منصب نائب الرئيس في اليمن بين الواقع والطموح
– تقف مجموعة من الاعتبارات الرئيسة وراء محاولتي الكتابة في هذا الموضوع وفي هذا التوقيت تحديدا? يمكن إعادة بلورة بعض أهم المعالم الرئيسة لها في اتجاهين أساسين الأول لها علاقة بطبيعة معطيات المرحلة الانتقالية الماضية التي عاشتها اليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا? والتي أوشكت على الانتهاء بحسب بنود خارطة الطريق الجديدة (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة)? واتفاق اليمنين من خلال ممثليهم في مؤتمر الحوار الوطني على ضرورة التمديد لهذه المرحلة لـ25 شهرا أخرى.
– باتجاه التعويض عن الوقت الضائع الذي أهدرته العناصر والقوى المنتمية للتيار التقليدي وشركائها المحليين والإقليمين والدوليين لإعادة التكيف مع معطيات هذه المرحلة أو للنيل من هذه الفرصة شكلا ومضمونا مما أفضى إلى النيل من الجزء الأكبر والمهم منها? وهذا أمر طبيعي كان يجب أن نضعه بعين الاعتبار عند أية خطوة نخطوها بهذا الحجم? هذا إن لم نقل إن خيار التمديد كان واردا بقوة منذ لحظة توقيع المبادرة بحيث تم تقليص المدة إلى 24 شهرا كي تتاح المجال بعد ذلك للتمديد بالاستناد إلى طبيعة الانجاز لمهام المرحلة الاستثنائية ومدى الحاجة لذلك وعلى حد سواء? حفاظا ومراعاة لعامل الزمن والسرعة والكلفة.
– سيما أن طبيعة مضمون المرحلة الانتقالية الماضية لم تخرج عن كونها مجرد عملية احتواء ومن ثم تفريغ منظم لإرهاصات الأزمة السياسية الطاحنة ليس إلا? وهذا ما سوف تتضح معالمه الرئيسة تباعا في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الانجاز المنشود الذي سوف يتحقق في المرحلة الحالية….الخ? والسؤال الذي أصبح يفرض نفسه بقوة علينا بهذا الشأن هو هل كان لعدم وجود منصب نائب الرئيس شاغرا ما يبرره في النص والواقع في المرحلة الانتقالية الماضية? سيما مع كبر طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المهام الموكلة للرئيس وفريق إدارته !! فإذا كانت الإجابة بنعم? يبقى السؤال الأكثر حضورا هل بقاء هذا المنصب شاغرا للفترة الحالية بعد التمديد أمرا له ما يبرره!!
– والتجاه الثاني له علاقة وثيقة الصلة بأهمية وجود هذا المنصب في هيكلة النظام السياسي من عدمه وهذا أمر له عدة اعتبارات مهمة جدا بتقديري ترتبط بشكل وثيق بطبيعة المهام وماهية النظام السياسي المعول عليه قيادة الشعب وإحكام السيطرة على الأرض واستعادة حلقات التاريخ المضيئة وتلبية الطموح المشروع? أي بمعنى أخر أن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المهام المؤكلة للنظام…لانجازها بالتنسيق والتعاون ومن ثم الشراكة مع كلا من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني هي التي يجب أن تحدد ذلك? فمهام إعادة ترتيب البيت الداخلي اليمني على أسس وطنية ومهنية تاريخية طموحة جدا والتي ستتمخض عنه إرهاصات هذه المرحلة هي من الأهمية والكبر التي يصعب على شخص رئيس الدولة تحملها وحده بل هو بحاجة إلى عدة نواب (سيادي/خدمات/انتاج) أو للشئون الداخلية والخارجية.
– وخاصة في ضوء وجود حاجة ماسة لا بل وأكثر إلحاحا إلى إحداث نقلة نوعية في الواقع الداخلي بكافة أبعاده? وبالتالي بوجود ضرورة ملحة بربط الأقاليم الإدارية بشخص (نائب/نواب) الرئيس من الناحية الإدارية? ووجود أهمية بالانكباب على قضايا الداخل أكثر من الخارج? هذا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أمرا مهما في هذا الشأن هو أن النظام الذي ستأخذ به اليمن هو النظام الرئاسي الذي سيلغي وجود منصب رئيس الوزراء ومجلس الوزراء.. لصالح مؤسسة الرئاسة كما أوردنا ذلك بنوع من الايجاز في مقالنا المنشور بعنوان (النظام الرئاسي هو نظام الحكم الامثل لليمن).
– أما عن أهم حيثيات هذا الواقع فإن الدلائل التاريخية تشير إلى أن ما يخبئه لنا التاريخ اليمني المعاصر بهذا الشأن لا يعدو عن كون هذا المنصب لا يعدوا مجرد منصب حكومي رفيع المستوى يرتبط وجوده من عدمه بحاجة الرئيس نفسه? وبمعنى ادق بطبيعة المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد ولا تعدو أهميته على أرض الواقع الجوانب الشكلية على الرغم من ما تظهره الدساتير المتعاقبة من مواد تحدد أهمية هذا المنصب ومهامه وصلاحياته.
– وضمن هذا السياق هنالك تناقض واضح في هذا الأمر بين الواقع والطموح? فنائب الرئيس هو الرجل الثاني بعد الرئيس ومرتبط به? فهو من له الحق بترشيحه وتحديد صلاحياته ويقسم اليمين أمامه وليس أمام مجلس النواب….إلى أخره كما هو معمول في أغلب الدول? لذلك فهو في حقيقة الأمر موظف حكومي حتى لو كان موظفا كبيرا جدا? جراء تمتعه ببعض الصفات السيادية التي تفوق كثيرا موقعه كموظف حكومي (عام)? سيما أن القواعد المنظمة لمسألة الرئيس تسري على النائب في معظم الدساتير بصورة تجعلنا نقف أمام معضلة حقيقية لها علاقة بالالتزامات القانونية والسياسية لكلا من الرئيس والنائب? خاصة عندما يتعلق بتخويل النائب لتولي مهام الرئيس بشكل مؤقت جراء مرضه أو سفره أو للخيانة العظمى….الخ? وبما أن الرئيس ونائبه يعبران إلى حد كبير عن وظائف سيا