قتل عمار ,, من قتله ?
كان يقف على دراجته النارية , في احد شوارع مدينة ذمار , باحثا?ٍ عن رزقه , حينما تملكته القشعريرة,و تثقبت رأسه رصاصة قدمت اليه من السماء , لم يكن يحمل سلاحا?ٍ , ولم يكن يحلم بغير القليل , لكن العبث المفرط في هذه المدينة قتله.
ببساطة قتل دون ان يلتفت احد الى الجناة .. قدرة ان يموت وهو يعتلي دراجته النارية , وان تتحمل اسرته البسيطة تكاليف موته , وفاتورة طويلة من الحزن المتراكم . قدر البسطاء ان يموت في الشوارع وهم يحاولن البحث عن الحياة.الاحلام التي كان يعيش لها على بساطتها تقزمت امام وضع اقتصادي متردي دائما?ٍ.
“عمار حسين العبري”ابن 17 ربيعا?ٍ , ربما لو كان ابن شخصية نافذة لما كانت الاعراس في مدين ذمار ان تتم , فالمتهم يكون كل عريس في ذلك اليوم حتى يبت العكس , لكنه ابن اسرة بسيطة وفقيرة , وهو عائلها الوحيد , ترك مقاعد المدرسة ليجلس على الدراجة النارية , ليوفر الشيء القليل لأسرته.
في الساعات مبكرة من صباح يوم الجمعة الماضية , سقط , تجمع حوله رفقا درب مهنته بتعجب , كان قد مات عندما التقطته ايادي احادهم لإسعافه , مات شاب بمدينة ذمار متأثرا بطلقة نارية راجعة ” بهذه العبارة قال الاعلام الرسمي عن وفاته , او انه تحشى ذكر ما حدث , لأنه حدث ” عادي ” ولا يهم احد !!!
قد يكون من اطلق الرصاص , لم يكن يتخيل ان تصيب احدى رصاصاته جسد احداهم … مع ذلك ففي حالة الغياب الكامل للضمير , يتم عمل نقاط للنهب والسلب والتقطع وسط مدينة ذمار.
لم يحاول احد ممن يقفون مبتسمين دائما اما كآمرات الاعلام وقف تلك المهزلة التي تتكرر كل مساء , وفي تطورات سريعة “يدهس” سائق شاحنة احد المتقطعين ويلوذ بالفرار , لتتداعى القبيلة ويتقطعون لكل سائق شاحنة والقيام بتحليفه انه لم يكن ذلك السائق الذي دهس صديقهم ,, وتهديده وان قاوم قليلا?ٍ يضرب بعنف مفرط. كانت سيارة قوات النجدة تقف الى جوارهم وبغضب يرد جندي : انا هو قتيل مش لاعبة. لعبة حقيقة تلك التي نعيشها في هذه المدينة البائسة حد الرعب.
ربما , يحيى العمري , كان صادقا?ٍ عندما قال ذات يوم انه محارب من قبل البعض وان تعثر بعض مشاريع التنمية تأتي لافاشله , وربما ايضا?ٍ انه فاشل جدا?ٍ , تزدحم المدينة بسبب سوق الدائرة للقات القريب من المجمع الحكومي الذي تحتل فيه مكتبا?ٍ واسعا?ٍ وتجلس على مقعدا?ٍ انيقا?ٍ , بسبب بسط بائعه القات للطريق الاسفلتي , وتقف كثيرا?ٍ منتظرا?ٍ افساح المجال لموكبك المرور , تتفف من ذلك الوضع العشوائي في التخطيط , كما نتافف نحن كذلك لكننا نزيد ذلك بتاففنا منك ايضا?ٍ.
غلقت مدينة ذمار , واختفت بعض معالم حارتها وسط الوحل بسبب عدم وجود مصارف للسيول , وأنت يا رجل تتحدث عن ” أنوع الاحجار ” التي سترصف بها بعض حارات المدينة , في مشروع جاء قبل عهدك.
موجع ان تجد المدينة وقد غادر نخبتها الى خارجها في ذكرى عيد الثورة , وتركها لك , والإعلان عن رفضهم لبقائك في طريقة راقية جدا?ٍ للاحتجاج , ومؤلم ان تصمت سنوات طويلة وعندما تتحدث تحاول استفزاز الاخرين لينتقدوا عملك وتبرر انت بمرارة مفرطة , كنت تخفي عجزك , اول قل تخفي دموعك عن ضعفك.
تماما?ٍ , كما كان صالح يعمل مع الجميع , يوزع الوعود كما يوزع المتصدق الصدقات بدون حساب , ووسط الفوضى او الانصات يصدقك البعض ويفرط البعض في التصفيق لكلامك , لم تقل شي يستحق ان نثني عليه لكن ” الطبلين ” يصفقون بحرارة غير معهودة ,, تبا?ٍ لهم فهم قد اغووك وقد كنت بدأت تنظر بعيدا?ٍ عن اعينهم , وتسمع كلام لم تالفة من قبل , لكنها الحقيقة.
لم نتنصر لأحد , واجزم انك قد تكون لم تسمع بشاب اسمة ” عمار العبري ” قد قتل برصاصة طائشة , لم تسمع عن “الجذم” الذي اجتاح السجن المركزي بذمار , لم تسمع بوجع مرضى هيئة مستشفى ذمار العام , لم تسمع بمظالم الناس , ويوم واحد لا يكفي لعرض كل مشاكل المواطنين , لتعرف كم مدينة ذمار بائسه افتح نافذة سيارتك قليلا?ٍ لتشم رائحة القمامة وتسع اذنك اوجاع الناس وهمومهم وتشاهد كم نحن بدون احلام , وواقعنا كئيب .
هل يوما?ٍ زرت مدرسة ابتدائية , لتعرف كم التهم البرد اطراف الاطفال مش شدته وضرب المعلمين المستمر , هل زرت يوما مستشفى خاص لتعرف ماذا يقدم من علاج , هل مررت يوما?ٍ لتشاهد ماسي الناس مع رجال البلدية.
اعرف ان ابنائك يدرسون في ارقى المدارس الخاصة وكذلك الجامعات غير الحكومية , وعندما تتوعك تجد لك سبيلا?ٍ الى المطار , وانك لم تشاهد ماذا يعمل رجال البلدية بالمواطنين البسطاء عندما يفترشون اجزاء من الرصيف ويتقاضون منهم اجرة باهظة , ويبتزونهم باستمرار , لأنك تسير دائما بسيارة تحمل زجاج عاكس رفقة جنود كثر .
فعلا?ٍ ,, شخصيا?ٍ تعبت من تغيير يفضى الى الافضل في وجودك.
*saqr770@gmail.com