قلوب تعرف الحب
معرفتي بالفلسفة يسيرة جدا?ٍ, على الرغم من كونها أهم علوم البشرية!
لكني لست من النوع الذي يستطيع أن يحفظ ويفند ويصنف? وهذه ملكات غيري أقدر عليها.
أعرف أن الحق والخير والجمال قيم أساسية? تعنى الفلسفة بدراستها عبر مبحث الأكسيولوجيا.
سأضيف إليها الحب وأقدمها على تلك القيم?ولتعذرني الفلسفة على ذلك? فالحب والحق والخير والجمال? صنعة الله? ن?عم?َ قديرة? بها اكتمل الوجود واتحد بالحياة.
الوجود جمال مكتمل بكل عناصره? والخير فطرة?َ ج?ْبل الإنسان عليها?والحق منطق العقل السوي? أما الحب فهو سر الله? نفحة الله لتكتمل الحياة? وما كان للحياة أن تسير بدونه.
الحديث عن الفلسفة في هذا التوقيت الحرج الذي تمر به مجتمعاتنا العربية والإسلامية? ليس ضربا?ٍ من العته أو الترف? بل هو ما نحتاج إليه لتقي?م حياتنا? ولتقي?م الأحداث والمشكلات الاجتماعية ألتي تعصف بالمجتمع وتأخذنا معها.
كل المشكلات التي يمر بها المجتمع?يسبقها تطبيق مغلوط للقيم وللحقوق? فيستمر تناميها تراكميا?ٍ على شكل مظاهر ومؤشرات قبل أن تخرج بشكلها النهائي كمشكلة اجتماعية? وهنا تصبح خطرا?ٍ ينذر بانهيار المجتمع? فما علينا إلا البحث عن جذور المشكلة لإيجاد الحل الحاسم لها? قبل الوصول إلى مرحلة النهاية القاتلة.
دعونا نتحقق من أنفسنا وإنجازاتنا وإعادة فهم جوانب القصور التي ارتكبناها طيلة حياتنا كمسلمين بالدرجة الأولى? تحسسوا جوانب الحب والخير والجمال في يومياتكم?
يا سادتي?الله شرع الدين ليسهل علينا التعايش? وليأخذ بيد النفس البشرية الضالة?عن طريق العودة إلى سبيل الحق الذي ضيعناه.
جاء الحبيب المصطفى “عليه الصلاة والسلام” بكل خصال الحب والود واللين? فكانت أخلاقه أولى خطوات الدعوة? وخطابه العقلاني ثاني خطوة? وأفعاله وأسلوبه ثالث خطوة نحو تقديم الدين بالصورة المثالية? ليأخذ بألباب وقلوب من آمنوا? وكان ماكان.
(احب لأخيك ما تحبه لنفسك? تعهد جيرانك بالرعاية, إكفل اليتيم? تقديس العمل? الرأفة الرحمة?العدل?المساواة? الإخلاص?الوفاء?البر? الحرية?العلم? وغيرها…)
كل تلك الثوابت?هي أعمدة بناء الذات الإنسانية?ومنبعها الأول هو الحب? لتستقيم بها حياة البشر?فنحن نقي?م بعضنا البعض من خلالها? فهي وثيقة التعامل الإنساني البحت? و م?ْهد لها ل?تشيع بين الناس?قبل أن ت?ْفرض عليهم الطاعات? كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها? و هذه الفروض لا يقيمها ويجزي بها إلا الله? فهي بين العبد وربه.
لذلك دوما?ٍ? في كل مراحل التطور التاريخي لأي أمة لابد من تدخل منظومة أخلاقية وفكرية جديدة لوضع أولى لبنات تصحيح المسار للاتجاه نحو القمة والهدف? و مهما اختلفت الأهداف تبقى تلك الخطوة هي القاسم المشترك بين كل الحضارات? وكل الأمم.
وفي حالتنا نحن نحتاج لمنظومة جديدة تعمل على إحياء الذات الإنسانية?
فالإنسانية هي ما نفتقده.
الإنسانية بالمعنى الأخلاقي تعني القيم الأخلاقية ـ الحب? الحق? الخير? الجمال ـ وبدون هذه القيم? تنهار الإنسانية.
لكن لماذا فقدنا إنسانيتنا ـ وبالذات نحن المسلمين أتباع أعظم دين سماوي?
في حين أن الدين أصبح حائط المبكى الذي يتزاحم حوله الناس حتى كاد أن ينهدم? هذا إن كان لم ينهدم بعد!!
فوبيا الدين أصبحت مؤججة?مخيفة? فالكل يتحدث عن الدين وأنه المبدد لفوضى الانهيار? ولم يتحققوا من أسباب الانهيار الحقيقية!
بل ويدعي بعضهم أن جهادهم هو لنصرة الدين!
لكني أرد عليهم بالقول: أنتم المتدينون لماذا أيضا?ٍ تعانون من الانهيار الإنساني على الرغم من تدينكم? و تبنيكم لفكرة الجهاد في سبيل الدين?
يا سادتي الكرام? قلتها سابقا?ٍ? دين الله هو ما نريده وليس دينكم!
لذلك تمسككم بدينكم لم يح?ْل دون انهياركم الإنساني!
ما حدث أن الفهم المغلوط لديننا ولقيمه ومنهجه وروحه ومفاهيمه هو ما أفقدنا إنسانيتنا? ليظهر بعدها الإرهاب والتطرف? والجمود العقلي والثقافي? فع?ْدنا إلى مرحلة الجاهلية!
لذلك? الحل هو: إعادة البرمجة (التهيئة) لفهم الدين بحق?حتى نصبح المؤمنين بحق? عبر وقفة صادقة مع الذات نستطيع التوصل إلى الفهم الحقيقي لقي?م ديننا? واستجلاء ما غاب عنا? فدين الكمال لا نقائص فيه ولا عيوب? وإنما العيوب في الفهم القاصر…
لنعلم أولادنا حب الزهر? والنهر والشجر? فعين الجمال لا ترى إلا الجمال.
ولنلقنهم لغة الحب والحوار كما علمنا إياها سيد البشر? دعوا الخير يشيع بينهم?
فمن عرف الجمال وع?ِم?ْر?ِ قلبه بالحب و الخير واستيقن الحق?لن يقتل النفس المحرمة.
قبل أن تعلموهم فروض الدين? ونواهيه حلاله وحرامه? هيئوا عقله وفكره لتقبلها بحب وإيمان? وليستبين الضلالة من الهدى? هذا هو الدين? أن تتقبله أرواحنا الهائمة المشتاقة لتلمس بركته علينا وعلى أحبائنا.
لكن للأسف ما يقوم به معظم الناس هو التلقين قبل التحفيز? الفرض قبل الإقناع? الوعيد والتهديد قبل التمهيد?
التطرف يمينا?ٍ أو يسارا?ٍ منبعه النظام الأس