“الشــــرعية الشــــعبية” حين تتحـــــول إلى خيــــــانة للشـــــعب
“أنا حارس الشرعية”? هكذا تحدث الرئيس المصري محمد مرسي إلى شعبه الذي يطالبه بالتنحي عن السلطة.
في خطابه الليلة? تكررت كلمة “الشرعية” كثيرا?ٍ? بل وكثيرا?ٍ جدا?ٍ: قال إنه سيحافظ على الشرعية وأكد أنه مستعد للدفاع عنها والتضحية بكل شيء من أجلها! إن كان هناك من شيء هام خرجت به من خطاب مرسي? فهو أن: الرئيس الذي يعلن يوما?ٍ تشبثه بـ”الشرعية” وإستعداده للدفاع عنها هو بالضرورة رئيس غير شرعي.
في حالة مرسي? يبدو هذا واضحا?ٍ جدا?ٍ بل وساطعا?ٍ للغاية. ردد كلمة “الشرعية” مرارا?ٍ وتكرارا?ٍ? دعا مؤيديه للذود عنها? وأكد إستعداده هو نفسه للموت دونها! إن الحضور الكاسح لـ”الشرعية” في خطاب أي حاكم ليس أكثر من تعويض يائس عن غياب “شرعيته” في الواقع.
لم يلق? مرسي خطاب الليلة في وجه شعب راض?ُ عنه وسعيد به? ألقاه في وجه شعب رافض له وغاضب جدا منه لدرجة اضطر عندها هذا الشعب للخروج إلى الشوارع بالملايين لإبلاغه بهذا الرفض وهذا الغضب. ملايين الحناجر تدوي الآن في أرجاء مصر كلها بصيحة “ارحل”? الصيحة المزلزلة التي كث?ْر?ِت وأزدادت قوة وحدة بعد الخطاب.
الرئيس الذي يعلن إستعداده للدفاع عن الشرعية هو رئيس غير شرعي لأنه بالضرورة يدافع عن “شرعيته” في مواجهة شعبه. نادرا ما تواجه شرعية رئيس بلد ما عدوا خارجيا لأنه نادرا ما تشهد الساحة الدولية نزاعا من هذا النوع. وفي حال تعرض بلد لنزاع من هذا النوع كما رأينا في العراق بالأمس ونرى في سوريا اليوم? فإن رئيس هذا البلد لا يتحدث عن استعداده للدفاع عن “شرعيته” لأن لديه سببا?ٍ آخر أنبل وأعظم: دفاعه عن شعبه ووطنه. هذا سبب نبيل وفخور جدا?ٍ بنفسه أكثر من أي سبب آخر يمكننا تصوره? وغالبا ما يخلع العدوان الخارجي على الرؤساء غير الشرعيين شرعية شعبية بشكل أو بآخر.
في حالة مرسي? يبدو هذا واضحا?ٍ أكثر. الثورة التي يواجهها هي أكبر تجمع بشري في مظاهرة سياسية واحدة تحدث في آن واحد تحت هدف واحد ليس في تاريخ مصر ومنطقة الشرق الأوسط فحسب? بل إنها الأكبر في تاريخ العالم كما وصفت وسائل الإعلام العالمية ثورة 30 يونيو 2013. يعني هذا بعبارة أخرى أن الرئيس محمد مرسي العياط دخل التاريخ بوصفه الرئيس الذي واجه أكبر ثورة شعبية في تاريخ البشرية.
الرئيس غير الشرعي الذي يتشبث بـ”الشرعية” في مواجهة شعبه غالبا ما يتحول إلى رئيس خائن? هذا بالضبط ما يفعله محمد مرسي الذي يطالب الآن المجتمع الدولي بالتدخل في بلده ضد إرادة شعبه. لا غرابة أن خطابه هذا أتى بعد التحول في الموقف الأمريكي الذي أمده بالدعم في وجه شعبه? وهذا ليس أول شاهد على الخيانة الجارية الآن في مصر? فهناك الكثير منها: الدعم القطري لمرسي وجماعته مثلا يحدث ضد رغبة وإرادة الشعب المصري لهذا تزداد كراهية مصر والمصريين لقطر. ولابد للمصريين أن يكرهوا قطر لأن دعمها لمرسي والجماعة غالبا ما يترافق مع تدخل قطري واسع ومظلم في شؤون مصر? في أكثر شؤونها الداخلية حساسية وح?ْر?مة. ولا يمكنك القول إن استجلاب مرسي ونظامه قناصة ومقاتلين من “حماس” إلى مصر يأتي في إطار إتفاق ثنائي معلن بين القاهرة وغزة على التعاون في مجال “البستنة” وتزيين الميادين والشوارع بل في إطار الإستعداد لملأ الميادين والشوارع بالجثث? جثث المواطنين المصريين المطالبين بحق من حقوقهم الأساسية في بلدهم! ما هي الخيانة إذا لم يكن ما يفعله الرئيس المصري محمد مرسي الآن في مواجهة الشعب المصري والوطن المصري وجها?ٍ سافرا?ٍ لها?
أكد محمد مرسي على أنه مستعد للتضحية بنفسه دفاعا عن “الشرعية”? شرعيته هو! في وجه من? في وجه شعبه! هذا الرئيس الذي يواجه الآن أكبر ثورة شعبية في تاريخ العالم? يواجه إرادة شعبه بالعنف والإرهاب ومؤازرة أكثر من عدوان وعدو خارجي? وبإسم ماذا? بإسم الشرعية الشعبية!
عفوا?ٍ فخامة الرئيس: أنت لن تصبح “شهيد الشرعية” في حال قدمت حياتك دفاعا عنها. في عملية إستشهادية كهذه? أنت لن تدخل تاريخ مصر والعالم إلا بوصفك: “شهيد الخيانة”? لأنك في الحقيقة لست “حارس الشرعية”? بل “خائن الشرعية”.