هل هذه هي الثورة المنشودة?
خرجت المعلمة تصرخ في الممر بينما ترشق بكلماتها ذات اليمين وذات الشمال (قلة احترام من الإدارة ثم من الطالبات وهضم للحقوق من المسئولين فهل هذه الثورة التي تريدونها?) فتعالى صوت من الأسفل (ابنتي تم توقفيها بتهمة ملفقة _الغش_ بينما يمشي الغش على قدمين أو على أربع أو حتى بأجنحة ليصل حارا طازجا إلى كراسي بنات المعلمات والمسئولين فهل هذه الثورة التي تريدونها?)
وتعالى صوت ابعد بقليل (ق?َتل ابني دون سبب وط?َلب منا دفنه سريعا وفي صمت وعندما سألنا عن السبب أ?ْطعمت جثته لثلاجة منذ أشهر على أمل أن يلقى السبب نفس مصير ولدي فهل هذه الثورة التي خرجتم لأجلها?)
وتعالت أصوات ابعد بكثير ومن مصادر متعددة (يعوزنا الماء منذ أشهر والكهرباء في انقطاع متواصل وليت فواتيرهما لاقت نفس المصير لكنها في توفر وزيادة منقطعة النظير ?واعتداءات البترول والغاز والطرقات في تقطعات مخيفة والانفلات الأمني يجوب المدن متدثرا بالموت ومتلفعا بالخوف يصفر أغنية الرعب والخدمات في تدهور والغلاء والفقر والبطالة تنهش الآدمية فهل هذه الثورة التي تريدون?)
لكل هؤلاء يقول الواقع الثورة جاءت نتاج لكل ما ذكرتم وأكثر جاءت بعد تحول الوطن إلى خزينة ضخمة بحجمه تغذي جيوبا بعينها وأطماع اكبر حتى من جهنم(هل امتلأت وتقول هل من مزيد)جاءت الثورة لتطهر وطنا عجنه الطمع بالفقر والدم وخبزه في تنور الظلم والمصالح وأطعمه لأفواه لم تقترف أي ذنب إلا أنها قالت أنا يمني
جاءت الثورة لتحررنا من الأنانية في البحث عن المصلحة الواحدة الفردية للبحث عن المصلحة الواحدة كشعب ولشعب ولتحررنا من الخوف والتردد في طلب حقوقنا حتى لو كان الثمن ما خبرناه .جاءت الثورة لتزيل عن أعيننا الغشاوة لنرى الظلام والنور في آن ونميز بينهما فبضدها تتمايز الأشياء .جاءت الثورة لتظهر كل ما مضى واضحا جليا لنكتشف الفساد كله وليس فقط ما أ?َريد كشفه أو ج?َير كشفه لخدمة مصالحهم .
جاءت الثورة لنعي كشعب وليس كفرد أن بلادنا التي تغرق في السيول سنويا تعاني من مشاكل في المياه والكهربا وبلادنا التي تغرق في الغاز والثروة السمكية تعاني عوزا داخليا فيهما وبلادنا التي تغرق في الخبرات والمؤهلات والأفكار الخلاقة والأيدي العاملة الماهرة تعاني الجفاف والتصحر في العناية والالتفات لها حتى تحول أصحابها إلى مجانين يجوبون الشوارع ويمشون في اللاوعي ? جاءت الثورة لتكشف الغطاء عن قضايا وحقائق زائفة ظل الشعب موهوما بل مذعورا من وجودها وهي لم تتعدى كونها فزاعه ليس أكثر وأخرى توهم الشعب أنها ع?ْولجت بل واجتثت في وقت أنها أ?َبقيت جمر تحت الرماد توقد وت?َهدئ حسب المصلحة الشخصية والطلب ?جاءت الثورة لتضخ الدم الجديد لثورات تليدة تيبست عظامها بفعل التحنيط وتراخت عضلاتها بفعل التسليم لليأس وقلة الإيمان بالمستحيل وجفت دماؤها بفعل تقادم قوة ضخ الحق والخير والعمل في عروقها.