عيد العمال
كأي ظاهرة تاريخية لها بعدها الاجتماعي والإنساني ظل عيد العمال في الأول من مايو من كل عام محط إجماع كل البشر تقريبا ? القاسم المشترك بين الأمم بالنسبة لهذا اليوم ليس أيديولوجيا ولكنه النظر إلى العمل كقيمة يتوقف عليها نهضة الأمم وإلى العمال باعتبارهم التجسيد الفعلي لهذه الحقيقة .
لم يعد مفهوم العامل هو ذلك الشخص الذي يقف وراء مكنة البخار بلباسه الأزرق ووجنته التي يخضبها سواد الفحم أو شحم المكنة ذلك أن التطور الذي حدث في الحياة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية كان له أثره في إعادة بناء مفهوم جديد للعامل يرتبط ارتباطا قويا بفكرة الإنتاج التي تعيد إنتاج الاقتصاد على قاعدة أوسع من القيمة المضافة? أصبح الإنتاج الفكري اليوم جزءا هاما من البنية الاقتصادية ولم تعد هناك إمكانية لتعريف العامل على النحو الذي ظل يعرف به طبقيا للتمييز بينه وبين الفئات المنتجة الأخرى .
الارتباط الوثيق بالتعريف الموسع للطبقة العاملة اليوم يرتبط ارتباطا مباشرا بقيمة العمل في حياة المجتمع ثم إن التخصص الذي فرضه التطور التكنولوجي جعل إنتاج السلعة يخضع لدورة إنتاجية كاملة تبدأ بالبحوث وتنتهي بالمنتج النهائي الذي يخضع لسلسلة عمليات في خطوط إنتاج عديدة .
إن الاحتفال بعيد العمال اليوم يجب أن يجسد مكانة قيمة العمل في سلم القيم المختلفة لهذه المجتمعات? المجتمعات التي ضربت فيها قيمة العمل من خلال تشجيع الأنشطة الطفيلية وتخريب الإنتاج السلعي باعتباره المعادل الموضوعي لبناء طبقة عاملة منتجة? كانت عرضة لمواصلة إنتاج التخلف على أصعدة مختلفة? والذي يتابع ما جرى في اليمن خلال العقود الماضية يستطيع أن يستنتج بسهولة الأسباب التي أدت إلى حالة التفسخ العامة بسبب تراجع قيمة الإنتاج في الوعي الاجتماعي والبحث عن وسائل سريعة للإثراء مما أفرغ المجتمع من القوى التي شكلت على الدوام الضمان الحقيقي لتطوره .