مصر بين مطرقة أمريكا وسندان السعودية
أثبتت ثورة الشعب المصري في 25 يناير والتي أسقطت نظام مبارك أن نظام حكم الفئة القلية الطاغية من العسكر يصبح هشا?ٍ في مواجهة الانتفاضات الشعبية ضد تلك الأنظمة العسكرية القمعية ? وأن السلطة هي بالفعل بيد الشعب ? كما أثبتت أن الجيش المصري هو جيش وطني وملك للشعب المصري وصمام أمان لمصر وللمصريين ? من خلال تغليبه للمصلحة الوطنية وأمن واستقرار مصر على المصلحة الضيقة للفئة القلية الطاغية من العسكر.
هذه التغيرات والتطورات المفاجئة والغير مخطط لها ( التي كانت نتاجا?ٍ للعقود الطويلة من الظلم والطغيان الذي مارسها نظام مبارك بحق بالشعب المصري وجعله يقبل طوعا?ٍ بكيان العدو الإسرائيلي ) شكلت بلا شك خطرا?ٍ حقيقيا?ٍ لأمن كيان العدو الإسرائيلي ? لاسيما وأن الجيش المصري يخضع في الأخير لسلطة الشعب المصري ? سلطة الشارع التي تطغى على سلطة القصور وسياساتها الموجهة صوب العمالة والارتهان للخارج ? بغض النظر عمن يقطن في تلك القصور الرئاسية من زعماء جماعات تكفيرية ? أو زعماء تيارات ليبرالية منفتحة .
ومن هذا المنطلق وفي ضل سعي أمريكا والدول العميلة لها في المنطقة لتنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة طويل المدى والشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى حماية أمن واستقرار كيان العدو الإسرائيلي في المنطقة من خلال نشر الفوضى والحروب الطائفية والصراعات السياسية في البلدان العربية بغية تدمير جيوشها ? وتقسيمها إلى دويلات ضعيفة.
فليس غريبا?ٍ أن تتباين مواقف أمريكا والسعودية إزاء دعم جماعة الإخوان التكفيرية في مواجهة انتفاضة الشعب المصري في 30 يونيو 2013م ? والتي أدت إلى عزل الرئيس مرسي من عرش مصر ? على الرغم من اتفاق تلك الدول على دعم ومؤازرة حركات الإخوان التكفيرية المسلحة وقتالها للجيش العربي السوري الذي يدخل في سياق لتنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة المذكور أنفا .
هذا التباين يظهر جليا?ٍ من خلال عدة مؤشرات أبرزها : قيام أمريكا بالتهديد بتعليق المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية الممنوحة لمصر بما يقارب 1.3 مليار دولار ? فيما قامت السعودية والإمارات بتقديم مساعدات مالية ضخمة لمصر بما يقارب ثمانية مليارات دولار والتي تعتبر الأولى من نوعها للدارة المصرية الجديدة .
وكذا على الصعيد الإعلامي قيام قناة الجزيرة (الأمريكية) بشن حملة إعلامية ضد من تسميهم بالانقلابيين على شرعية الرئيس مرسي ? في حين تتولى قناة العبرية السعودية شن حملة تؤيد انتفاضة الشباب المصري وعزل الرئيس مرسي ? حيث وصلت تلك الحملات الإعلامية ذروتها في الليلة الحمراء للإخوان ليلة عزل مرسي ? حيث تم إيقاف بث جميع القنوات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان والذي يوحي أن ذلك دب?ْر بليل .
بالإضافة إلى غموض الموقف الأمريكي والتواطؤ حيال المهلة 48 ساعة التي أعطاها الجيش للرئيس مرسي وعدم اتخاذه لإجراءات واضحة من شأنها أن تمنع عزل مرسي من الكرسي .
وبذلك فأن هذا التباين الواضح يشير إلى سيناريو ” لتبادل الأدوار” بين أمريكا وقطر من جهة ? والسعودية والإمارات من جهة أخرى ? ووضع مصر بين مطرقة أمريكا وأداتها جماعات الإخوان التكفيرية ? وسندان السعودية وأموالها التي تستخدم لشراء القرار المصري ? والذي يدخل بلا شك في سياق مخطط الفوضى الخلاقة.
هذا السيناريو يتضمن قيام أمريكا بدعم جماعه الإخوان التكفيرية وتحريضها على قتال الانقلابيين عن ملة المرشد المجيد (الجيش المصري) بدليل ما يحدث حاليا?ٍ من هجمات مسلحة لمواقع للجيش المصري ? وما تعرض له مقر الحرس الجمهوري في بالقاهرة من محاولة اقتحام من قبل عناصر تلك الجماعات ? وذلك بالتزامن مع تصريحات بعض قادة الجماعة بأن استمرار ما يسمونه بالانقلاب على الشرعية سيحول الأحداث في مصر إلى ما يحدث حاليا?ٍ في سوريا ? في الإشارة إلى إمكانية إنشاء الجيش المصري الحر في بلاد مصر يظم نخبة من المقاتلين المستوردين من فلسطين المحتلة !? وأفغانستان … الخ ? لاسيما بعد صدور فتأوي بوجوب الجهاد في سوريا ? على اعتبار أن له الأولوية على الجهاد في فلسطين, نظرا?ٍ لأن الجرح الفلسطيني قد توقف نزيفه .
وبذلك فأن أمريكا (من خلال الجيش السوري الحر الذي يتولى إثارة الفوضى والقتل والدمار في سوريا ? وإمكانية إنشاء الجيش المصري الحر في مصر) قد نجحت في حرف بوصلة الجهاد ? من القتال والجهاد ضد كيان العدو الإسرائيلي (لتحرير الأراضي العربية المحتلة ) إلى القتال والجهاد مع كيان العدو الإسرائيلي حفاظا?ٍ على أمنة واستقراره من خطر الروافض والانقلابيين .