لا خلاص إلا? بالوحدة
الوحدة المنشودة هي وحدة ذات شقين داخلي وقومي? وحدة المواطنين في كل قطر عربي ووحدتهم في إطار الوطن العربي الكبير? وبدون ذلك لا مكان لشيء اسمه العرب أو الوطن العربي? فالمؤامرة الكبرى على هذا الوطن قد وصلت في هذه المرحلة نهايتها? وكأننا باللاعبين الكبار يضعون اللمسات الأخيرة والحاسمة بعد أن نجحوا في تمزيق هذا الوطن وأوغلوا في تمزيق مكوناته القطرية? وبعد أن كان بعض هؤلاء الكبار يبدون في أثواب الصديق الحميم لبعض الأقطار العربية لكنهم لم يترددوا في أن ينتقلوا إلى الطرف الآخر المعادي? معلنين بصراحة وبلا مواربة ولا أدنى خجل أنهم قد يجدون مصلحتهم مع الطرف الآخر. وقد يكون الأمر أكثر من المصلحة وهو إعلان العداء التاريخي للعرب جميعا?ٍ والخوف من أن يكون للوطن العربي دوره المتوقع في العالم نظرا?ٍ لما يتمتع به من كثافة سكانية وثروات ومواقع استراتيجة.
وكان واضحا?ٍ منذ وقت طويل أن القادة العرب سوى القليل منهم لم يكونوا على دراية تامة بما تكنه الدول الكبرى? ولم يكونوا ينظرون إلى المستقبل القريب والبعيد? كانت أعينهم مصو?بة على الحاضر على اللحظة الراهنة? ومن هنا استطاع الأعداء أن يزرعوا الخلافات بين حاكم وآخر وأن يدقوا أسافين الفرقة بين قطر وآخر? لغرض في نفوسهم كانوا لا يخفون في كثير من المواقف والحالات? وها هوذا الآن يتضح ? وتسقط أوراق التوت عن العورات السياسية بما لا يدع مجالا?ٍ لإخفاء سوء النوايا ? وما كان يهدف إليه هؤلاء طوال سنوات من إظهار العواطف الكاذبة وبث الطمأنينة الزائفة في نفوس من وثقوا بهم ورأوا فيهم سندا?ٍ في مقاومة الأعاصير ومواجهة رياح العدوان المحتملة.
ولكي لا تنجح المؤامرة التي اقتربت فصولها من النهاية? ويغرق الوطن العربي في بحار من الفوضى السياسية والاقتصادية? فلا مناص للحكام العرب ومواطنيهم جميعا?ٍ من الوقوف في لحظة مصارحة مع النفس والبحث في خزائن الإرادة الوطنية والقومية عن أوراق يمكن استخدامها لإفساد المؤامرة وإفشال العمل بما تبقى من بنودها التي باتت مفضوحة ولم يعد في إمكان مدبريها تقديم أي مبررات تنطلي على أي مواطن عربي بما فيهم ذلك الفلاح الذي يغمس أقدامه المشققة في طين الأرض المستوية أو ذلك الذي يخترق بها الطرق الوعرة في مطاوي الجبال. وما فعلته الدول الكبرى في فلسطين العربية وما تزال تفعله في هذا البلد العربي المصلوب على جدار الماساة الدولية منذ أكثر من ستين عاما?ٍ? كان كافيا?ٍ لاكتشاف سوء النية وما تبيته من عداء ظاهر وخفي على هذه الأمة وأبنائها.
و”لا توجد صداقات دائمة بل مصالح متغيرة” تلك هي الجملة الذهبية التي افتقدنا معناها? وقد كانت أول ما استوعبته أفكارنا في أول تفتح على الوعي السياسي? وهي جملة ذهبية حقا?ٍ وعلى درجة عالية من الحكمة المبسطة والمألوفة? وكان في مقدورها أن تجعل قادتنا يدركون منذ وقت مبكر أن المواقف المتماثلة في مرحلة ما? قد تتغير في لحظة واحدة وتنقلب إلى مواقف متناقضة ومتصارعة. وبما أن تلك الجملة الذهبية لم تأخذ مداها المطلوب في تفكيرنا ولم تخضع للتطبيق في حياتنا السياسية فقد كان لزاما?ٍ علينا?ٍ أن نخسر وأن تكون بلادنا العربية عرضة للخسارات المتلاحقة ? لكن الأهم من كل ذلك أننا لم نستقد من التجربة ولم نستعد? لمواجهة ردود أفعال الخيبة الناتجة عن الثقة الزائدة بالآخر? والشك الزائد في قدراتنا وعدم النظر إلى ما تحققه الوحدة بوعي صادق وشكل جاد.