أبناؤنا والح?ْب??ْ القاتل !!
من المعروف عنا ـ نحن اليمانيين ـ أننا عاطفيون وهذا باعتقادي شيء?َ جميل?َ ? والأجمل أن تتلازم العاطفة مع العقل حتى لا يختل ميزان?ْ الحياة ? إنما المحزن?ْ والمؤسف?ْ بل والمأساوي أن تتحول هذه العاطفة الجياشة إلى حب?ُ قاتل?ُ ي?ْجرجرنا إلى اقتراف كبيرة من الكبائر اسمها « الغش »? والسؤال العريض الذي يطرح نفسه ? بحق م?ِن? ? أما الجواب?ْ وبكل بساطة : بحق أبنائنا ـ فلذات أكبادنا ـ وذلك عندما نستنفر كل??ِ جهودنا لنغشهم ونقضي على مستقبلهم بدلا?ٍ من أن نقف سدا?ٍ منيعا?ٍ بوجه كل من يفكر بهذا السلوك المشين الذي أصبح وباء?ٍ نتحمل?ْ جميعا?ٍ مسؤولية مكافحته واستئصاله لنضمن نشوء جيل?ُ معافى?ٍ من كل هذه الشوائب.
من الإجحاف أن نقول :إن الجميع غشاشون ?ومن المكابرة أن ننكر?ِ استشراء هذه الآفة في عدد كبير من المديريات والمحافظات ? لذلك فعلينا أن نناقش بواقعية ومسؤولية مدى الآثار التي ستترتب على تفشي مثل هذا الوباء المستعصي.
وإذا كانت الأمية والجهل يدفعان ببعض أولياء الأمور للزج بأبنائهم إلى هذه المحرقة بهذه الطريقة ? فما هي الأسباب والدوافع التي تجعل من بعض الآباء المسؤولين والمتعلمين يلجأون لمثل هذه الأساليب المجحفة دون النظر إلى عواقبها الوخيمة على البلد والمجتمع بل والطالب نفسه ?
لماذا وصل بنا هذا الحب??ْ القاتل?ْ إلى مرحلة أن نجعل من « الكم » فرضا?ٍ ومن « الكيف » نافلة?
ما الفائدة أن يحصل أبناؤنا على م?ْعدل 90 % ونحن نعلم علم اليقين أنهم سيسقطون في أول امتحان لهم عندما يتم قبولهم في كلية الطب أو الهندسة أو.. أو .. الخ?
هل فكرنا يوما?ٍ أننا بهذا الحب نجني عليهم ونجعلهم يكرهوننا طوال حياتهم ? كوننا نعرضهم لعشرات المواقف الم?ْحرجة وهم يدرسون في كليات لا يحفظون سوى اسمها .
وما الجدوى أن يتفوق أبناؤنا على الورق بينما حقيقت?ْهم عكس ذلك تماما?ٍ ?
يا جماعة .. لقد اكتوينا بنار هذه الآفة وعرفنا زملاء أودى بهم الغش إلى مراحل خطيرة حتى أن بعضهم فقد حياته بسبب عاطفة أولياء أمورنا وفشل بعض مدرسينا ومدراء مدارسنا.
أؤكد بل وأجزم أن التمادي في مثل هذه السلوكيات المشينة أخطر?ْ مما عداها لأنها متعلقة بمستقبل جيل ووطن وأؤكد أيضا?ٍ أن عددا?ٍ كبيرا?ٍ ممن بج?لهم شاعر?ْنا الكبير أحمد شوقي وأوصلهم إلى ما هو أدنى من الرسل لا يستحقون هذا اللقب الشريف « المعلم » كيف وهم يتسلقون على الشبابيك لتغشيش طلابهم ?.
حتى خطباء الجوامع ممن تقع?ْ على عاتق?هم مسؤولية محاربة مثل هذه الأدواء أصبح شغلهم الشاغل هي الحكومات المتعاقبة وارتفاع الأسعار وجمع التبرعات لجمعياتهم ? ولم نسمع إلا فيما ندر من ي?ْحذ?ر من مثل هذه السلوكيات الخطيرة وكيف نحمي المجتمع من شرورها ونصونه من تبعاتها .
أخيرا?ٍ .. ليتذك?ر الغشاشون والغشاشات أنهم بتصرفاتهم الرعناء يصنعون جيلا?ٍ فاشلا?ٍ ضرر?ْه أكثر?ْ من نفعه ? وأنهم يمنحون من لا يستحق ج?ْهد?ِ من سهر?ِ الليالي وبذل?ِ قصارى جهده لينفع وطنه وأمته ونفسه.
وأذك?ر?ْ الآباء?ِ الذين يتجمهرون على أبواب المراكز الامتحانية ويتصرفون بأساليب بدائية بوجه المراقبين وأعضاء اللجان كي يغشوا لأبنائهم ? إن ابنك هذا الذي تقاتل من أجل إسعاده لحظة?ٍ وإتعاسه العم?ْر?ِ?ِ كله ? سيأتي يوم?َ وكما قتلته بحبك سيقتلك بفشله ? لأنك ستذهب للتداوي عنده من داء القلب ـ إن نجح طبعا?ٍ ـ فيداويك بعلاج?ُ م?ْخصص للكبد ? وعندها لن ينفع الندم