مهلا?ٍ أستاذ هويدى.. إنه الأزهر الشريف!
الحمد لله..
ي?ْحكى أن الم?ْل?ا نصر الدين ج?ْحا ركب حماره وأخذ ابنه بخطامه? فلما مر?ا بنفر من الناس أخذوا يقولون: «يالقسوة قلب جحا? يركب الحمار ويترك ولده الصغير يمشى»! فنزل من حماره وأمر ولده ليركب? فلم?ا مر?ا بنفر آخر سمعهم يقولون: «يالسوء أدب الولد? يركب الحمار ويترك أباه يمشى»! فأنزل ولده ومشيا على أقدامهما? فلما مر?ا بنفر آخر سمعهم يقولون: «يالح?ْمق جحا وولده? يمشيان ويتركان ظهر الحمار»! فركب جحا وأردف ولده خلفه? فلما مر?ا بنفر آخر سمعهم يقولون: «جحا يركب ظهر الحمار هو وولده? أين الرحمة»?
فما كان من جحا إلا أن نزل وأنزل ولده وأمره أن يساعده فى أن يحملا الحمار!!
مناسبة القصة هى قراءة مقال الكاتب الصحفى المعروف الأستاذ فهمى هويدى بعنوان «رحلات شيخ الأزهر إلى الخليج»? حيث أنكر على الإمام الأكبر زيارته لعدد من دول الخليج? من منطلق أنها «مشبوهة»? لكونها أقرب ما تكون إلى السياسة منها إلى الدين!
كما ربط فى المقالة بين دعوة السعودية للإمام الأكبر وموقفه من الرئيس الإيرانى نجاد? واعتبر زيارة فضيلته للإمارات محل شبهة? لكونها زيارة لبلد ليس على وئام مع «الدولة» المصرية وربط بين وقوف مشيخة الأزهر على مسافة من الإخوان وخلفية الإمام الأكبر الصوفية? واعتبر رفض الإمام الأكبر لاستعراض «ألعاب القوى» لطلاب الأزهر? المنتمين إلى الإخوان وهم على هيئة استنكروها بعد ذلك من «البلاك بلوك»? موقفا?ٍ أثار مطامع السياسيين فى استثمار حادث تسمم طلبة الأزهر لدلالته على أن بين الإمام الأكبر والإخوان مسافة? بالرغم من اعترافه بأن شيخ الأزهر لم يقبل هذا التسييس? مع إغفال الأستاذ فهمى شبهة محاولة استثمار بعض رموز الإخوان للحادثة فى إحراج الإمام الأكبر بصراخهم فى مجلس الشورى ووسائل الإعلام بتحميله المسئولية السياسية? وإغفالهم المريب لشبهة كون الذين قادوا هتافات الطلاب المتطاولة بطلب إسقاط الإمام الأكبر هم من شباب الإخوان!
والحقيقة أن الشبهات حول موقف الأستاذ فهمى من الأزهر أصبحت هى محل التساؤل الجاد وليست زيارة الإمام الأكبر لدول عربية إسلامية تربطها بالأزهر وبمصر روابط متينة لا تهز?ها الاختلافات الجزئية ولا تزعزعها الإشكالات التى تحدثها تنظيمات تتولى الحكم فى فترات عابرة.
فقد قرأت مقالات عديدة للأستاذ? توالى فيها الهجوم على الأزهر ومواقفه ومشيخته على مختلف المستويات إلى حد أن استكثر فى مقاله «رحلة شيخ الأزهر» أن ي?ْعال?ِج الإمام الأكبر فى فرنسا على نفقة الدولة? معتبرا?ٍ دون تثب?ت?ُ أن مرض الإمام لا يستدعى السفر? بل افترض أن? فى ذلك إهانة للأطباء المصريين!
ثم تراجع عن ذلك حينما علم أن طبيب الإمام الأكبر? المصرى? هو من نصحه بالسفر إلى فرنسا بسبب القلق على عضلة قلبه? وأن الإمام الأكبر تحم?ل نفقة ابنه حين رافقه فى الرحلة وأن الإمام الأكبر رفض أن ت?ْرسل معه حراسة أو سكرتارية على نفقة الدولة وأنه رفض النزول فى فندق «5 نجوم» وأصر أن ينزل فى فندق «3 نجوم»? وسرد بعض ما علمه من مواقف تدل على ورع الإمام الأكبر.
وليس أحد منا فوق مستوى النقد? غير أن الإشكال هنا فى المسارعة إلى الافتراض السيئ والقراءة القائمة على سوء الظن وإثارة الشبهات دون اهتمام بالتحقق والتثب??ْت فى أمر متعلق بأعظم حصون الإسلام الفكرية والثقافية ومرجعية أهل السنة الكبرى فى العالم? وإلى درجة تصل إلى المسارعة فى تقديم الافتراض السيئ فى أمر يمس علاج قلب الإمام الأكبر!
ووجه المقارنة بين تكرر إثارة الشبهات على مشيخة الأزهر الشريف وقصة «حمار جحا» يظهر فى النقاط التالية:
– اعتبر الأستاذ فهمى زيارة شيخ الأزهر أقرب إلى السياسة منها إلى العلم والدعوة? معللا?ٍ ذلك بما اعتبره انتفاء للصفاء والوئام بين الإمارات و«الدولة المصرية»? وبالرغم من الخلط المستغرب بين الاختلاف مع تنظيم دولى يتصدر إدارة د?ف?ة النظام الحاكم والاختلاف مع «الدولة المصرية»? وكأنه بذلك يعيدنا إلى الخلط بين النظام والدولة? غير أنه لم يذكر أن الدعوة التى وج?هتها الإمارات كانت لتكريم الإمام الأكبر بجائزة شخصية العام ضمن جائزة الشيخ زايد الثقافية التى تبرع الإمام الأكبر بقيمتها المالية للأزهر الشريف مع تبرع الإمارات بمبلغ ٢٥٠ مليون درهم لعمارة سكن ملائم للطلاب وتطوير مكتبة الأزهر? وهذا ليس ببدعة فى موقف الإمارات الداعم للأزهر الشريف منذ عهد المؤسس الشيخ زايد ومشيخة الإمام عبدالحليم محمود? رحمهما الله? فالأزهر ي?ْمث?ل مرجعية دينية معتبرة لدى الإمارات.
– واعتبر زيارة الإمام الأكبر للسعودية أقرب إلى السياسة بسبب موقف الإمام الأكبر من تسييس إيران للاختلاف الطائفى? وهنا عاد الكاتب إلى الحكم بغير تثب?ت مع تغليب سوء الظن وتجاهل موقف الإمام الأكبر الم?ْشر?ف تجاه إهمال ترتيب رحلة وفد كبار العلماء إلى المملكة? حيث نزل من الطائرة وألغى الرحلة إلى السعودية فكان أن اعتذرت المملكة وأوضحت أن التقصير لم يكن مقصو