العودة الجماعية من السعودية تهدد استقرار اليمن
عاد حوالي 200,000 عامل يمني مغترب من المملكة العربية السعودية منذ شهر يونيو الماضي? وفقا?ٍ لتقديرات المنظمة الدولية للهجرة (IOM)? وسط تصعيد حاد في عمليات الترحيل ضمن حملة تشنها السلطات السعودية لترحيل كل من يخالف قوانين العمل – وهذه تطورات قد تؤدي إلى زيادة الفقر وزعزعة استقرار العملية الانتقالية في اليمن? كما يقول المحللون.
وتقول الحكومة اليمنية أنها تتوقع عودة 400,000 مواطن آخر عاطل عن العمل على الأقل في الأشهر المقبلة.
وعلقت حورية مشهور? وزيرة حقوق الإنسان اليمنية? على تلك المشكلة قائلة أن “[العائدين] يشكون من أنواع مختلفة من الانتهاكات? ليس بالضرورة من قبل السلطات ولكن من كفلائهم عندما يرفضون أن يدفعوا لهم أي تعويضات عن العمل الذي قاموا به في شركاتهم. كما تحدث أنواع أخرى من الانتهاكات أثناء عملية الترحيل? عندما يصبحون خاضعين لأنواع أخرى من الانتهاكات الجسدية أو النفسية”.
وقد شكلت عودة العمال عبئا?ٍ كبيرا?ٍ على التحول السياسي الهش في اليمن? واستحضرت ذكريات طرد أكثر من 800,000 يمني من المملكة العربية السعودية في عام 1990? الذي ساهم في تفكك اتفاق الوحدة اليمنية عام 1990 بين دولتي اليمن الشمالي واليمن الجنوبي السابقتين وأدى إلى الحرب الأهلية في عام 1994.
وأضافت مشهور قائلة: “ما لم نمنحهم الفرص لعيش حياة كريمة… نخشى أنهم قد يتحولون إلى عنصر من عناصر عدم الاستقرار. وبالتأكيد سيكونون بحاجة ماسة إلى مساعدة فورية على المدى القصير? مثل الغذاء والعلاج الطبي? ولكن على المدى الطويل? ينبغي علينا توفير… المزيد من فرص العمل لتغطية احتياجات أسرهم … [واحتياجاتهم] أيضا?ٍ”.
وتجدر الإشارة إلى أن العمل في المملكة العربية السعودية المجاورة يمثل بالنسبة لليمنيين وسيلة للنجاة من براثن البطالة المزمنة في بلادهم? إذ أن أكثر من نصف اليمنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما?ٍ عاطلون عن العمل.
“ذهبت إلى السعودية قبل عامين لكسب لقمة العيش لي ولعائلتي. كان الوضع هناك جيدا?ٍ? ولم يكن العمل متوفرا?ٍ هنا?” كما أفاد رضوان البالغ من العمر 25 عاما?ٍ والذي تم ترحيله للتو بعد انتهاء فترة السماح? وبعد أن قضى عامين في المملكة العربية السعودية. “في اليوم الأول? كان أكبر مراكز التسوق في مدينة جدة? الذي يقع في شارع فلسطين فارغا?ٍ? فالسعوديون لا يعملون في محلات السوبر ماركت والمصانع والمحلات التجارية. فماذا سيحدث الآن?”
ووفقا?ٍ للإحصاءات الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة? والتي تساعد على تقديم المساعدة الطارئة للعائدين عند معبر الطوال الحدودي? كان 93 بالمائة من العائدين من الذكور? وقال 98 بالمائة منهم أنهم عادوا بسبب افتقارهم إلى وثائق سليمة.
وأضاف رضوان أن “اليمنيين الذين عاشوا في المملكة العربية السعودية منذ أن هاجر أجدادهم يتم طردهم بعد تطبيق هذا القانون الجديد. إنهم لا يملكون شيئا?ٍ في اليمن ولا يعرفون شيئا?ٍ عن اليمن”.
حملة صارمة
وفي أواخر مارس 2013? بدأت الشرطة تنفيذ حملة صارمة وجيزة استهدفت العمال الأجانب كجزء من سياسة الحكومة لفرض قوانين العمل وخلق المزيد من فرص العمل للملايين من العمال السعوديين العاطلين عن العمل.
وقد تم تعليق المداهمات ونقاط التفتيش في شهر أبريل لاعطاء الأجانب فرصة لتصويب أوضاعهم? ولكن عدد المغتربين الذين حاولوا الحصول على وثائق من سفاراتهم فاق كافة القدرات? فمدت الحكومة فترة السماح مرة أخرى إلى 4 نوفمبر? وبعد ذلك بدأت حملة الإجراءات الصارمة.
ومن الجدير بالذكر أنه بموجب نظام الكفالة المتبع في المملكة العربية السعودية? ينبغي على أرباب العمل الأصليين للعمالة الوافدة منح الإذن لتغيير العمل? وكذلك الإذن بمغادرة البلاد. كما يأخذ العديد من الكفلاء جوازات سفر العمال المهاجرين عند وصولهم. وحتى الآن? كانت الدولة تتغاضى عن تغيير العمال لوظائفهم والعمل لدى أصحاب عمل جدد دون استيفاء الأوراق اللازمة نظرا?ٍ لأهمية العمال الأجانب في الاقتصاد السعودي.
وفي سياق متصل? تعتمد آلاف الأسر اليمنية على التحويلات النقدية التي يرسلها اليمنيون العاملون في الخارج والتي أصبحت بمثابة طوق نجاة لهم. ووفقا?ٍ لدراسات استقصائية أجرتها المنظمة الدولية للهجرة? كان ثلاثة أرباع العائدين يرسلون الأموال إلى اليمن.
وأكدت تيريزا زكريا في بيان صادر عن المنظمة الدولية للهجرة أن “حقيقة أن الأسر لن تتلقى هذه التحويلات بعد الآن سيكون لها تأثير كبير عليهم وعلى الاقتصاد في منطقتهم”.
كما حذرت قائلة: “إننا نشهد فقدان حوالي 5 ملايين دولار بسبب توقف التحويلات النقدية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر فقط. ويعود معظمهم إلى مناطق ذات مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وسوف تؤدي هذه الخسارة الفادحة في الدخل إلى تفاقم هذا الوضع لا محالة”.
إساءة المعاملة
حاول رضوان تهريب نفسه إلى اليمن لتجنب إضافة اسمه إلى قاعدة بيانات المرحل