الصهيونية تعربد في سماء دمشق
لم يكن مستغربا?ٍ أن تعربد الطائرات الصهيونية في سماء دمشق في هذه المرحلة السوداء? وما كان سيبدو غير مستغرب ألا يحدث ذلك? وألا يستغل الكيان الصهيوني هذه الفرصة السانحة ليضرب ضربته لا في سماء دمشق وحدها وإنما في سماء أية عاصمة عربية? فالشعب العربي بأكمله غارق في مباراة الصراع الدائرة بين الأنظمة الحاكمة والمعارضات من ناحية ومشغول بمتابعة محنة الأشقاء في سوريا وشعبها العربي يأكل نفسه منذ عامين بعد أن انطلقت موجة الأحقاد من الكهوف ولم تجد رادعا?ٍ من دين أو خلق أو ضمير. وما يحدث في ذلك القطر العربي ليس سوى كابوس مفزع يطرد النوم من العيون والأمن من القلوب? أخوة يقتتلون بشراسة ويدمرون وطنهم لا لشيء إلا?ِ? للاستحواذ على السلطة التي لم تعد في عالم اليوم المليء بالأزمات تغري سوى الحمقى والجهلاء.
لم تسقط كل الشعارات والمبادئ الجميلة التي كانت على الألسنة? وإنما سقط معها الشعور بالأخوة وبالمواطنة كما سقطت كل الاستراتيجيات والمشاريع القومية والوطنية التي بشر بها المفكرون والمجاهدون. ومن المؤكد أن الكيان الصهيوني الذي أسهم ومن يسانده من قوى عالمية في إيصال الأقطار العربية إلى هذا المستوى? لا يهمه في الصراع الدائر في سوريا العربية من ينتصر أو ينكسر سوى القضاء على الجيش العربي السوري وتدمير إمكاناته العسكرية وأن لا تتوقف الحرب المشتعلة قبل أن يخرج هذا الجيش العظيم كما خرج من قبل الجيش العربي في العراق? ولا يبقى في الوطن العربي حينئذ أية قوة تهدد هذا الكيان الإرهابي وتردعه عن مواصلة صلفه واستهتاره. ولعل هذا الكيان اللعين استنتج أن الحرب الدائرة لم تتمكن حتى الآن من تدمير الجيش في سوريا بالصورة التي يراها ويريدها لذلك فقد تدخلت قواته العدوانية لتقوم بالمهمة.
وما يحزن? أن الكيان الصهيوني فعل فعلته? وهو في مأمن من الرد? وحتى من الاحتجاج ? فالأنظمة العربية القديم منها والجديد? إما في حالة نوم أو في حالة تشف?ُ? واستعداد لتقبل أوضاع ما بعد سقوط دمشق التي لن تكون مختلفة عن أوضاع ما بعد سقوط بغداد? وقد لا تتردد هذه الأنظمة المتشفية والسعيدة لما يجري في الشام عن إرسال مندوبيها إلى تل أبيب لتهنئة حكومة الكيان بما أحرزته من انتصار جديد على العرب الذين يأكلون بعضهم بشراهة منقطعة النظير? ولا غرابة أن يصبح الكيان هو سيد المنطقة بلا منازع بعد أن تساقطت الجهات المقاومة من حوله والتي كانت – رغم كل ما قيل ويقال – تشكل طوقا?ٍ حقيقيا?ٍ في لحظة أي اقتحام قادم.
وعلى الذين حاربوا العراق العربي وشاركوا في تدمير جيشه القوي? أن يتذكروا أن النتيجة السيئة التي خرجوا بها من تلك الحرب وتلك المشاركة لن تختلف كثيرا?ٍ في حالة تدمير الجيش في سوريا بل ستكون النتيجة أسوأ بما لا يقاس. وأكاد أرى هؤلاء وهم يعض?ون أناملهم ندما?ٍ وحسرة ولكن بعد فوات الأوان? والغريب أن قراءاتهم الماضية والراهنة والمستقبلية? تبدو في مستوى فاحش من الخطأ? أو بالأصح الخطايا? وأن التعصب الأعمى بالإضافة إلى الأخذ بنصائح الأعداء قد أربك سياساتهم وقادهم إلى مثل هذه المواقف التي تجعلهم ينسون أو يتناسون أهمية المثل العربي السائر: “أنا وأخي على ابن عمي? وأنا وأبن عمي على الغريب”? وما الغريب في حالتنا العربية سوى الشيطان? الشيطان الصهيوني الذي يتحض?ر للانقضاض على آخر معاقل الصمود والمواجهة في هذا الوطن المنكود.
الشاعر جلال الأحمدي يخرج الغابة من صدره :
الغابة في الكتابة الإبداعية رمز للمتاهة والقسوة والتوحش. والخروج من صدرها أو إخراجها من الصدر خطوة بالغة الأهمية لاستعادة النقاء والشعور بالبراءة والخلاص. وقد أثبت الشاعر جلال الأحمدي من خلال مجموعتيه السابقتين ثم في هذه المجموعة البديعة أنه يعيش في صميم الشعر? وأنه واحد من فرسان الحداثة الشعرية الصادرة عن إدراك عميق ومتقدم لمعنى الشعر ورسالته. والمجموعة صادرة عن دار “ميم” للنشر في الجزائر? وتقع في (208) من الصفحات? ومن القطع المتوسط.
تأملات شعرية :
لا العراق عراق?َ?
ولا الشام شام?َ?
ولا مصر مصر?َ?
ولا الناس في الأرض
ناس!
العروبة ألقت عصاها? ونامت
وإسلامنا تتنازعه المذهبيات
ماذا تبقى لأجيالنا
غير أن يشربوا ماء?ِ ذلتنا
ويذوقوا جحيم المهانة والانتكاس?!