الطغيان صناعتنا!!!
قررت أن أترك التفكير بالسياسة ومقاطعة الأخبار , من ضجر?ُ وسأم وتخبط في فهمها !!!
فكلما وصلت إلى تحليل?ُ ما ,وبدوت مقتنعة به تماما?ٍ ,ت?ْطل أحداث ومؤثرات تشوشني وتفرض مجاهيل جديدة في المعادلة فأجدني متوهمة فقط ,
فأعود لفرز المعطيات في محاولة لتدارك ما غاب عن إدراكي !!
والأدهى من ذلك ,أنني أجدني ج?ْررت?ْ من جديد ,لمتاهات إقناع نفسي بعدم جدوى محاولة الفهم تلك ,وهذه المتاهات والمحاولات تدفع بي إلى إبتداع قناعة صارمة لدي? بأنه لا شيء حقيقي مما ندركه , قد تكون فلسفة أو ماشابه !! لكنها على الأقل ت?ْخرجني من الدائرة المغلقة التي تحج?ْب التفكير والفهم والإدراك , فليس هناك تحليل?َ مطلق ولا تنظير?َ مطلق ولا فهم?َ مطلق , كل شيء يحتمل النسبية بدرجة أو أخرى , و لماذا ?
لأننا لو إنطلقنا من مبدأ الم?ْطلق , فإننا سننزلق ببساطة نحو التعصب الأعمى
ومايليه من سلسلة الأخطاء التي سنقع?ْ فيها , سواء أدركنا ذلك أم لا , فالوعي سيصبح م?ْعو?ق ومشو?ش , وستتغلب أنانيتنا وعنجهيتنا على مستويات المنطق والمصداقية , وكمرحلة أخيرة ستتعفن كل أفكارنا ,,,
هل لاحظتم سادتي أنني لا أنفك أعود إلى التحليل , إنه داء !!!
لكنه علة إيجابية في تكوين العقل البشري , فلولاه لن يتطور الإرث البشري جيلا?ٍ بعد أخر.
نعم نحاول أحيانا?ٍ التنصل منه وإعتباره داء?ٍ يورث الهم والغم , لما يسببه من إرهاق وإنهاك للنفس, لكنه أيضا?ٍ يجعل النفس غنية , بما تضمره من قيم أصيلة, ومبادئ قوية ,تعمل كأوتاد تثبيت للإنسان وإتصاله بالواقع و بالمجتمع ,وتمده بالجدارة اللازمة , لمقاومة وتوجيه المظاهر المنحرفة في السلوك الإنساني والمجتمعي , وهذا ما تفتقر له النفس الفقيرة , ألتي ت?ْذعن للخضوع والخنوع ,في إنكسار وإنحسار للطموح , أقصى ما تقوم به هو التعايش مع ما تجده حولها فترضى بالعيش في الخفاء , لا ظل لها يعكس وجودها المادي على الواقع , ولا بصمة لها, حتى في حياتها , لا تسعى للتغير , نمطية روتينية وتنقاد بكل إنصياع لطغيان حكامها .
لكن هذه النفوس الفقيرة والأخرى الغنية , ماكانت لتصنع ك?ْنهها بذاتها !! فالإنسان يولد حرا?ٍ , وإنما تتخلق?ْ هذه الأنفس وفق أيقونة التربية التي تشكلها , والتربية هنا تشمل الصقل الأبوي والصقل الإجتماعي والتعليمي والتثقيفي , هذه المكونات الرئيسية مجملة , و في حال غياب البعد التنويري , ت?ْـنتـج?ْ بغير إنتباه ,بذور النفوس الفقيرة ومعها كذلك جمود أي حراك إجتماعي !!
إذ بغير الحراك الإجتماعي , يستمر المجتمع في جموده وتأخره , فأداة التغيير فيه ـ النفس الفقيرة ـ لا تملك وعيا?ٍ تنويريا?ٍ يخولها للقيام بأي دور .
الطغيان تاريخه مديد , ويتشعب في حياتنا إلى درجة أننا ن?ْـنتـجه?ْ كل يوم , ووفق معايير نؤسلمها أحيانا?ٍ ,بل ونمجدها أيضا?ٍ بإدمان !!!!!
أ?ْولى صور الطغيان , حرية الرجل المطلقة وممارسته للإرهاب,داخل النظام الأسري ككل ,وعلى المرأة بشكل خاص , و السلطة المفرطة ألتي يمارسها الأبوين على الأبناء ,بالحجر على حرية تعبيرهم عن ذواتهم وشخصياتهم وقدراتهم الذاتية الإبداعية , وبممارسة هذه الوصاية المفرطة على الأبناء , لا ندرك أننا نسحب منهم ثقتهم بأنفسهم ,ونقتل فيهم روح الإبداع والإبتكار والعمل والفكر السليم .
وبنفس الوتيرة نستمر في الصعود الرأسي مرورا?ٍ بطغيان الموظف فالمدير والمسؤول والوزير والشيخ ,والعتاولة من التجار ,كلهم يمارسون الطغيان بصور مختلفة مستقوية على الأنفس الفقيرة فالأفقر فالأفقر , وهكذا نزولا إلى أسفل الهرم _ الأبناء _ وهم القاعدة التي ينبغي لها أن تكون الأقوى لصنع المستقبل ,و بوجود نظام تعليم بائس وسلبي , وعادات إجتماعية أكثر سلبية , يصبح المستقبل أكثر فقرا?ٍ.
أما مقياس الطغيان ,فهو كسر القوانين , كمحاولة للإنتشاء بمجد العنجهية !!
وهكذا نحن ننتج الطغيان ون?ْعمده?ْ ,بتمسكنا الأعمى بالعادات والتقاليد السيئة ,التي تعزز وجودها في غياب أي وعي تنويري لمقاومتها .
فتجد الأسرة ت?ْصر على إعطاء الولد إمتيازات خاصة زارعة?ٍ بذلك بذور طغيانه , وتسلب الفتاة حقها المساوي لأخيها , بل و ت?ْسخرها لخدمته وكأنه حق له عليها , وهذا يعزز سطوته عليها , وت?ْختصر?ْ حقوق الفتاة في مقابل تزايد الواجبات المفروضة عليها , طبعا?ٍ هذه هي البذرة الأولى ويتبعها المزيد من الإختصارات لحقوقها كلما كب?ْرت !!!
نسمع كثيرا?ٍ تلك الكلمات التي تقيد الفتاة وتحبطها ( عيب لا يجوز انتي بنت , أما هو فولد ) , مفردات نتداولها ولا نعلم أنها تفعل الكثير في مستقبل أولادنا ,ونعلم جيدا?ٍ أن شريعتنا السمحاء تعاملت بميزان رباني دقيق ,مع كل تلك الأوامر والنواهي التي ف?ْرضت علينا ولم تميز قط بين الولد والبنت , بل أن منتهى القسوة في التربية ,أن يتم التعامل مع الفتاة كخادمة والإيغال في تعميق ذلك بتأهيلها لخدمة الزوج في مرحلة متقدمة, ون?ْنكر?ْ عليها كل حقوقها الإنسانية والدينية , فنؤمن ببعض الكتاب ونكفر