” مخنق ” الفض? بالقو?ة
إتخذ مجلس الوزراء المصري قراره بفض? اعتصامات الاخوان في النهضة و رابعة العدوية قبل اسابيع , وبالفعل قامت وزارة الداخلية وبالتنسيق مع الجيش بعملية مفاجئة وتمكنت من فض? الاعتصامين .
ومن ناحية ” ديناميكية ” يمكن القول انها قد انجزت المطلوب منها ونفذت قرار الحكومة . ذلك الانجاز ” الديناميكي ” لفض الاعتصامات لا يمكن بناء عليه القول ان وزارة الداخلية قد فعلت الصح وان الحكومة قد نجحت , فجوهر الحاجة المصرية التي دعت للتفكير في فض الاعتصامات هي إخراج مصر من حالة سيئة كانت تمر بها , والدخول بها الى حالة من الاستقرار لم تعرفها البلد منذ ثورة 25 يناير , وما تشير اليه المعطيات الحالية ان عملية فض الاعتصامات لم تع?جز في إخراج مصر من حالها السيئ فقط وانما جعلتها مرشحة وبقو?ة لان تتجه لحال سيكون اسوء بكثير من الحال السيئ الذي كانت تمر به . كانت الحكومة المصرية قد تمك?نت من اتخاذ قرار فض الاعتصامات , وتمكنت كذلك من إنجازه استنادا ” لحالة الثقة ” التي توفرت لها تبعا للغطاء السياسي والشعبي الذي تحص?لت عليه بشكل جيد عقب أحداث ال 30 من يونيو , و هو الغطاء الذي كان الاخوان المسلمون قد فقدوه بقدر كبير خلال ادارتهم للبلد لفترة العام السابق . إتبعت الحكومة المصرية في عملي?تها لفض? الاعتصامات اسلوب القوة , وخلف?ت عمليتها تلك 525 قتيلا والالاف الجرحى وبينهم اكثر من 40 قتيلا وعشرات الجرحى هم من قوات الامن , ولكن لن يتم النظر الى الامر الا على اعتبار انهم جميعا قتلى وجرحى مصريين , ولن يف?رق في شيء ما اذا كانوا من المعتصمين ام من رجال الامن .
فهم في الاخير 525 قتيلا والالاف الجرحى من المصريين كانوا ضحية لتلك العملية , وهي تضحية جسي?مة لم يكن على مصر ان تدفعها تحت اي مبرر , وليس هناك ما يدعو لتقب?لها , وهي تضحية مدانة بكل ما تحمله الكلمة من معنى . هذه التضحية الغير مبر?رة والغير مقبولة ستفعل سلبا في القد?ر الذي حظيت به الحكومة المصرية من الغطاء السياسي والشعبي كنتيجة لأحداث 30 يونيو , وما خطاب شيخ الازهر الذي قال فيه انه لم يكن على علم مسبق بالعملية وكذلك تقديم الدكتور البرادعي استقالته من موقعه كنائب للرئيس المؤقت لمصر وحتى دعوة الشيخ القرضاوي للتظاهر بكثافة يوم الجمعة الا بدايات الانحسار للغطاء السياسي والشعبي الذي كانت تحوزه الحكومة . ولاشك ان القدر الذي ستفقده الحكومة من غطائها سيزيد من حالة الاختلال في موازين القوى في البلد , وستدخل مصر في حالة ستكون اكثر اضطرابا . كان الاخوان المسلمون يفقدون رويدا رويدا غطائهم السياسي والشعبي الذي توفر لهم بقدر جيد عقب ثورة 25 يناير وهم لا يدركون ذلك .
وهو ما أمكن معه إزاحتهم من السلطة دون ان يفي?دهم في شيء تمسكهم ” بالصندوق ” مع إسقاطهم لقدر كبير من المصريين كانوا قد نزلوا الى الميادين والشوارع للمطالبة بعدم استمرار الاخوان في الحكم من حساباتهم . وها هي الحكومة المصرية قد بدأت تمر بنفس الحالة وفقدت قدرا من الغطاء السياسي والشعبي الذي يتوفر لها , ولن يشفع لها في شيء ان معظم القتلى والجرحى هم ممن تجمهروا مع جماعة لا يريد جزء كبير من المصريين عودتها للحكم . يمكن القول ان القوى المصرية بعدم إدراك حاجتها للغطاء السياسي والشعبي لما تقوم به , قد وضعت مصر في اسواء مرحلة عبر تاريخها وبما في ذلك تاريخ ” ثوراتها ” الاخيرة , وبالفعل مصر اليوم تمر? بمفصل حرج? في تاريخها , وهي اليوم في ” مخنق ” لا تحسد عليه . ما يجب ان تستوعبه القوى المصرية – وكل القوى في اي بلد – هو ان حاجتها للغطاء السياسي والشعبي هي حاجة فعلية وجوهرية ولا يمكن لها الاستمرار الا اذا توف?ر لها , وانها كلما تمك?نت من الاستزادة في القدر المتحصل لها من ذلك الغطاء كلما كانت اكثر قوة واكثر حضور واكثر منعة , بينما لا تفي?دها في كثير أي ” إعدادات ” أخرى ايا كانت مع فق?دها او قل?ة حض?ها من ذلك الغطاء السياسي والشعبي المطلوب لمواقفها وخطواتها . المواقف والخطوات التي ستقدم عليها القوى في مصر خلال الايام والاسابيع القليلة القادمة هي التي ستقر?ر مستقبل تلك القوى ومستقبل البلد بالكامل على المدى المتوسط على الاقل , والقوة التي ستحد?د مواقفها وتر?سم خطواتها انطلاقا من مفهوم ” مصر ” و إعتناء ” بكل المصريين ” هي القوة التي ستتمك?ن من سحب الغطاء السياسي والشعبي باتجاهها بقدر اكبر , وهي القوة التي ستس?تمر وستفرض حضورها وتأثيرها في المشهد المصري القادم . بينما ستتقلص ويتقلص تأثير القوة التي ستنطلق من مفهوم تيار او حزب او جماعة او طائفة او طرف وستع?تني فقط بجزء من المصريين ايا كانت توصيفاتهم . وفي ضل المعطيات الحالي?ة يضل? احتمال ان لا تعي ايا من القوى في مصر هذه الحاجة الفعلية لها وتمضي في العمل مستقبلا بذات أسلوبها المت?بع حاليا قائما , واذا ما وقع هذا الاحتمال فستدخل مصر في حال سيئ سيعصف بالجميع , و حينها سيتحمل الجميع مسئولية ” إهدار ” مصر .
هذا الاحتمال هو ما نتمن