أسلافي الزحفو_راجلين
قد قرأ في كتبه التي تراكمت كبرج عال في مدينته ? و التي كانت بحوزته يوما انهم قد عرفوا بالراجلين ? و هم إمتداد لمن تم تسميتهم بالزاحفين..
و كان جده يؤكد على ان اصول الزاحفين سماوية ? فيما غلب الاعتقاد على ان الراجلين قد انحدروا من الملائكة..
و قبل ان تصبح العوالم خلف جبال المملكة حقيقة لا غبار عليها ? قضى الملايين من الفريقين نحبهم في حرب ضروس ? لم تتوقف ابدا على مر التأريخ المدون الخاص بعصورهم حتى فنائه و طمس معالمه تحت أطنان من حمم البراكين ? و من ثم إكتشاف وجودها من جديد على أيدي المجنحين..
تميز الزاحفون بقدرتهم على السير فوق سطوح الجدران و السقوف ? في حين اعتبر الراجلون التشبه بالزواحف هرطقة و كفرا..
خلف حصن المملكة ? كان عالم الشياطين يقيم متربصا بقدسية مباديء القطبين المتناحرين ? و لم يكن ليحمي الجموع المؤمنة بأرجلها الأربع و تلك التي تعبد القدمين سوى الجبال الشاهقة التي تراكمت عبر عصور طويلة ? و من خلال جهود كلا الطرفين في إعلاء شأنها ? و الإهتمام ? و التفنن بتصنيع وعورتها ليصبح الخروج من المملكة ضربا من المستحيل.
و في احدى حكايات جده المجنح الأول ? و التي نشأت على خلفية الأساطير المقدسة القديمة ? ذكر ان جميع من حلموا بتجاوز الصخور الوعرة ? و القمم التي لا تبلغها عين ? نحو المجهول خلف أفق المملكة ? قد تم حرقهم و إبادتهم بمختلف سبل القتل الشنيع ? لذا أصبح على الطرفين معا ان يسنوا قوانينهم الصارمة بشأن من يخطر له ? و لو من قبيل الصدفة ? ان يتخيل ان هناك امتدادا للأرض او للسماء خارج واقع المملكة..
و تذكر بعض كتب جده المجنح الأول ? ان يوم القرابين كان يقام سنويا حين يزداد عدد الأفراد المطوقين بتضاريسهم المصطنعة بشكل يهدد بإيذان موسم المجاعة ? و الظمأ ? و نزول الوحي ? بإقرار يوم التقرب الى السماء..
و كانت الأمهات تحبس في وديان الآثمين إبان الموسم ? ليسهل على الرجال ذبح أكثر عدد ممكن من الشباب الحالمين ? او ما يصطلح على تسميتهم بالزحفو_راجلين ? بعيدا عن أنظار الأمهات الثكلى..
كما ثبت في معظم مخطوطات المعابد التي زامنت ذلك العهد ? ان إحتفالات المطر ? و أعياد القمح التي يقيمها الأغنياء حول قصورهم ? و في الساحات العامة ? كانت تبدأ مباشرة بعد يوم القرابين ? مبددين فيها الطعام و الشراب بإفراط مهول..
و تؤكد مدونات تأريخ المملكة ? ان معاصري ذلك الزمن ? كانوا يشيدون ميادين المعرفة ? و التي كان يصر على التوسع في الإنفاق عليها ? المتصلون بالسماء و المترجمون للغة الطقس.
وفق ما ورد في الكتب المقدسة ? (التي لا يمسها سوى من يسنون قوانين القرابين ? و يحددون توقيت انطلاقها) ? فقد كان للأمطار ? و هطولها تسميات مختلفة حسب كميتها ? و وقت تساقطها ? و مدى تلاعب الريح في إستقامة خطوطها ? و للرعد مترجموه المختلفون في الرأي دوما ? و للفصول علماء يحللون المعاني المقيمة خلف تغير درجات الحرارة ? و عري الأشجار ? و كسوة الربيع الخضراء..
أحد الكتب الذي تعرض مرارا للحرق ? و كانت نسخ منه ? رغم ذلك ? تحفظ سرا بطريقة ما للأجيال القادمة ? يؤكد على حقائق لا يمكن الجهر بها علنا يومها ? منها وجود قرى ? و ممالك أخرى عديدة غير هذه التي يتعبدون في معابدها المختلفة ? بل و قد نصت المبالغة في بعض فصوله على ذكر وجود أنواع أخرى من الكائنات ? و التضاريس ? و الأشجار ? لم تكتشف بعد تقيم خلف قرص الشمس..
و عند نصب المغضوب عليهم في ساحة المدينة ? تم تدوين معلومات حول مؤلفي الكتب الحالمة التي تحرق دوما ? و كيف تم تقطيعهم بآلات صغيرة ? تشبه أدوات النحت الدقيق على وقع اصوات الطبول ? و أقدام ? و بطون الراقصين بجنون.
بالنسبة له تبدو البشاعة في ما ذكر ? ان أصحاب الشارات الحمراء في الحضارة الحالية ? لا يبرحون يروجون في كتبهم ? ان لا عالم أبدا خلف الجدران العظيمة المحيطة بالولايات الشاهقة في علو مبانيها و جبالها ? و التي شيدها الأجداد المجنحون بآلات بدائية ? تم الإحتفاظ بها في المتحف.
لم يعد هنالك من يوم للقرابين ? و لا احتفالات للمطر ? و لا اعياد للقمح.. غير ان داخل سجنه ? كان الكثير من المجانين الذين يرددون بإيمان مطلق ? _كما دأب هو تماما_ ? ان الجدران العظيمة ليست منتهى العالم ابدا ? و إن ما حدث بعد إندثار القرى ? و الممالك التي كانت تذبح أولادها من الزاحفين و الراجلين ? هو التوسع في تأسيس الولايات الهائلة الحجم ? و إزدياد أعداد الكتب التي توثق ? ان لا كون آخر خلف ما يرى الآن ? و تعدد السجون الألكترونية التي تغص بالمتسامين.
و لا يمكن نكران كم بلغ الإحتراف من دقة لا تبارى في تأسيس سجون البارعين في التسامي ? لمنعهم من التحول الى ذرات دقيقة ? تجول في الفضاء بحرية ? لا تحدها حدود تحطم منعة الحصون.
ساعة إعدامه ? بآلة التقطيع الألكتروني ? شعر بتواصل شعاعي عظيم مع أسلافه من الزحفو_راجلين ? و خيل اليه انه يراهم عبر شاشة شفافة ? و يحاورهم