الجرعة آتية لا ريب فيها
كثر الحديث عن جرعة جديدة ستتم عما قريب , البعض يؤكد انها ستكون مع هلال شهر رمضان المبارك الذي ننتظره , وما يميزها عن هلاله هو ان رؤيتها لن تحتاج للجنة شرعية للرؤية .
الخبر متداول في وسائل الاعلام المختلفة بشكل كبير . الحكومة لم تنفي او تأكد الخبر بصورة رسمية , وهذا الصمت من قبل الجانب الرسمي هو دائما الهدوء الذي يسبق العاصفة , هذا ما عتدنا عليه عبر تاريخنا ” التجري?عي ” الطويل , لا انكار ولا اثبات من الحكومة و” ما نسمع الا وقد قر?حت جرعتها في رؤوسنا ” .
السفير الامريكي ” نصح ” الفقراء في اليمن ” نصيحة ” من ذهب , بان لاشي في صالحهم اكثر من الجرعة القادمة , وبالتالي يكون قد اكد خبرها !! . زيارات ممثلي البنك الدولي لليمن ولقائتهم وتصريحاتهم وما يتواتر من ” علومهم ” , تؤكد انهم ” أوصوا ” الحكومة بجرعة جديدة . ومع السفير والبنك الدولي يجب ان ننسى حاجتنا للتأكيد او النفي من حكومتنا , لان ما سيتم هو ” نصيحة ” السفير و ” توصية ” البنك الدولي . لذلك فمن المؤكد ” ان الجرعة آتية لا ريب فيها ” , والمسألة مسألة وقت … الا اذا رحم الله عبادة .
كلما تحد?ث المتحد?ثون في الجرع , فالعادة هي ان يطلبوا من الحكومة ان ترحم وان تقدر ظروف المواطنين الضعفاء المعوزين , وان تتفهم ان ملايين اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر, ولن يطيقوا تحم?ل اي زيادات سعرية جديده . ولكن هذا الحديث لم يجدي نفعا ولوا لمرة واحدة , فالحكومة لا ترحم ” ومن لا يرحم لا يرحم ” ولا تفهم ” وكلمه رطل يفهم وقية ” . ولهذا لن اكرر الحديث الذي به ” نتري?حم ” لمن لا يرحم , والحال في البلد تعرفه الحكومة تماما , وتعرف كم نحن شعب بأس و لدرجة مخيفة .
لسان حال الحكومة – اذا نفذت جرعتها – سيكون ان الاقتصاد هو علم , و الجرع التي تتم , تأتي بناء على ” نظريات ” و ” دراسات ” اقتصادية و ” استشارات ” و ” توصيات ” خبراء في الاقتصاد , و ان ما تنفذه هو صحيح ومدروس وعلمي , وشاهدها على ذلك هو البنك الدولي و ” توصيته ” , كلام السفير الامريكي و ” نصيحته ” . ونحن لا نريد ان ندخل في ” صدام ” مع ” العلم ” ومع ” العلماء ” , وسنسلم بلسان حال الحكومة و ” بالتوصية ” و ” النصيحة ” . ولكننا لن نرضى ابدا بنصف معادلة .
كمتخصص في الشأن المالي والرقابي , أجزم انه لو نفذت الحكومة جرعة تفوق ما يخطط له بمئات الاضعاف , فان مشكلة البلد الاقتصادية لن تحل ولن تخفف حتى . ليس لان النظريات العلمية لا تنطبق في اليمن , ولكن لأننا لا نعترف بنصف المعادلة الاخر .
في اليمن نحن امام معادلة نصفها الاول هو فساد يلتهم الموارد المتاحة , ونصفها الثاني هو الحاجة لزيادة الموارد , وتاريخ ” التجريع ” في البلد هو اننا نعمل على زيادة الموارد , دون ان نعمل شيء في مواجهة الفساد الذي يلتهم تلك الموارد .
بوضوح ما تفعله الحكومة يا كرام من خلال ما تصوره على انه اصلاحات اقتصادية , تأتي في صورة جرع وغيرها , هو زيادة في الجبايات من المواطنين المعوزين , الذين بالكاد يجدون ما يسي?رون به حياتهم , وتضع ما تجبي?ه بين يدي الفاسدين لينهبوه وينم?ون به ثرواتهم الخاصة .
ما ستفعله الحكومة – اذا ما مضت في جرعتها – هو انها ستجبي اموالا من المواطنين الضعفاء , كزياده في اسعار الوقود يتبعه زياده في اسعار كل شيء , وتقدمه للمتسل?طين وللفاسدين في شكل ارباح لشركاتهم التي تستثمر كل ثروات البلد , وفي شكل سيارات ونفقات وسفريات واعتمادات , وفي ثمن شراء لذ?مم وفي استرضاء ” العتاولة ” وفي غير ذلك من صور الفساد في البلد . الحكومة باختصار ستجمع منا للمتسلطي?ن والفاسدين والنافذين ما ينهبونه .
هذه المرة يجب ان لا تمر اي جرعة الا بعد ان يتم ايقاف هذا الفساد الذي لا حدود له في البلد , وانا على ثقه انه لو تم ايقاف الفساد فلن تحتاج الحكومة الى جرع ولا يحزنون , لان الفساد لا يقف عند نهب الموارد المتاحة ولا عند الاستثمار النفو?ذي للثروات , ولكنه يصل الى تعطي?ل الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة للبلد , و الى زيادة في اعباء السلبيات التي تتوسع في المجتمع نتيجة الفساد , كالجريمة والامراض والامية والتمرد ونحوه .
الجميع مدعوا لان يأد?ي دورة في حفظ هذا البلد وحماية موارده , يجب على الجميع ان يحدد معركته بوضوح , معركتنا جميعا هي فقط وفقط مع الفساد , الفاسدون هم اعدائنا في اي تيار واي اتجاه واي فئة واي حزب . يجب ان يقوم كل منا بما يستطيعه في مواجهة الفساد , وأهم من ذلك يجب على الجميع ان يضغط على الدولة والحكومة لوقف الفساد ايا كان شكله , وكائن من كان الذي يقوم به او يستفيد منه . ويجب ان يبدا هذا الضغط من الان , و قبل ان لا نحس? الا بالجرعة في الرأس
Alsharafi.ca@gmail.com