الحديدة… وصندوقها الأسود
تنام وتصحو محافظة الحديدة على قدر كبير من الإيرادات? فهي ميناء هام? وممر ومستورد للقات? ومصدر للمنتجات الزراعية? اضافة لكونها محطة سياحية يرتادها المصطافون? الى غير من الثروات التي تزخر بها المحافظة? وتجعلها من المحافظات الغنية –رغم ان اهلها ليسوا كذلك- ومما زاد المحافظة ايرادات اضافية انشاء صندوق النظافة والتحسين? والذي مكن السلطة المحلية من أن يكون لها رافد اضافي من الايرادات.
أصبح الجميع يطلق على صندوق النظافة والتحسين بالصندوق الأسود? نظرا لعدم الشفافية والوضوح التي يعمل بها? كما انه لا يخضع للمراقبة من الجهات المختصة ماليا –هو وبقية امثاله بالمحافظات – والانكى من ذلك ألا يعالج الصندوق مشكلة النظافة التي انشأ من أجلها? كما انه لا يساهم في تحسين إلا جيوب..
من يزور الحديدة قد لا يرى سمك أرصفتها? من كثرة القمامة التي تتكدس عليها? ولن نتحدث عن الازقة والحواري? فأبواب الاهالي يصعب الوصول اليها من الزبالة المترامية حولها? وعندما سألت عن السبب? عرفت بأن الاضراب الشهري الذي يشنه عاملوا الصندوق? بسبب ما يسمونه عدم اهتمام مجلس ادارة الصندوق بهم.
لكن ما استوقفني عند سؤالي لأحد عمال النظافة عن سبب الاضراب الحالي? تأكيده أن مدير الصندوق الحالي –رفعت فقيرة- يعمل الكثير من أجل تحسين أوضاعهم? وهو ما أسفر عن تخصيص بدل علاج سنوي مقداره 30 الف ريال? إضافة لاستكمال اجراءات تثبيت بعضهم ? وإكمال الاراضي الخاصة بهم.. قلت له : كل ذلك رائع? فقال لي : لا? لأنهم يضايقون هذا المدير لموقفع الطيب تجاهنا? ولقربه منا? حتى انهم اعطوه اجازة مفتوحة? وعينوا نائبه بدلا عنه? ومع تعدد التعيينات نرى أن المختصون في البيئة مغيبون عن المشهد.
عرفت حينها لماذا تملئ الوساخة كل اركان المدينة? لتشكل مع المجاري? والإطفاءات الكهربائية المتكررة يوميا -مع انه تم تخفيفها بحيث لم تعد تنطفئ من الفجر وحتى صلاة العصر- ثالوثا مرعبا يقتل ساكنيها كل يوم? الغريب أن المهندس رفعت فقيرة –مدير الصندوق الحالي- لم يمر على تقلده المنصب عدة أشهر? شهدت خلالها المدينة? حالة طيبة من الانضباط في النظافة? نتيجة الاستقرار الوظيفي الذي بدأ يحس به العاملون? لكن هذا الأمر? لم يرق للبعض تحت بند المناكفات الحزبية? فعمل على تسليط العمود النائم دائما -النقابة- والتي يفترض انها تقف الى جوار العامل لا ضده.
صندوق الحديدة –الاسود- تعرض رصيده للكشف أكثر من مرة? ويعجز عن تسديد مرتبات موظفيه البالغ عددهم (2000) والمقدرة 62 مليون ريال شهريا? اضافة الى الاضافيات الاسبوعية والبالغة 12 مليون ريال? الى جانب دفع رواتب المتعاقدين في المحافظة منه? وهذا ناتج عن تدني ايرادات الصندوق –خاصة مع عامي الازمة- لعدم دفع الجهات لما عليها من التزامات مالية من جهة? وللاستنزاف الكبير الواقع على الصندوق من جهة ثانية? فالصندوق عبارة عن مركز للمراضاة والمحاباة? ولكسب ود ص أو س.
يكاد يكون الصندوق هو البوابة الرئيسية لتغطية النفقات الجانبية للمحافظة? فمنه يتقاضى من لا يستحق ما لا يتصوره البعض? مثل : بدل بترول? اتصالات? نثريات? بدل سكن? وبدل….. الخ? حتى تحول الصندوق من نظافة الى بدل أي شيئ تتصوره? وبهذا تذهب مقدرات الصندوق الى غير مستحقيها? ويبقى العاملون فيه? هم الحلقة الاضعف? ولهذا كلما ذهبت تلك النفقات الى غيرهم? كلما رأيت المدينة غارقة في الاوساخ النتنة? خاصة في شهر الصوم.
الصندوق لا يغطي الا مديريات مركز المحافظة وبعض المديريات? أما بقية 27 مديرية? فلها الله? فهي تشهد حالة كارثية من تجمع النفايات? والتي هي سبب الامراض التي تستوطن تهامة دائما? وتودي بحياة أهلها? فيما المستفيدون من خيرات الصندوق? ينعمون بالتداوي في أحسن المستشفيات الداخلية والخارجية? وبدأ الناس يضيقون من هذا الوضع? وهذا ما جعل الاهالي يخرجون بمسيرة? سميت بمسيرة الحفاظات? لأنهم لبسوها? وعندما وصلوا لمنزل المحافظ –الذي لم يخرج لاستقباله- ألقوها بجانبه? وعلى ما سمعنا لم يكن من الاخ المحافظ الا أن دعا لاجتماع عاجل للسلطة المحلية? سلم كل واحد منهم حفاظة? وهذا دليل عن التردي الكبير للأوضاع البيئية بالحديدة.
يفترض أن يكون للصندوق معدات حديثة? من الاحجام الصغيرة التي تستطيع ان تدخل للحارات الضيقة? على أن توضع صناديق ثابتة? يقوم العاملون بتفريغها يوميا? فالندوات والمطويات والملصقات التي يصرف الصندوق عليها الكثير? لا تغني عن الاساسيات التي يمكن للعامل أن يبدع بها? وأهمها على الاطلاق الاستقرار الوظيفي? اضافة الى وقف مخصصات كل من ليس له علاقة بالنظافة والتحسين.
اتمنى أن يحس الجميع بأهمية النظافة? وأن يقوم الحراك التهامي بحملة نظافة للمدينة? فالأهالي سوف يستشعرون هذه الخطوة المهمة? فإعمال قليلة ولكنها كبيرة في حجمها? أفضل بكثير اقامة التجمعات اليومية? فهي تظهر مدى قرب هذه المكونات من هموم الناس? وتعري بجلاء ضعف السلطة المحلية في القيام بواجبها.