كفيل سعودي يسلب أموال مغترب يمني ومحلاته وبعد خمسة أيام يأتي الإنصاف برقا?ٍ
يقضي الشاب محمد ( أ ? ح – 37 عاما?ٍ ) من أهالي مديرية العدين – محافظة إب عامه السابع عشر منذ أن وطأت قدماه السعودية في رحلة اغتراب معيشية طويلة بالنسبة له بدأها قبل أن يتم العشرين من عمره ? ولا يعتقد أنها ستنتهي معه بالعودة إلى الديار قريبا?ٍ ? على الأقل في ظروف الوطن الراهنة التي يصفها بـ ” الخربانة وغير المشجعة ” .
غادر محمد إلى السعودية من قاعة الدرس في القرية ? وهو ما يزال طالبا?ٍ في الصف الثالث الثانوي? بعد أن استحوذت على رأسه فكرة ” الغ?ْربة ” التي سبقه إليها أحب زملائه إليه في المدرسة ? وسمع عنها كثيرا?ٍ من أبناء قريته المغتربين بروايات مشوقة ومترفة ? شعر معها أنها الضمان الوحيد ? والسبيل المختصر والأسرع لبناء المستقبل ? والخروج من حياة التعب التي يعيشها مع أسرته.
قبل أن يقرر فجأة ترك المدرسة ? ومغادرة أهله وقريته ووطنه وصباه كانت الدراسة أحب إلى محمد من كل خيار أخر يفصله عنها ? وهو الذي كان يحرز المراتب الأولى بين زملائه في التحصيل العلمي ?كان يحلم بإكمال تعليمه? وي?ْمن?ي نفسه بنيل الشهادة العليا ? غير انه مع إعلان صفارة الرحيل تنازل عن ذلك كله لصالح تحسين ظروفه وأسرته المعيشية كما حصل لعديد من أبناء قريته .
لقد طغى حلم عمارة بيت من الحجارة والاسمنت على حلم الشهادة العليا ? وبدا أن رفاق الغربة خير من زملاء المدرسة ? وان وجبة واحدة مضيي أو مندي يمكن أن يستعيد بها عافيته ارحم بكثير من سندوتشات مقصف العم احمد المرابط في حوش المدرسة منذ الالتحاق بها? يروي ذلك بشيء من مشاعر الحزن والأسى وهو يحاول أن يستعيد من ذاكرته مخزونا?ٍ من أيام الابتدائية والإعدادية ما لبث يؤكد أنه الأجمل في مشوار العمر.
لا يجد محمد في المملكة السعودية ما يجبره مكرها?ٍ على البقاء فيها في ظل قيود نظام الكفالة الجائر الذي يصفه حقوقيون بـ ” اقسي نظام الرق ” وهو يترصد الجنسية اليمنية خصوصا?ٍ ? ويتجاوز قهر هويته (يماني) إلى سحق آدميته سوى فرصة العمل التي يفتقدها في وطنه الذي يعيش أكثر من ثلث سكانه بفيزة بطالة ? بالإضافة إلى الاحتكاك اليومي بنماذج بشرية معدودة ترتدي العقال لا يزال لديها من قيم الخير والجمال ما يشجع على التمسك بصداقتها? والتعايش معها بأمان .
مطلع الشهر الجاري جلس أبو عبدالله – كما يسميه السعوديون – والذي يتواجد حاليا?ٍ في اليمن يسرد بعناية طافحة بدت آثارها على ملامحه تفاصيل جنائية مجرمة وفقا?ٍ للشرع والقانون تعرض لها في السعودية قبل أكثر من عام من قبل كفيله السعودي (ف.ف) الذي سلبه جهد سنوات من الكفاح والتعب اليومي في عملية احتيال ونصب?لم يخطر بباله أن يكون هو ضحيتها بامتياز .
تبدأ الواقعة من علاقة صداقة قوية ارتبط بها أبو عبدالله الذي يعول أسرة قوامها (6 أفراد) مع كائن سعودي أدت إلى إقدامه على عمل مشروع خاص به (محل لبيع الملابس الجاهزة ) في حي الشفاء بالرياض مكان إقامته باسم كفيله الصديق نظرا?ٍ لعدم السماح للأجانب بفتح محلات بأسمائهم بحسب قانون العمل السعودي .
في المحل وضع محمد شقا غربته لسنوات مقابل حصوله على تفويض مطلق من الكفيل بالتصرف في محله ? وما يتعلق به من معاملات? غير أن نظام الكفالة الذي غالبا?ٍ ما يقع كثير من المغتربين ضحايا لجشع كفلائهم كان اكبر مما احتاط له .
“مشى الحال واشتغل المحل” يقول أبو عبدالله محققا?ٍ أرباح طيبه أدت إلى أن يكبر المحل ويتوسع نشاطه إلى أكثر من محل ? وبينما هو كذلك كانت علاقة الصديقين تسير وفق إيقاعات من الود والإخاء والوفاء لم يبخل فيها محمد على صديقه (ف.ف) بما يطلبه من المصروف النقدي إلى الملابس إلى السيارة التي اشتراها له بالتقسيط على المحل… الخ) إلى أن جاء قرار بإيفاد كفيله للدراسة الجامعية بأمريكا في منحه دراسية على حساب الدولة? وقتها قام ابو عبدالله بتجهيزه بمستلزمات السفر نقدا?ٍ وعينا?ٍ وتوديعه إلى المطار بمشاعر فراق سالت منها الدموع.
خلال فترة الدراسة كان محمد يتعهد صديقه بالاتصال والحوالات النقدية إلى أن عاد ? وعندها تأتيه وشايات من يمنيين ينتمون إلى قرية محمد بقيامه بفتح فرع آخر بنفس اسم المحل في جهة أخرى من الرياض ?فيتجه السعودي الكفيل والصديق إلى أخذ مفاتيح المحل الأصل من شقيق محمد الأصغر ? ويقوم بإغلاقه لمدة يومين ? وبيعه مباشرة لشخص آخر سعودي بـــ (171) ألف ريال سعودي بالطبع ليست القيمة المستحقة للمحل كما يقول اليماني المقهور إلى جانب استلامه أيضا مبلغ (150) ألف ريال سعودي مقابل ” تقبيل المحل”.
حدث هذا قبل حوالي سنتين من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات السعودية ضد العمالة الأجنبية ? وأدت إلى ترحيل أكثر من مليون مغترب يمني من الأراضي السعودية التي يقصدها غالبية المهاجرين اليمنيين وبالذات من الفئات العمرية (15- 22) .
وفقا?ٍ للقانون السعودي فان ما قام به (ف.ف) من بيع للمحل يعد بيعا?ٍ صحيحا?ٍ ? فالمحل باسمه ويعد بملكيته? فيما محمد ليس سوى مجرد عامل ?