«قرانع» الإصلاح يهددون بإسقاط السماء
في الوقت الذي أعلن مؤتمر الحوار الوطني اختتام أعماله بالمصادقة على مجموعة من القرارات والتوصيات المعبرة عما توافقت عليه المكونات السياسية والحزبية المتحاورة وتنفس الشعب الصعداء لهذه المخرجات التي نقلت اليمن من مرحلة الحوار النظري الى مرحلة التطبيق العملي? على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والعدالة والمساواة بين ابناء الشعب بمختلف تكويناتهم الأسرية والعشائرية والقبلية.. وبمختلف انتماءاتهم وقناعاتهم السياسية والايديولوجية والمذهبية? المناطقية? والجهوية والطائفية في إطار دولة اتحادية تشاركية متعددة الأقاليم ومتعددة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومتنوعة المنظمات والفعاليات الجماهيرية والحقوقية الابداعية والنقابية والمهنية والانتاجية الحاكمة والمتشاركة في السلطة بإرادة دولية ووسائل وفاقية واتفاقية ومراحل انتقالية لا مجال فيها لأغلبية تحكم وأقلية تعارض لا مجال فيها للأساليب والوسائل الانتخابية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة? بعد تجربة ديمقراطية وانتخابية مريرة لا نتذكر عنها سوى الأزمات والصراعات والحروب الأهلية? أكدت بما لا يدع مجالا?ٍ للشك عدم اقتناع الأحزاب الشمولية بالتداول السلمي للسلطة.. كما هو سائد في بلدان الديمقراطيات الليبرالية الناضجة والناشئة على السواء..
أعود فأقول إن مثل هذه الاعتصامات والمظاهرات والاحتفالات المهرجانية ذات الشعارات المكتوبة بلغة الإرهاب والتهديد والوعد والوعيد بالثورية المتطرفة تؤكد على عدم اقتناع بعض الأحزاب والتنظيمات الشمولية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الواعدة بيمن جديد بما تفتعله من الأزمات المنتجة للصراعات والحروب المذهبية الدامية والمدمرة لما تبقى من الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية والمؤثرة سلبا?ٍ على ما لدى الحكومة من الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية الواعدة بمستقبل أفضل.
لقد شكلت هذه الاعتصامات والمظاهرات بشقيها المؤيد والمعارض للحكومة مناخات متوترة ناتجة عن ارتخاء القبضة الأمنية للدولة وانشغالها بهذه الاختلالات والاضطرابات ساعدت الإرهابيين على تنفيذ ما لديهم من المخططات الدامية والتدميرية المروعة السابقة واللاحقة التي كررت في اليمن نفس ما حدث ويحدث في مصر وليبيا ولبنان وسوريا وتونس وغيرها من البلدان العربية التي أصيبت بهذا النوع من العواصف الثورية المتطرفة والمندفعة بشهوة الطمع في السلطة والثروة الى درجة الخلط بين الأساليب التنظيمية والاساليب الفوضوية تحت شعارات جهادية تسخر الدين لصالح السياسة بأساليب جهادية شكلا?ٍ? إرهابية مضمونا?ٍ? مع جوهر الدين الاسلامي الحنيف دين الحياة والحرية والحق والعدل والأمن والسلام والتقدم الاقتصادي والاجتماعي المحقق للازدهار والرقي والسعادة.
أقول ذلك وأقصد به إن انشغال القيادة السياسية في تسكين الحروب القبلية والمذهبية والحركات الانفصالية يجعل التفرغ لتطبيق المخرجات الحوارية عملية صعبة ومرتبكة لأن تنفيذ المخرجات الحوارية مسئولية جميع المكونات وفي مقدمتها الاحزاب والتنظيمات السياسية الفاعلة المتمثلة بالمؤتمر الشعبي العام وبالتجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي وانصار الله والسلفيين.. الخ? الأمرالذي يحتم على القيادة السياسية اعطاء الأولوية لإزالة عوامل التوتر من خلال انتهاج السياسات العقلانية عبر مواقف تجعلها على مسافة متساوية من الجميع نظرا?ٍ لما هي بحاجة اليه من الثقة المستمدة من سياستها العقلانية المتوازنة التي تبديها عن سوء الظن المثيرة للشك.. لأن اعتقاد طرف بأنه الأقرب الى القيادة السياسية يخلق بالطبيعة والنتيجة شبهة الاعتقادات المضادة عند غيرها من الأحزاب والتنظيمات السياسية المشاركة في مخرجات الحوار? وحتى لا يحدث مثل هذا السلوك المعيق للتطبيق لابد من اتباع سياسة اعلامية متوازنة في وسائل الاعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة تميز الخطاب الرسمي عن الخطابات الحزبية لأن مواقف القيادة السياسية قد تتقارب مع هذا الخطاب الحزبي أو ذاك ولكنها لا ينبغي أن تتطابق على نحو يجعلها متهمة بشبهة الاقتراب من طرف والعداء لغيره من الأطراف.
أما أن تجيز لنفسها الحق في الهجوم على طرف معين الى حد الخلط بين ما هو حزبي وما هو رسمي فذلك بالتأكيد من الاخطاء الموجبة لسرعة المراجعة بدافع الحرص على حماية العملية السياسية لاسيما من خلال المواقف والتصريحات والخطابات والمصطلحات المحسوبة على رئيس الجمهورية التي يعدها موظفون رئاسيون قد يكونون متعاطفين أو منتمين الى هذا الطرف أو ذاك من الأطراف السياسية والحزبية.
صحيح أن المصلحة الوطنية تحتم على الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق الوطني وغير المشاركة فيها الابتعاد عن المزايدات والمناكفات الحزبية في تعاملها مع القيادة السياسية حتى لا تجد نفسها مشاركة في مواقف سياسية ودعائية تخدم المنافسين لها أكثر من خدمتها لأحزابها.. إلا? أن الأصح من ذلك أن يظل الخطاب الاعلامي والسياسي الرسمي متزنا?ٍ