وطـــــن?ْ ي?ِحـت?ِـر?ق?
لقد مر?ِ?ت علي مصر أوقات عصيبة مابين احتلال وثورات وانتفاضات وفي كل مرة تخرج فيها مصر من الأزمة أقوى وأصلب بل وأقدر على مواجهة أي صعاب ومتحد??ية أي أزمة وساعية قدما?ٍ وبخطى واثقة نحو الأفضل? وهذه حقيقة مؤكدة والتاريخ خير شاهد ودليل.
لقد تحملت مصر الكثير علي مر?? العصور وعانت علي مر?? الأزمان? بداية من الاحتلال وانتهاءا?ٍ بالثورات والحروب ضد الظلم والطغيان? وتخرج قوية صامدة متحدية كل الظروف والحواجز التي كانت حجرة عثرة في تحقيق المسار الصحيح نحو الهدف المرجو للمحافظة علي حضارتها العريقة.
إلا ان الوضع اختلف بعض الشيء منذ اندلاع ثورة يناير? الثورة التي كانت ملهمة لجموع الشعب المصري الذي أبى الطغيان ورفض الانصياع لواقع مرير يوحي بالظلم. الثورة التي ألهمت المصريين بفكرة التغيير المحتم الذي كان الهدف المحدد من أجل الأفضل.
لكن الأمر الآن وبعد توالي الأحداث التي وقعت علي مدار السنوات الثلاث الماضية أوضحت لنا أن الثورة انحرفت عن مسارها الحقيقي وعن هدفها المرجو! فالرؤيا غير واضحة الصورة? باتت مشوشة? طريق التغيير والديمقراطية بات أقرب إلى السراب.
التغيير الذي نادى به الجميع واتخذ منه هدفا?ٍ منشودا?ٍ أصبح وبكل أسف بعيد المنال! يبتعد منا شيئا?ٍ فشيئا?ٍ ونحن وراءه راكضون. طريق طويل لا ينتهي أبدا كما توهمنا! فهل كان حلما?ٍ مشروعا?ٍ ولم نأخذ بالأسباب لتحقيقه أم أنها حقيقة ترتدي ثوب الوهم أصبحت شيئا?ٍ من المستحيلات?! أليس من حقنا الحلم أم أن الأحلام هي الأخرى لم تعد من حقنا كشعب يريد الافضل?
الاقتراب أكثر من إجابة هذه الأسئلة تتضح عندما نضع أيدينا على المشكلة الرئيسية ألا وهي سيطرة لعبة السياسة المتحركة والكراسي المصلحية واختلاط المفاهيم الدينية وجعل الدين في كنف السياسة فأصبحت العملية السياسية مسيطرة على المشهد وبات ينظر الجميع لمصر علي أنها المحرك السياسي في منطقة الشرق الاوسط باعتبارها قلب العروبة وعقل الشرق الأوسط بأكمله? فأصبحت جميع الأيادي تمتد إليها وأصبح العالم الخارجي ينظر ويترقب لها بشغف ويريد التدخل وتنصيب نفسه راعيا?ٍ رسميا?ٍ لمجريات العملية السياسية ليكون في المقدمة وفي الصورة المشوهة.
إذا?ٍ نحن أمام حقيقة مؤكدة وهي أن مصر محاطة بحصارين? أولهما داخلي يتمثل في الصراع على السلطة والحكم والمصلحة الشخصية وهيمنة فصيل دون آخر وعدم وجود مبادرات حقيقية يجتمع عليها كافة طوائف الشعب هذا من ناحية. الحصار الآخر هو الخارجي والمحاولات البائدة للتدخل في شئون مصر وبالتالي الشرق الأوسط.
لكن دعونا نواجه الحقيقة الموجعة ألا وهي خطورة المشكلة الداخلية الأخطر والأعمق بكثير? هذا بعد شعورنا المؤكد بالفرقة والانقسام والتناحر بل والتقاتل للدفاع عن مصالح سلطوية? لكن انقسامنا بين مؤيد ومعارض كان أمرا?ٍ طبيعيا?ٍ ومقبولا?ٍ فهذا أمرا?ٍ?ْ غالبا?ٍ ما يحدث في معظم الشعوب فكل طرف يري وجهة نظره صحيحة وأنه على صواب بل ويدافع عن فكرته وهدفه. أما الخطورة تكمن عندما نقترب من مشاهد الحرب الأهلية التي عاشتها مصر بالأمس! قتلى وجرحى وحرائق أشبه بحريق القاهرة من قبل? عنف ودماء تسيل وقتلى مصريين بأيدي مصرية سواء اتفقنا او اختلفنا عن السبب الغير المبرر للقتل هذه في وجهة نظري الأخطر من أي شيء يهدد أمن مصر واستقرارها.
السؤال الآن وماذا بعد?! لقد عاش الجميع ليلة دامية بكل المقاييس? مشهدا?ٍ?ْ دراميا?ٍ?ْ لا يمكن أن نتخيله في أي مكان آخر أوفي أي بلدا?ٍ? أخرى سوى مصر! فسقوط هذا العدد من القتلى والجرحى يجعلنا نقترب من المشهد في سوريا أو العراق بعدما تم تدمير جيشهما بتخطيط واضح من الخارج.
ترى! هل جاء الدور عليكي يا قلب العروبة ونبضها?! هل سيتركك ابناؤك تلفظين أنفاسكي الأخيرة ويتركون وطنهم ينزف?!
لابد وأن ينأى الشعب المصري أجمعه عن هذه المخاطر التي لا ي?ْحمد عقباها والنار التي تقضي علي الأخضر واليابس. الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو وحدة الصف? هي الحل والحوار البن?ِ?اء لمصلحة مصر فقط? لابد وأن يتخلى الجميع عن عباءة المصلحة ويرتدي ثوب الوطن ويحميه فهو أغلى من أي مصلحة وأهواء شخصية.
فهل لدى المصريين الاستعداد للتضحية لإنقاذ مصر? هل لدى أحد الرغبة في أن يعيد مصر لسابق عهدها? الآن قد تكون رغبة?ٍ أو اختيارا?ٍ وليس واجبا?ٍ? فالواجب سيأتي حتما?ٍ عندما نرى تدخلا?ٍ خارجيا?ٍ! المشهد الذي لابد وأن يكون بعيدا?ٍ عن أعين الجميع وأعتقد أن أي مصري حر شريف م?ْحب لوطنه? لا يرغب في رؤية هذا السيناريو الدامي أو المخطط الفاشي أوالتدخ?ْ?ل الأحمق في شأن مصر الداخلي. مصر للمصريين دون جدال? فلابد وأن يقف الجميع علي مقربة ومسافة واحدة من مصلحة الوطن والفرصة مازالت متاحة لنا جميعا?ٍ لارتداء الوطن والاحتواء به وإطفاء نار وطن يحترق.
مصر فوق الجميع
* سفيرة النوايا الحسنة باللجنة الدولية لحقوق الإنسان (IHRC)