس بوك في صنع الثورات واسقاط الانظمة

ومع 2011 كان الاعلام الاجتماعي من فيس بوك وتويتر ويتيوب هو الاساس الذي نقيس من خلاله تفاعل الشارع ومشاعر المواطنين ووسيلة الحشد المثلى

** ونجح الاعلام السياسي في ان يظهر ابطال تاريخيين وزعماء حركوا الواقع من خلال الاعلام الاجتماعي ونسينا في لحظة الحماس التي ننقاد اليها دوما ان كل ذلك هو عالم افتراضي لا حقيقي

جميعا نتذكر وائل غنيم بمصر والمغردين بالخليج والشباب في تونس !

– الان علينا ان نتوقف قليلا لنراجع الذات ونرى حالنا بصدق !

** في البدء يجب ان نفهم ان هذا العالم الافتراضي في بلداننا هو الاكثر بعدا عن الواقع وان الناس الذي نريد ان نعبر عن الامهم وتطلعاتهم في قرانا المعلقة بالجبال وحاراتنا الغارقة بالعشوائيات ليس لديهم ما يسد رمقهم ولا يحلمون بغير الكهرباء وقليل من الماء وبالتالي الحديث معهم عن الوتتس اب والفيبر والتلفونات الذكية وضرورة ان يكون لهم صفحة ضد الفساد وتعم الشباب الثائر امر محزن الى حد الضحك ومضحك الى حد البكاء ! وحسب الاحصائيات فأن على الشخص باليمن او السودان ان يدفع نصف دخله الشهري على خدمة الاتصالات اذا اراد ان يتمتع بخدمة الانترنت

**- ان ذلك يذكرني بموقف قديم بقرية هي الافقر باليمن ويعرفها الجميع اسمها الجراحي بطريق تعز المخاء اهلها يعانون من تهميش وقهر الحكام والسلطات المركزية وفقر لا يصدق !( كمعظم سكان تعز على العموم )

الموقف كان عبارة عن مشاهدتي لشباب يعلقون اعلانات السيارة الفارهه لحث السكان على شرائها والاعلان عبارة عن سؤال هو ( كيف هي الحياة بدون لا كزز !!?)

طبعا لايمكن لي نقل مدى مشاعر الالم والغربة في وجوه الناس من هذا السؤال المستفز ?

** وفي نفس المكان كان داعية اسلامي كبير جدا يروج لاشرطته يطلب من الناس ان يتبرعوا وان يوظفوا اموالهم في الشركات الحلال ! ولا يضعوها في بنوك الربا – ايامها حدثت موجة اكبر عملية نصب على الفقراء بأسم توظيف الاموال !

بكى العجوز امامي ليس من حديث الشيخ الذي بقي يصف له عذاب القبر وجهنم بل بكى لأنه ما قدر على تحمل الجوع واقفا امام خطيب منفوخ يطالبه بالتبرع وتوظيف الاموال !

وقال العجوز باكيا

– اين الاموال اللي نوظفها بالحلال ونبعدها عن الربا نحن نريد لقمة الان تسد الرمق بهذا الحر الشديد !!

** انه الخطاب الخطأ في الوقت الخطأ والمكان الخطأ وهناك عشرات الامثله عن ذلك

نحن نحشد الجماهير عبر الفيس بوك والتويتر في بلد ليس به كهرباء !!

ونعيش في وهم اننا نملك قواعد ضخمة من الجماهير المحركة لللاحداث !

** لقد نجح الاعلام الاجتماعي في زرع الوهم لدينا الى درجة مؤلمة ومن يعيش خارج هذه الرقعة الجغرافية العربية يعرف تماما ان الاعلام الاجتماعي هو في مكانه الصحيح للتواصل والتنفيس والتعريف عن الشخصية وان كان منصة للرأي الا انه ليس نضالا ووظيفة !

** لقد تخلينا عن مسئوليتنا بالشارع وامام الواقع ولم نعمل على تغييره بوهم اننا ادينا دورنا في كتابة اخبار ومقالات واحيانا مجرد شتائم لا اكثر !

** لو كان هذا المقياس هو السليم لكان من يحرك مصر مثلا ليس العسكر ولا الاخوان بل شخصين لا معنى لحياتهما اسميهما – اوكا اورتيجا – !! مجرد زاعقين اثنين يقولان عن نفسيهما مطربان شعبيان !! يقولان الفاظ يعاقب عليها ولكن لديهم اربع عشر مليون لايك فيس بوكي !!

ونحن نحتاج الى مائة الف شخص مؤمن مؤيد لنغير خارطة الشرق الاوسط من جديد ! وليس نسقط نظاما فقط !

** ان الهروب من المسئولية هو ما نعمله وهو النضال المريح والوهم المخيف وخذوا هذه القصة:

كنت في ورشة عمل حقوقية هامة وغاب بعض الشباب وعندما رأيتهم كانو متاخرين عن الحضور مرهقين من السهر يتحدثون بثقل كزعماء ويسيرون بقاماتهم النحيلة منفوخين متورمين كقذافي صغير ! ( ذكروني بالوزراء القميئين محدثي النعمه )

وعندما تسأل عن هذا الغرور يأتي من يقول لك هذا طبع المدونين المهمين وهؤلا لديهم زوار ولايكات بالالاف !!

– ياااااه ولكن نحن لم نسمع بهم ! والملايين القادرة على التغيير واشعال الغضب لا تعرفهم ??

فيكون الرد

– هؤلا عالم اخر !!

نعم نحن عالم اخر

** في كثير من الاماكن تجد من عمل صفحة على الفيس بوك و وضع امام اسمه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com