رئيسة جمهورية الشامبو
في إحدى متابعتي الأسبوعية للبرامج الحوارية خصوصا تلك التي
تعنى بطرح قضايا الأسرة العربية في إحدى تلك البرامج لهذا الأسبوع استضافت إحدى القنوات مدير دعاية وإعلان لإحدى الشركات وكانت المقدمة قد جعلت صلب موضوع دقائقها المعدودة هو مدى استفادة الشركات من المرأة في الإعلان وواجهت ضيفها بسؤال التالي: هل استعمال المرأة دليل استفادة أم استغلال? فما كان من الضيف إلا أن استبسل في الشرح موضحا أن دور المرأة أصبح رياديا وفعال وأنها وكلما زاد ظهورها في الإعلانات للمنتجات فإنها تثبت بذلك أنها أصبحت كل المجتمع وليس نصفه وان دور (سي سيد )في تلاشي ملحوظ وهي بظهورها المكثف في الإعلانات للمنتجات تبرهن أنها أصبحت صاحبة القرار بل أصبحت صانعة القرار الأولى وتبرهن بذلك أنها أخذت الكثير من حقوقها وحققت بالفعل ما تصبوا إليه وأنها لم تعد تعامل أو حتى ينظر لها بنفس تلك النظرة القاصرة )طبعا كل هذه الخوارق حققتها المرأة العربية التي ظهرت في الإعلان فماذا عن تلك التي لم تظهر?!
– أتسأل هل يعتبر الظهور المفرط للمرأة في دعايات المنتجات دليل حصولها بالفعل على حقوقها في التوريث والتعليم واختيار شريك الحياة وهل ستحصل المرأة مستقبلا على الحق في الترشح لمنصب سياسي أو حتى رئاسي فقط من خلال ظهورها المكثف في دعاية لشامبو شعر أو حتى منظف لجدران الحمام ?ثم إني أعاود التساؤل ما هو وجه الشبه الذي يربط المرأة بعجلات السيارة أو ماكينتها أو حتى ماكينة حلاقة رجالية حتى تظهر الأولى في ترويج للأخيرة هل هي المتانة أم القوة أم الانوثه والرقة?ثم إن نفسي الأمارة بالتعجب والتساؤل تعاود الغواية مرة أخرى فتسأل أين المصداقية لشركات كبرى تضع حسناوات عشرينيات يظهرن في دعاية بلا شوائب ولا تجاعيد يعلن عن كريمات لشوائب والتخلص من التجاعيد وأخريات هن في الأصل عارضات أزياء أو حتى رياضيات يعلن عن منتجات يزعمن أنها ساعدتهن على الحصول على أجساد رشيقة في وقت أنهن كعارضات أو كرياضيات معروفات منذ سنوات تسبق ظهور المنتج أصلا.وكم هو محبط –واستغلالي- لكثير من النسوة تلك الإعلانات التي تصنع من المرأة سوبر ويمن فهي في الصباح موظفة ناجحة وفي الظهيرة تتحول إلى أم خارقة لا تفوتها فائتة في شؤون بيتها ولتنطلق بعد الظهيرة إلى النادي الرياضي في كامل رشاقتها ومنه إلى التسوق لتعود لتتحضر لسهرة رومانسية حالمة مع الزوج وكل هذا بفضل معطر عرق أو حتى صابون استحمام أو رقائق إفطار.
– الدعاية والإعلان إحدى الأسلحة
الكثيرة ذات الحدين والتي عجزنا عن استعمال حدها الايجابي إلا في أضيق الحدود و اكتفينا بتلقين المستهلك فنون الاستهلاكية البحتة ومبادئ الجشع والملل والاقتداء بأنماط دخيله لا تتناسب وخصوصيتنا العربية والإسلامية وأغفلنا تلك المحاولات الجادة للظهور ومن ثم الاستمرار ?ورغم أنها كانت تجارب معدودة إلا أنها كانت مؤثره جدا ولاقت صدى ممتاز واذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر إعلان أقم صلاتك قبل مماتك وإعلانات الإرهاب لا دين له و إعلان نبذ التطرف والإعلان الخاص بالحجاب وإعلان الترهيب من الغيبة والنميمة وإعلان يحث على الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن ومرضى الزهايمر مؤخرا .فمتى تجد الأفكار الخلاقة المماثلة طريقها للنور عبر الدعم والتنفيذ والمتابعة لدعم قضايا المرأة _ إن كان بالفعل القصد هو دعم قضاياها_عبر أكثر من عطر أو شامبو أو كريم أو استعمالها كداعم لتسويق عبر استغلالها? فإذا كانت اغلب تلك الشركات احترمت خصوصية بعض القنوات والتي رفضت بث إعلاناتها لنسوة سافرات فتجاوبت مع شروطها وقامت بعمل نسختين لإعلانها فان ذلك يفتح باب الأمل والتساؤل في آن واحد ما هي الحدود التي يمكن أن نصلها بالإعلان وما هي تلك الحدود التي لم نصلها بعد في درب الإعلان وكيف يمكننا ذلك و ما هي الحدود الحادة التي يمكن أن تسلط علينا أو يمكننا تسليطها على الآخر لخدمة قضايانا باستعمالنا للإعلان?!