فخامته لم يحرك ساكنا
جوهر الاحداث التي اتت بفخامة الرئيس هادي الى سد?ة الحكم هو الفساد واسع النطاق الذي كان ممارس في فترة تولي الرئيس صالح الحكم في البلد , فنظام الرئيس صالح كان يمارس الفساد ويشجع على ممارسته , ولا ابالغ اذا قلت انه لم يحصل على قرار جمهوري بالتعيين في منصب رفيع في فترة حكمه الا من أو?غل في الفساد وفي النهب , وكان ” مزاج ” القرارات الجمهورية هذا معروف للجميع , والعديد من مسئولي فترته كانوا يعملون على ان يكونوا من ” المبر?زين ” في الفساد لانهم يعرفون انهم سيكافئون بالترفيع .
كان الرئيس صالح ونظامه يعون انهم ينهبون , ولكي ” يتركوا في حالهم ” تركوا هم من اراد من غيرهم ان ينهب لينهب , ولذلك فطوال فترة حكمه التي اصبحت في الفساد والنهب اشهر من نار على علم , لم يحاسب فاسد واحد على فساده !! .
حل الفاسدون في كل مواقع الدولة الرسمية , واصبح ” المسئولون ” هم اثرى اثرياء البلد وكله من ” ظهر ” الوزارات والمؤسسات والمرافق التي تولوها . ولم يقف الامر هنا ولكنه وصل الى الكثير من الشخصيات العامة غير الحكومية فافسدها واشترى ذممها , وهي بدورها أتقنت اللعبة واستباحت البلد طولا وعرضا , فكانت تخدم النظام الفاسد وتقبض ” اتعابها ” , او تبتز?ه وتأخذ ” حقها ” , واصبح حالها حال مسئولي الدولة في الثراء , وكله من ” ظهر ” المال العام والمصالح العامة . وسلمت البلد بذلك لأيدي ” السرق ” رسميا وشعبيا .
لم يقف الامر هنا ولكنه وصل الى كل من يمكنه ان يمارس الفساد و” القطقطة ” في اي موقع كان . فقد افسد المسئولون والشخصيات العامة اغلب من كانوا تحت تصرفهم , سواء باستخدامهم كمسه?لين ومنف?ذين لفسادهم و ” كله بحقه ” , او بتحويل كامل البيئة الى بيئة فاسده اجبرت الكثير ممن يعمل فيها على ان يفسدوا و ” كل على قدرة ” , واصبح ذلك هو الطريق الوحيد الذي بقي متاحا لمن اراد ان ” يكفي نفسه ” , بعد ان ذهب المسئولون والشخصيات بما هو مفترض ان يفي بكفايته الجميع .
لم يكن المسئولون والشخصيات العامة وجزء ممن هم تحت تصرفهم من موظفين وعسكر و ” منافعين ” الا عددا قليلا من شعب قوامه 24 مليون مواطن . وهذا العدد القليل تمكن من ان يحتكر على نفسه ما هو مفترض ان يستفيد منه الجميع من المال العام و من الثروات ومن المصالح ومن المنافع . وبلغ الحال في البلد مبلغا لم يعد من الممكن في ضله ان يستمر كدولة وكشعب مستقرين , واصبح اليمن بلدا فاشلا بكل المقاييس .
فشل الدولة هذا هو الذي هدد وحده الوطن . وجعل منه ساحة لا كثر من حرب منها ماشنتها الدولة على بعض من شعبها . وبلغت كل الصور السلبية في البلد حدا قياسيا , من بطالة ومن امراض ومن تردي خدمات ومن اختلالات امنية ومن هجرة ونزوح , وغير ذلك من المشكلات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وامنيا وخدماتيا .
خرج الملايين الى الميادين ” لاقتلاع ” هذا الفساد الغير مسبوق . ولا ننكر ان من بين تلك الملايين من كان يدفع به للخروج ” بعض النظام ” للكيد ” ببعض اخر من النظام ” , لكن دافع الخروج كان هو الفساد , لأنه حتى هولاء المدفوعين ” بالمكايدة ” لولا الفساد لما تمكن من دفعهم من إستخدامهم مستفيدا من الحاجة الفعلية والمحقة لهم في ” اقتلاع ” الفساد .
حاجة البلد الى ” إقتلاع ” الفساد هي التي دفعت بفخامة الرئيس هادي الى رئاسة البلد . وبالفعل آلت اليه البلد في حال صعب ومستعصي ولا مجال لإنكار ذلك . ولكن السؤال الذي سنوجهه له : ما الذي فعلته فخامتك في سبيل مواجهة جوهر مشكلة البلد هذه ( الفساد ) ?! .
توالت فضائح حكومة الوفاق في التصرف العابث بالمال العام وبالمصلحة العامة في عهدك بصورة لا تقل عن فضائح حكومات العهد السابق ! . تم توريطك في التوظيف والتجنيد النفوذي وعلنا ! . لم تهتم بموضوع تصحيح حال هيئة مكافحة الفساد ولم تزر اجهزة الرقابة الاخرى في البلد ولم تشد عليها او تتابع ادائها ولو قليلا ! . تم استخدمك في تكريس النفوذ وتكريس الفساد بقرارات التعيين التي تصدرها والتي لا تستند على مبدا الكفاءة والتأهيل لمرة واحده ! . لم تغي?ر احدا ممن ذاع صيتهم وفاح ريحهم بالفساد في الماضي , ولا زال ذائعا وفائحا في عهدك ! . و لم تهاجم الفساد و المفسدين بحقهما من الهجوم في اي مناسبة او اي خطاب لك ! .
اتفهم كثير ملابسات الظرف المتأزم في البلد وحاجته لشيء من الليونة , وانه يفرض على فخامة الرئيس الاقدام على خطوات لا يقتنع بها , او الاحجام عن خطوات كان يجب عليه القيام بها , وكثير ما كتبت للفت نظر الناس لهذا الامر ومناشدتهم مساندته . ولكن عدم القيام باي شيء تجاه الفساد والمفسدين هو امر لا يمكن تبريره بملابسات الظرف الذي يمر به البلد , فبالإمكان القيام بقدر متناسب من مواجهته , بل يفترض ذلك كخطوة من خطوات المعالجة لظرف البلد المتأزم هذا .
قد نقبل ان لا تكون مواجهة الفساد تلك المواجهة الواسعة – والتي هي ابتداء مفترضة ومطلوبة للبلد – وذلك كون مواجهة جزء من ذلك الفساد يتطلب بيئة سياسية لم تتوفر في البلد